إقتصاد

تزايد المخاوف في لبنان من تداعيات الأزمة السورية 

استمع الي المقالة

IMG_20150319_091802

برناما – ياسر عبدالله

لم تقتصر آثار الأزمة السورية على الداخل السوري فحسب بل تعدته لتشمل البلدان المجاورة التي تأثرت اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.

وبعد 4 سنوات على بدء الأزمة السورية تتزايد المخاوف في لبنان من تداعيات الأزمة السورية الخطيرة على السلم والاستقرار الهش فيه وخصوصا بعد سيطرة جماعات مسلحة متطرفة تنتمي إلى (جبهة النصرة) و (داعش) على مرتفعات لبنانية متآخمة للحدود مع سوريا بشرق البلاد.

ويخوض الجيش اللبناني مواجهات مع هذه الجماعات المسلحة التي تتمركز في الجبال الشرقية الحدودية مع سوريا بعدما اجتازت الحدود في أغسطس الماضي وهاجمت مراكز للجيش في منطقة (عرسال) واختطفت عددا من العسكريين وقتلت 4 منهم مع التهديد بقتل المزيد اذا لم تستجب السلطات اللبنانية لمطلبهما بمقايضة العسكريين المختطفين بمعتقلين من التنظيمين بينهم قياديون مرتبطون بتنظيمات (القاعدة) و (النصرة) و (داعش).

وفي السياق الأمني، أكد الباحث في الشئون الاستراتيجية العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن المتابع لمسرح العمليات في سوريا وللوضع في لبنان يجد أن البلدين باتا في الواقع مسرحا أمنيا واحدا بسبب ارتباط البلدين الوثيق تاريخيا وجغرافيا وبفعل تداخل مفهوم الأمن المعولم في العصر الحاضر.images (1)

وأشار إلى أن حدود لبنان الطويلة مع سوريا جعلت من المنطقي أن يتلقف ارتدادات ثقيلة لاحداث الداخل السوري على كافة الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية/الديموغرافية والأمنية.

واعتبر حطيط أن الأزمة السورية أثرت على الصعيد السياسي في رفع حدة الانقسامات السياسية في البلاد بشكل “أفقد اللبنانيين قدرتهم على ادارة ملفاتهم واستقرار المؤسسات الدستورية حيث لم يستطع لبنان اجراء الانتخابات البرلمانية، كما شغرت سدة الرئاسة نتيجة فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد بسبب غياب المساعدة السورية في معالجة كل هذه القضايا.”

وأكد أن لبنان سيبقى عرضة للتهديدات والمخاطر طالما أن الأزمة السورية مستمرة، لافتا إلى أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى يعملان بقوة على محاولة كبح الارهاب بعمليات أمنية وعسكرية استباقية في أكثر من منطقة.

من جانبه، أشار الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان الى ان التداعيات الأبرز على الوضع اللبنانية نتيجة الأزمة السورية تتمثل في تشكيل النازحين السوريين نحو 30 في المئة من السكان و30 في المئة من القوى العاملة.

ولفت إلى أن “تدفق النازحين السوريين الكثيف قد حدث في غضون سنتين فقط وهو أمر غير مسبوق في أي دولة في العالم، وهذا العامل يلخص الكثير من التداعيات الأخرى.”

ولفت إلى أن (البنك الدولي) أصدر دراسة قبل سنة أشار فيها إلى أن خسائر لبنان نتيجة الأزمة السورية تقارب 7 مليارات ونصف المليار دولار أمريكي أصاب منها مليارين ونصف المليار المالية العامة بشكل مباشر.

وذكر ان الجزء الأكبر من احتياجات النازحين السوريين يمول عبر المنظمات الدولية وخصوصا مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تنفق على توفير مساعدات غذائية للنازحين مابين 800 مليون والمليار دولار سنويا منذ نحو 3 سنوات.

وأشار الى أن أبرز تداعيات الأزمة السورية على لبنان يبقى في أثر العدد الهائل للنازحين في سوق العمل، لافتا الى أن نسبة 32 في المئة من النازحين السوريين في لبنان يعملون مما رفع نسبة البطالة في لبنان إلى 20 في المئة بعدما كانت 10 في المئة قبل الأزمة السورية.

وقال إن حلول العمالة السورية الرخيصة مكان العمالة اللبنانية تزامن مع دخول مابين 150 ألفا الى 200 ألف لبناني الى مستوى الفقر بحسب احصاءات لبنانية رسمية.

واعتبر ان سوريا ولبنان، وعائين متصلين وأن الوجود السوري الكثيف في لبنان يجعله قنبلة موقوتة يمكن أن تستخدمه أطراف الصراع، محذرا أيضا من أن التنافس على موارد محدودة يجعل كل الاحتمالات والتوقعات ممكنة بين النازحين السوريين والبيئة المضيفة.

ونبه حمدان الى أنه لم يتسن بعد للبنانيين أن يفكروا بهدوء في مستقبل النزوح السوري، خصوصا وان قسما من النازحين لن يتمكن من العودة الى بلاده بعد توقف الحرب بسبب تهدم منازلهم أو من لديهم مخاوف من الأوضاع الناجمة عن توقف الصراع.

أما الدكتور جمال حافظ الباحث في الشؤون النفسية والاجتماعية فقد لفت الى اندماج النازحين السوريين مع المجتمعات اللبنانية التي تشبه انتمائهم السياسي، والى تموضعهم في جغرافيا لبنان في المناطق التي تتناغم مع ولاءاتهم السياسية.

واضاف ان الموالين للنظام السوري يفضلون المناطق التي تتشكل غالبيتها من (قوى 8 مارس) الداعمة للنظام فيما يفضل المعارضون للنظام المناطق التي تتشكل غالبيتها من (قوى 14 مارس) والتي تؤيد المعارضة السورية.

وحذر حافظ من أن هذا الواقع قد ضاعف الانقسامات اللبنانية ونقل خطوط التماس السورية الى الداخل اللبناني الذي بات فوق برميل من البارود في ظل استمرار الازمة السورية .

يذكر أنه يقيم في لبنان اكثر من مليون و200 ألف نازح سوري مسجل لدى المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين اي ما يمثل قرابة 30 في المئة من مجموع سكان لبنان مما يجعله البلد الاول على صعيد ايواء اللاجئين في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى