سلايدرسياسة

كيف تُدار دولة عدد سكانها 1.3 مليار في حالة حظر صحي؟!

استمع الي المقالة

حذامى محجوب

تجربة تستحق الاهتمام يعرضها الوزير الاول الهندي نارندرا مودي، في مقال تحت عنوان « الحياة في ظل وباء الكوفيد 19 »

“لقد شهد مستهل هذا القرن اضطرابات واسعة النطاق من بينها وباء الكوفيد 19 الذي نشأت عنه الكثير من الصعوبات.
أصبح البيت بمثابة المكتب في أيامنا هذه وأصبحت الإنترنت بمثابة قاعة الاجتماع.
وأصبحت الاستراحات المكتبية مع الزملاء في عداد الماضي.
أنا شخصيا بصدد التأقلم مع هذه المتغيرات، إذ أصبحت جل الاجتماعات مع الزملاء من الوزراء أو المسؤولين أو رؤساء الدول تُعقَدُ عبر الانترنت.
وحتى أتمكّن من الحصول على ردود الفعل الأساسيّة الوافدة من مختلف أصحاب المصلحة، تم تنظيم اجتماعات عبر الفيديو مع العديد من مكونات المجتمع، حصلت خلالها تفاعلات مستفيضة مع المنظمات غير الحكوميّة ومكونات المجتمع المدني والمنظمات المجتمعيّة كما تم التفاعل مع راديو جوكيز Jockeys.
بالإضافة إلى ذلك، أجري يوميّا العديد من المكالمات الهاتفيّة لتلقي ردود الفعل من مختلف مكونات المجتمع.
وبالتمعّن في الطرق التي يواصل بها الناس عملهم في هذه الأيام، لمحنا بعض الفيديوهات الإبداعية الصادرة عن نجوم السينما الهندية التي يمررون فيها رسائل تحث الناس على البقاء في بيوتهم، وقام مطربونا بحفل غنائي عبر الانترنت، حتى إن لاعبي الشطرنج لعبوا لعبة الشطرنج رقميا، ليساهموا بدورهم في مكافحة وباء كوفيد 19. ياله من إبداع !
أصبح مكان العمل مُرقمَنا بالأساس، لِم لا؟
عادة ما يُحدث التحول التكنولوجي أثرا بالغا في حياة الفقراء بصفة خاصّة، فبفضل التكنولوجيا تُهدَمُ التسلسلات الهرمية البيروقراطية ويزول الوسطاء وتزداد وتيرة إجراءات الرفاهية.
سأسوق لكم مثالا على ذلك.
حينما حظينا بفرصة الخدمة سنة 2014، شرعنا في توصيل الهنود وخاصة الفقراء منهم بحساباتهم على Jan Dhan و Aadhar وأرقام هواتفهم المحمولة. ومهما بدا هذا التوصيل بسيطا للوهلة الأولى إلا أنه لم يقتصر على الحد من الفساد والتربح الذي استفحل لعقود وإنما مكّن الحكومة من تحويل الأموال عبر نقرة زر. وقد حلت هذه النقرة محل مستويات هرمية عديدة كانت تؤدي إلى أسابيع من الانتظار.
لعل الهند تمتلك أكبر بنية تحتية بالعالم في هذا المجال، وقد ساعدتنا هذه البنية التحتية كثيرا في تحويل الأموال مباشرة وفورا إلى الفقراء والمحتاجين مما جلب المنفعة لعديد العائلات خلال جائحة كوفيد 19.
نسوق لكم مثالا آخر وهو قطاع التعليم، فهناك العديد من المهنيين البارزين الذين يبدعون في هذا المجال كما لا يخفى علينا أن تنشيط التكنولوجيا في هذا القطاع له مزاياه. ومن هذا المنطلق، بذلت الحكومة الهندية جهودا في هذا الاتجاه ساهمت في إنشاء منصات إلكترونية كبوابة DIKSHA المعنيّة بمساعدة المُدرّسين والنهوض بالتعليم عن بعد، ومنصة SWAYAM التي تهدف إلى تحسين النفاذ والمساواة وجودة التعليم و E-Pathshalaالمتاحة بلغات عدة والتي تمكن من النفاذ إلى العديد من الكتب الالكترونية والأدوات التعليميّة.
يسعى العالم اليوم إلى تحقيق نماذج أعمال جديدة.
قد تكون الهند سبّاقة إلى توفير ثقافة عمل جديدة بما أنها بلد فتي يُعرف بحماسه وقدرته على الابتكار
في تصوري، سيتم إعادة صياغة ثقافة المؤسسات والعمل بناء على هذه الحروف المتحركة.
سميتها “الحروف المتحرّكة للنمط الطبيعي الجديد” لأنّها ستمثّل، شأنها شأن الحروف المتحركة في اللغة الإنجليزية، المكوّنات الأساسية لأي نموذج أعمال في العالم الذي يعقب وباء الكوفيد.
قابليّة التكيّف:
يستدعي الظرف الراهن التفكير في نماذج أعمال ونمط عيش يسهل التكيف في كنفها.
وبهذه الطريقة، يمكن أن تواصل مكاتبنا ومؤسساتنا وتجارتنا التقدم بنسق أسرع حتى في ظل تعاقب الأزمات ممّا يمكّن من استمرار دورة الحياة.
ولعلّ اعتماد آليّات الدفع المالي الرقمي أبرز مثال على التكيف، فعلى كبار وصغار أصحاب المحلات الاستثمار في الأدوات الرقمية التي تساهم في استمرار التجارة خاصة في زمن الأزمات، وقد قطعت الهند شوطا هائلا في المعاملات الرقميّة.
أسوق لكم مثالا آخر وهو التطبيب عن بعد، إذ تجري العديد من الاستشارات الطبية دون الذهاب إلى المصحات أو المستشفيات، ومرة أخرى هذا مؤشر إيجابي. فهل يمكن التفكير في نماذج أعمال من شأنها دفع التطبيب عن بعد عبر العالم؟
النجاعة:
لعل الوقت قد حان لإعادة التفكير فيما نصفه بالنجاعة.
وقد لا تقتصر النجاعة على الزمن المقضي في المكتب، إذ بات من الضروري التفكير في نماذج تكون فيها النجاعة والانتاجية أهم من مظهر الجهد.
ينبغي التشديد على ضرورة إنهاء المهمة في الزمن المحدّد.
الشموليّة:
لنطوّر نماذج أعمال تعزّز رعاية الفقراء والضعفاء وكوكبنا أيضا.
لقد قطعنا شوطا كبيرا في مكافحة التغير المناخي، وقد أثبتت لنا الطبيعة الأم مدى روعتها مبينة لنا حجم ازدهارها في ظل تقلص النشاط البشري. هناك مستقبل واعد يلوح في الآفاق إذا ما تم اعتماد التكنولوجيا والممارسات التي تقلّص آثارنا على ظهر الكوكب، فالحكمة تقتضي أن نفعل أكثر بأخف الأضرار.
لقد جعلنا وباء كوفيد 19 ندرك الحاجة الملحّة إلى العمل على إيجاد حلول في مجال الصحة بأقل الأسعار وعلى نطاق واسع، وقد نكون بمثابة النور الذي يرشد الجهود العالميّة لضمان الصحة والرفاهية للبشريّة جمعاء.
علينا الاستثمار في الابتكار لضمان وصول مزارعينا إلى المعلومات والآلات والأسواق ونفاذ مواطنينا إلى السلع الأساسيّة بغض النظر عن الوضع السائد.
الفرصة:
تخفي الأزمات في طياتها فرصا ولا يُستثنى وباء كوفيد 19 من هذه القاعدة.
لنقيّم الفرص أو مناطق النمو التي قد تنشأ بناء على هذا الوضع.
وبدل أن تسعى الهند إلى اللحاق بنظيراتها، يجدر بها أن تكون في صدارة العالم الذي يعقب وباء الكوفيد، لِنفكّر في السبل التي تؤدّي إلى استثمار شعبنا وكفاءاتنا وقدراتنا لبلوغ هذا المقصد.
الكونيّة:
لا ينظر وباء كوفيد 19 إلى العرق أو الدين أو اللون أو الطبقة الاجتماعيّة أو العقيدة أو اللغة أو الحدود قبل أن يسدّد ضربته.
وبناء على ذلك، ينبغي أن تتجه استجابتنا وتصرّفاتنا بعد ذلك نحو الوحدة والأخوة، فجميعنا يركبُ السفينةَ ذاتَها.
وبخلاف الوقائع التاريخية التي تتواجه فيها البلدان والمجتمعات ضد بعضها البعض، فإنّنا اليوم نواجه جميعا نفس العدو، وسيتجه المستقبل نحو التآزر والمرونة.
ينبغي على الأفكار الكبيرة التي ستنبع من الهند أن تجد صدى وقبولا وتطبيقا وقدرة على القيادة باتجاه التغير الإيجابي ليس في الهند وحسب وإنما على مستوى البشرية جمعاء.
لقد كانت اللوجستية تقتصر على البنى التحتية المادية التي تضم الطرقات والمستودعات والموانئ، غير أنه أصبح بمقدور الخبراء اللوجستيين اليوم التحكم في سلاسل الإمدادات العالميّة وهم مرفهون في بيوتهم.
إذا تمكنت الهند من إيجاد المقاربة المناسبة التي تمزج بين المادية والافتراضيّة فسيتسنى لها أن تغدو مركز العصب العالمي لسلاسل الإمدادات متعددة الجنسيّات الحديثة والمعقّدة في عالم ما بعد الكوفيد 19، لنتبوّأ تلك المنزلة ولنغتنم هذه الفرصة.
أدعوكم جميعا إلى التفكير فيما سبق ذكره والمشاركة في هذا الخطاب.
ينطوي التحول من نظام BYOD (اجلب جهازك الخاص) إلى نظام WFH (العمل من البيت) على تحديات جديدة في تحقيق التوازن بين الجانب المهني والجانب الشخصي. مهما كان الوضع، احرص على تخصيص وقت للياقة البدنية والرياضة. جرب اليوغا فهي تساعد على تحسين الصحة الجسدية والعقليّة.
تشتهر النظم التقليدية للطب الهندي في مساعدتها على الحفاظ على لياقة الجسم، وقد توصلت وزارة آيوش إلى إيجاد بروتوكول يساعد على البقاء في صحة جيّدة، أوصيكم بالاطلاع عليها.
أخيرا وليس آخرا، الرجاء تحميل تطبيق Aarogya Setu على هواتفكم الذكية. يمكّن هذا التطبيق المستقبلي من توظيف التكنولوجيا للمساعدة على احتواء انتشار وباء كوفيد 19. وأشير إلى أنه كلما كان التحميل مكثّفا كلما ارتفعت نجاعة التطبيق.
في انتظار ردودكم جميعا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى