سلايدرسياسة

الميزانية العُمانية الجديدة 2019 هدفها النمو والاستدامة

استمع الي المقالة

مهند أبوعريف

وضعت الميزانية العامة لسلطنة عُمان 2019، حزمة من التطلعات والمُستهدفات الاقتصادية والمالية ما يُبرهن على أن الجهود الحكومية، فيما يتعلق بتحفيز النمو الاقتصادي ودعم سياسات تنويع موارد الدخل، قائمة ومستمرة وفق رؤية مدروسة تقضي بتحقيق طموحات المواطن، واتخاذ الخطوات التي من شأنها تعزيز برامج الضمان الاجتماعي المقدمة للمواطنين.

 الميزانية بأبعادها وتفاصيلها تكشف عن اتباع سلطنة عُمان استراتيجية التوازن بين مخصصات التنمية، وإيرادات النفط، واستدامة الموارد والنفقات، باعتبار ذلك هدفاً من الأهداف العليا لتحقيق سياسات مالية تضمن حقوق الأجيال القادمة، بجانب رسم خارطة طريق تشتمل على آليات تغطية العجز المالي وكيفية سداد الدين العام، بما لا يُعرقل جهود تنفيذ المشروعات التنموية.

ولعل من أبرز ما تستهدفه الميزانية العُمانية العامة الجديدة، الإنفاق على مشروعات التنمية، مع مواصلة جهود تنويع موارد الدخل، وخاصة موارد الوزارات والهيئات الخدمية، والأهم من ذلك كله استهداف تحقيق النمو في الناتج المحلي الإجمالي والذي يُتوقع أن يصل إلى 3 في المئة، وهو المعدل الأعلى بين دول الخليج مُجتمعة، وهذه النسبة تتماشى مع توقعات المؤسسات الدولية، بقدرة عُمان على تحقيق النمو رغم التحديات الاقتصادية.

وكشفت الميزانية عن تراجع العجز المالي والذي تحقق بفضل جهود ترشيد الإنفاق على مدار السنوات الماضية وكذلك في السنة المالية الجارية، واتخاذ المزيد من إجراءات التحوط المالي، والتريث في تنفيذ المشروعات غير الملحة، مع الحرص على تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية الأخرى.

ومن أبرز ما ساهم في تخفيف الضغوط على الميزانية العامة العُمانية في 2019، الانتهاء من تنفيذ أغلب المشاريع التنموية الكبرى، فمطار مسقط الدولي ومطار صلالة وخلال أيام مطار الدقم، مشروعات أُنجزت على أرض الواقع، فضلاً عن مشاريع البنية الأساسية الأخرى من طرق وجسور وخطوط كهرباء ومياه.

وقد وضعت الميزانية هدفين رئيسيين، يشكلان مرتكزاً للانطلاق بقوة وعلى أسس متينة نحو الخطة الخمسية العاشرة والتي تُمثل أولى مراحل تطبيق “رؤية عمان 2040”. والهدفان الرئيسيان هما تحقيق الاستدامة المالية ورفع كفاءة الإنفاق، والأخير يتأتى عبر الموازنة بين ما يتحقق من إيرادات مع إعمال سياسات التنويع الاقتصادي من جهة، وبين حجم الإنفاق العام من جهة ثانية، مع وضع قائمة من الأولويات بهدف عدم الضغط على المصروفات، وتنفيذ المشروعات والسياسات وفق المُتاح من الموارد المالية، وعدم إغفال تحقيق العوائد الاقتصادية أو الاجتماعية.

أما هدف الاستدامة المالية فيمكن تحقيقه من خلال المحافظة على مستوى العجز المالي في مستويات آمنة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لخفض حجم الدين العام، وتفعيل خطط هيكلة الإيرادات الحكومية، وزيادة إسهام الإيرادات غير النفطية في الإيرادات العامة، في إطار التصور العام القائم منذ بداية “رؤية عمان 2020” والذي يعتمد على الخفض التدريجي للاعتماد على النفط.

ورغم تركيز الميزانية العُمانية على مسألة ترشيد الإنفاق العام وزيادة الإيرادات غير النفطية، إلا أنها أولت اهتماما كبيرا بالجانب الاجتماعي، فبرامج الضمان الاجتماعي تحظى بنصيب جيد في هذه الميزانية، وأيضا الإنفاق على التعليم والصحة والإسكان، وهذه القطاعات كلها استحوذت على ما يصل إلى 39 في المئة من جملة الإنفاق العام، وهي الأكبر بين بنود الميزانية.

ونال الإنفاق الاستثماري بسلطنة عُمان حصته كذلك في ميزانية 2019؛ إذ تسعى الحكومة إلى تحسين المناخ الاستثماري ضمن خطط تحفيز القطاع الخاص، ولذا خصصت الميزانية 3.7 مليار ريال لبند المشاريع الاستثمارية، منها 1.2 مليار ريال لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية التي تشرف عليها الوزارات والوحدات الحكومية، وكل هذه المشاريع من شأنها أن تُعزز النمو الاقتصادي وتوفر المزيد من فرص العمل.

ولقد تضمنت الميزانية العامة للدولة الحفاظ على مستويات المصروفات الاستثمارية في القطاعات المُنتجة، وخاصة تلك التي ستوفر المزيد من فرص العمل والتوظيف وتدعم التنمية الاجتماعية، إلى جانب توفير الدعم اللازم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطبيق إسناد نسبة العشرة في المئة من المشاريع والأعمال الحكومية إلى هذه المؤسسات، بما يضمن نموها واستمرارية نشاطها.

إجمالي القول فإن الميزانية العُمانية الجديدة، تستهدف تحفيز الاقتصاد الوطني عبر العديد من الإجراءات، وبما يُحقق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تطبيق خُطط الاستدامة المالية في إطار من السياسات الداعمة لمسيرة البناء والتنمية في عُمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى