إقتصاد

المساجد المؤسسة الإسلامية الكبرى تجمع بين الدين والدنيا والعلم والعمل

استمع الي المقالة

402064-730x500

مهند أبوعريف

أكد  سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان أن عناية المسلمين بالمساجد أمر ضروري ومهم؛ وذلك لأنها تنظم شملهم، وتجمع الصفوف المؤمنة والنخب الصالحة. مؤكدًا أن الصلوات الخمس في المساجد تألف القلوب، وتوحد الصفوف، وتورث المسلمين النصر والعزة والتمكين.وأفاد سماحته أن المساجد في عهد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وعهد صحابته؛ كانت المؤسسة الإسلامية الكبرى التي تجمع ما بين الدين والدنيا، وتجمع ما بين العلم والعمل.

وأكد سماحته أن الأمة الإسلامية تتحمل تأدية رسالة عظيمة، وهي رسالة إحقاق الحق وإزهاق الباطل. موضحًا أن إحقاق الحق يتم  بنصرة المظلومين، وعون الناس وإرشادهم للحق وتبصيرهم بسواء الصراط، وتعليم من لا يعلم أمر الدين، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. وأن إزهاق الباطل بمقاومته ماديًا ومعنويًا؛ حتى لا يبقى له أثر، وحتى يولي بكل آثاره التي تكون في نفوس الناس، وفي حياتهم الفردية والاجتماعية.

عمارة المساجد

وقال سماحته: «إن الناس لا يزالون بخير؛ عندما يبدؤون أول ما يبدؤون ببيوت الله سبحانه وتعالى عندما ينشئون ما ينشئونه من أحياء تعمر بسكون الناس، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أنشأ دولة الإسلام؛ اعتنى بالمسجد أول عنايته؛ ففي طريقه إلى المدينة المنورة قبل أن يقر قراره أسس مسجد قباء على تقوى الله، ولمّا ناخت به ناقته أمام بيت أبي أيوب الأنصاري، قال على الفور ها هنا المسجد -إن شاء الله- وشرع في عمارة المسجد، وكان بنفسه يشارك في بناء المسجد كما يشارك أصحابه رضي الله تعالى عنهم. وكان ذلك المسجد هو الجامع الذي يجمع الجميع، والمؤسسة الإسلامية الكبرى التي تجمع ما بين الدين والدنيا، وتجمع ما بين العلم والعمل». وأضاف سماحة الشيخ: «في تلك المؤسسة كان الناس يتصلون ببارئهم سبحانه وتعالى بإقامة شعائره في ذلك المسجد الشريف، وكانوا ينتظمون في صفوفهم بين يديه سبحانه، يقدمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك كانوا يتحلقون في ذلك المسجد من أجل تلقي العلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أجل تذاكر العلم فيما بينهم أيضا، كانوا يحرصون على التحلق حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما يتلقون عنه أي بلاغ، مما جاءه عن الله سبحانه وتعالى كما يحرصون فيما بينهم، أن يتذاكروا العلم ويتدارسوه في حلقات، وأن يتلوا كتاب الله، وأن يتأملوه ويتدبروه، وعناية المسلمين بالمسجد أمر ضروري؛ لانتظام شملهم، لأن المسجد هو الذي يجمع شمل الأمة من خلال جمعه هذه الصفوف المؤمنة، والنخبة الصالحة، الفتية تتردد على بيوت الله سبحانه وتعالى».

رسالة الإسلام

وقال سماحة الشيخ الخليلي: «إنه من المعلوم أن الأمة الإسلامية تحمل رسالة، هذه الرسالة هي رسالة إحقاق الحق وإزهاق الباطل، إحقاق الحق بكل ما للكلمة من معنى، وذلك بنصرة المظلومين، وعون الناس وإرشادهم للحق وتبصيرهم بسواء السراط، وتعليم من لا يعلم أمر الدين، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة. وإزهاق الباطل بمقاومته ماديا ومعنويا؛ حتى لا يبقى له أثر، وحتى يولي بكل آثاره التي تكون في نفوس الناس، وفي حياتهم الفردية والاجتماعية. يقول الله سبحانه وتعالى: «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا»، إن هذه الآيات افتتحت أول ما افتتحت بالأمر بإقام الصلاة، فإن الله سبحانه وتعالى قال في بدايتها: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا»، وهذا لأن إقام الصلاة هو السبب الأول لاستحقاق العباد النصر من الله سبحانه وتعالى، فإن الله تعالى يقول: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور» فإحقاق الحق، إنما يتوصل إليه بأمور، أهمها إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ بذلك ينتظم أمر المسلمين، ويكون الترابط فيما بينهم، كما يدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».

إقامة الصلاة

وعن أهمية إقامة الصلاة، وأثرها على المجتمع والفرد؛ قال سماحته: «إن إقام الصلاة هو السبب الأول لترابط قلوب المؤمنين، فإن كل واحد منهم عندما يأتي إلى بيوت الله، وهو يخلف وراء ظهره هموم هذه الدنيا وتبعاتها، لا يقبل إلا على الله سبحانه وتعالى، ويصطف مع إخوانه المؤمنين، ينتظم معهم في حركاتهم، في الركوع وفي السجود وفي القيام وفي القعود وفي جميع الحركات؛ لا ريب أن من جاء لهذا الغرض إلى بيت من بيوت الله ينتظم تمام الانتظام مع عباد الله تعالى المؤمنين في جميع الأحوال لينتظموا معه، ويكونوا جميعا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فبإقبال المسلم على بيوت الله تعالى، وحرصه على إقامة شعائر الله تعالى، وحرصه على الانتظام مع عباد الله تعالى المؤمنين؛ يكون الترابط بين المؤمنين؛ وبهذا يحق الحق ويزهق الباطل، فلذلك في سياق امتنان الله تعالى على عباده بإحقاق الحق وإزهاق الباطل؛ أمر أولا بإقام الصلاة، في قوله: «أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا» فما أعظم هذه الصلوات الخمس، عندما تؤدى على الوجه المشروع، ويقبل فيها عباد الله تعالى على الله سبحانه، مخلصين له العبادة، راجين منه سبحانه وتعالى مغفرة الذنوب، ورفع الدرجات، لا ريب أن هذه القلوب تصفو عندما ترد المعين الدفاق، لتتطهر به؛ فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أثر هذه الصلوات في نفوس العباد، عندما يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: «أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرًا جاريًا غمرًا ينغمس فيه كل يوم وليلة خمس مرات، أيبقى من درنه شيء، قالوا لا يا رسول الله، قال فذلك مثل الصلوات الخمس»، نعم هذه هي الصلوات الخمس، وهذا هو أثرها، وبهذا ينتظم شمل المسلمين، وتجتمع كلمتهم، وتتآلف قلوبهم، ويتوحد صفهم، وبهذا ينتصرون أيضا على عدوهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى