
عبدالمنعم مبروك يكتب
إذاعى ومستشار وزير الإعلام الأسبق
أعتقد أنه توجه رئاسي حميد يمثل منهج عمل للنهوض بالوطن والدولة التي تسلمها الرئيس السيسي بتفويض شعبي أكبر وأقوى وأوسع من خلال ثورة الشعب في الثلاثين من يونيو 2013 … التوجه يتلخص في أن الدولة المصرية التي تسلمها الرئيس منذ أكثر من عشر سنوات بعد انتخابات رئاسية شهد لها العالم في عام 2014 كانت دولة مُحَمَّلة بالأعباء الجسام وتعيش حالة من الترهل وتراجع التنمية والخدمات وسط حالة من الفشل في الأداء وتراكم المشاكل والتحديات التي أثَّرت بالسلب على كيان الدولة المصرية والتي وصفها الرئيس منذ بداية حكمه بأنها شبه دولة بسبب انهيار المنظومة القيمية والأخلاقية في المجتمع وتربُّع الفساد في قطاعات الدولة لسنوات طويلة مضت وتراجع مستوى الخدمات في الصحة والتعليم والثقافة والإعلام، واحتكارات القطاع الخاص ورجال الأعمال لمقدرات الشعب وتفشي الفساد ونهب المال العام وترهُّل الإدارة وغياب الضمير.
فرئيس الدولة المفوض من الشعب لمكافحة الإرهاب منذ توليه الحكم وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وبتنسيق بين الجيش والشرطة في دحر الإرهاب في سيناء وفي أنحاء مصر … نجح بفضل الإدارة الواعية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب في تصحيح المسار ورسم الطريق الممهد للأجيال القادمة وفق استراتيجية طويلة المدى يحكمها الانضباط والحزم والإخلاص في العمل وسرعة الإنجاز.
ولما كان للدولة المصرية النجاح البارز في دحر الإرهاب فقد كان الانتقال السريع إلى تنفيذ خطط التنمية المستدامة، ومنها مشروعات البنية التحتية وتشييد الطرق الجديدة والكباري والمحاور، وبرامج “حياة كريمة” ناجحة في الريف المصري بأنحاء مصر ومبادرات المشاركة الشعبية للمواطن مع الدولة لكسر الاحتكارات ومواجهة موجات الغلاء وارتفاع الأسعار والخدمات التي أصبحت لا تهدد حياة المواطن في مصر فقط، بل حياة المواطن في أغنى دول العالم، ومنها أوروبا والولايات المتحدة بسبب الحروب المنتشرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، ومنها الحروب المروِّعة والمجنونة في الإقليم من حول مصر في غزة والضفة الغربية بفلسطين من خلال التدمير الإسرائيلي الأحمق والأعمى لأسس الحق والعدل وتصفية الدولة الفلسطينية المأمولة والسعي لتنفيذ ما يسمى “إسرائيل الكبرى” لصالح المشروع الصهيوني المدمر لإسرائيل قبل أن يدمر المنطقة بسبب الأطماع الإسرائيلية القديمة الحديثة في لبنان وسوريا وسيناء وغيرها، الأمر الذي تنتبه له القيادة السياسية بذكاء وهو رفض خطة التهجير للفلسطينيين إلى مصر والأردن، وهو ما خلق صفًا عربيًا واحدًا ورفضًا شعبيًا عربيًا وعالميًا لخطة الرئيس ترامب الداعمة لإسرائيل بقيادة اليمين المتطرف الذي يقوده بنيامين نتنياهو لتخريب المنطقة وانهيارها وتقسيمها تحت مسمى “تغيير الشرق الأوسط” وهو ما يعيد للأذهان خطة الاستعمار القديم ومؤامرة سايكس بيكو 1916.
أقول … إن الرئيس السيسي كان وما يزال يتحمل من أجل مصر انتقادات الحاقدين والكارهين – في داخل مصر وفي خارجها – لجهود إنقاذ مصر ونهضتها … لأن الرجل وضع نصب عينيه مسألة النهوض بالدولة وشعبها بشرط أن يتحمل المواطن مع الحكومة ومع القيادة السياسية الأعباء حتى تخرج مصر من عنق الزجاجة.
كان نهج الرئيس وما زال هو مشاركة القوة الضاربة لمصر والحامية لحدود الوطن في العمل والإنتاج بالإضافة إلى المهام الأساسية للقوات المسلحة وهي السهر على أمن مصر على حدودها المضطربة والمترامية الأطراف، وهو الجيش الذي يُحسب له ألف حساب بعد جهود التحديث وتنوع مصادر السلاح للقوات المسلحة من الشرق والغرب بحيث أصبح الجيش المصري يحتل الرقم العاشر عالميًا في ترتيب القوة واليقظة والتسليح الحديث القائم على منظومة التقدم العلمي والتكنولوجي وبعيدًا عن التبعية.
الرئيس منذ توليه الحكم وهو يصر على نهج واضح وتوجُّه يُقَدِّره الشعب المصري له بأغلبية كاسحة، وهذا التوجه المستمر هو مشاركة القطاعات الخدمية والمنتجة في القوات المسلحة للعمل مع القطاع المدني في رفع الأداء الحكومي والإداري بقطاعات العمل والإنتاج في مصر على اتساعها بسبب روح العمل المنضبطة والحزم التي يتمتع بها رجال القوات المسلحة في كل المجالات مثل سلاح الخدمة الوطنية وسلاح الهيئة الهندسية التي أنجبت الكثير من المشروعات العملاقة من الطرق والكباري والأنفاق في ربوع مصر.
الرئيس السيسي يعمل ليل نهار بشرف وأمانة وإخلاص وصدق من أجل مصر وشعبها ومعه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه انتقلوا للعمل إلى الخدمة المدنية لتصحيح الأداء الحكومي وتسريعه بالانضباط والحزم والقدرة على مواجهة المشاكل ومكافحة بؤر الفساد التي تُؤرِّق المصريين في مواقع العمل والإنتاج وتصيبهم باليأس وعدم الثقة … فأصبحنا نسمع كل يوم عن أداء الأجهزة السيادية والرقابية المتميز في ضرب بؤر الفساد وإحالة القضايا إلى القضاء، وهذه القضية يوليها الرئيس السيسي أهمية كبرى باعتبارها أولوية للنهوض بمقدرات الوطن والدولة المصرية من كبوتها في محيط تتلاطم فيه الأمواج والعواصف المدمرة في ظل لعبة المصالح بين الكبار على حساب الضعفاء والمستضعفين في الأرض من الدول والشعوب في العالم … وهو ما نراه واضحًا من انقلاب في السياسة الأمريكية بوصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض والتأييد الأمريكي الأعمى لإسرائيل وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة على حساب الحق العربي والفلسطيني، كما رأينا انقلاب السياسة الأمريكية على المستوى العالمي في تصريحات الإدارة الجديدة ضد أوروبا وكندا ودول أمريكا اللاتينية والتي كانت من أقرب الحلفاء للولايات المتحدة لدرجة تجعل الكثيرين يقولون إن العالم يتجه نحو الفوضى بعد تخلي أمريكا عن أوروبا لصالح روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا والتي سقط رئيسها الصهيوني زيلينسكي في ورطة مع الرئيس الأمريكي بالمشادة الكلامية وعدم اللياقة التي جرت بالبيت الأبيض على الهواء مؤخرًا وشهدها العالم، وهو ما يمثل خروجًا على العرف الدبلوماسي لأول مرة في التاريخ، ويمثل خروجًا على الأعراف الدبلوماسية المعمول بها عالميًا.
هنا نقول … نحن جميعًا كمصريين نقف يدًا واحدة وصفًا واحدًا خلف القائد والبطل الرئيس السيسي الذي أنقذ مصر من السقوط … فهي الدولة التي تمثل المركز بالنسبة للعالم استراتيجيًا وتاريخيًا وثقافيًا، وتقود المنطقة العربية نحو الأمن والسلام … شاء من شاء وأبى من أبى … برغم المحاولات الصهيونية المستميتة والمدعومة أمريكيًا لتركيع مصر وتهديد أمنها القومي على الحدود مع قطاع غزة بخطط التهجير الجهنمية المرفوضة رسميًا وشعبيًا من الدولة المصرية؛ لأن هذه الخطة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها، ورغم ذلك تسعى مصر باستخدام الدبلوماسية الهادئة في الحوار مع واشنطن باعتبارها قوة عظمى مؤيدة لإسرائيل نتنياهو المتطرف المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب المجازر وعمليات التصفية العرقية وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة … كما أن مصر هي الوسيط الرئيسي والأهم في المنطقة مع قطر بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة لوقف نزيف الدماء الذي تقشعر منه شعوب العالم وفي القلب منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
أقول … إن مشاركة رجال من القوات المسلحة والمختارين بعناية من القيادة السياسية لدعم العمل المدني والأداء الحكومي ودفعه نحو التنمية والبناء بحزم وانضباط هو نهج يصر عليه الرئيس السيسي ومن ورائه الشعب الذي يتمنى أن يرى بلده في كل مواقع العمل والإنتاج بمثابة خلايا نحل تعمل ليل نهار لمواجهة التحديات والمشاكل في كل القطاعات واستئصال بؤر الفساد بفضل مشاركة رجال الخدمة الوطنية من الجيش في القطاع المدني … وقد رأيت بأم عيني – خلال زياراتي المتعددة للولايات المتحدة مرافقًا لوزراء خارجية مصر فى مهمات صحفية – رأيت مشاركة الجيش الأمريكي في القطاع المدني بنسبة تصل إلى أكثر من 40% وهو ما كان سببًا في النهوض بالولايات المتحدة ومصالح الشعب الأمريكي كما قال لي مسؤولون أمريكيون قابلتهم في واشنطن ونيويورك ومواطنون من عامة الشعب.
من أجل ذلك نلاحظ – عن حق – تطورًا كبيرًا في الأداء الحكومي بقطاعات الخدمات والإنتاج والقدرة على مواجهة المشاكل والتحديات التي تواجه الدولة المصرية في مجالات التنمية المحلية والإسكان والتموين والزراعة والنقل والمواصلات والتعليم وغيرها من القطاعات التي تمس مصالح الجماهير مباشرة وهي القطاعات التي تم تطعيمها برجال أكفاء من القوات المسلحة نجحوا في إدارة مشروعات كبرى مثل مشروعات الطرق والكباري والأنفاق ومشروعات حياة كريمة المنتشرة بالريف المصري.
في وزارة الزراعة جمعتني أكثر من جلسة مع أحد رجال القوات المسلحة المتميزين في إدارة موارد الدولة والاستثمار والمنضمين حديثًا للعمل الوطني بوزارة الزراعة تحت رئاسة الوزير النشط الدكتور علاء فاروق للعمل على إدارة أكبر وأهم وأغنى قطاع في مصر إدارة رشيدة، وهو قطاع الزراعة الذي يحمل في حال نجاح جهود الإنتاج والتصدير وتشجيع الاستثمار الزراعي والتصنيع الزراعي وزيادة الرقعة الزراعية … يمكن أن يؤدي إلى حماية مصر من “سؤال اللئيم” بالاكتفاء الذاتي والوصول إلى نسب التصدير العالية والمأمولة لتوفير العملة الصعبة للدولة المصرية والخزانة العامة لنبتعد عن الاستدانة والحاجة للغير.
من هؤلاء الذين التقيت بهم في وزارة الزراعة رجل مشهود له بالكفاءة والنزاهة وطهارة اليد والقدرة العالية المتميزة في إدارة المال العام، وهو اللواء أمجد عبد المنعم سعدة مساعد وزير الزراعة الجديد الذي اختص “الدبلوماسي” بحديث خاص تحدث فيه معنا عن رؤية وزارة الزراعة لمواجهة هموم الناس وارتفاع أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطن والفلاح من جانب الدولة في أنحاء مصر وجهود ضرب الفساد والفاسدين والمتاجرين بقوت الشعب مع حلول شهر رمضان المبارك، وفي كل الأوقات يستمر هذا المنهج طوال العام من خلال انتشار عشرات المنافذ والشوادر لبيع السلع التموينية واللحوم والأسماك والدواجن في كل مدن وقرى مصر والتي تضاف لمنافذ القوات المسلحة ووزارة الداخلية ووزارة التموين والمبادرات الرئاسية في هذا الشأن للتخفيف عن كاهل المواطنين.
https://youtu.be/GBZvhGfSpp8?si=AuXO_7tJWcZs8HWW
في أحد لقاءاتي مع اللواء أمجد عبد المنعم سعدة مساعد وزير الزراعة الجديد – بمقر وزارة الزراعة – سمعته يقول لأحد مرؤوسيه المكلف برئاسة فريق عمل بمهمة محددة بإحدى قطاعات الوزارة قال … “عليك أن تتعامل مع مرؤوسيك على أنك تعمل معهم وليس عليهم” .. نعم يُعَلِّمه كيف يأخذ من مرؤوسيه أفضل ما عندهم باستخدام لغة التواضع مع الحزم وعدم الاستعلاء … وقال مساعد الوزير “أنا شخصيًا أعمل بهذا المنهج وهو أنني أعمل معكم وليس عليكم” انتهى الاقتباس، وهو ما يعني رسالة قوية لكل ذي عقل؛ لأن الانضباط في العمل هو سيد الموقف، كما أن المحاسبة هي الأساس لكل العاملين بروح الجماعة والانضباط والتواضع، وهي رسالة أيضًا تعني استلهام الهمم لأبناء الوزارة المتميزين مع مواجهة الفاسدين في كل قطاعات الوزارة – وهم قلة – حتى تنهض سفينة الوطن لصالح الشعب والدولة.
نحن بحاجة فعلية لمثل هؤلاء الرجال في كل موقع من مواقع العمل والإنتاج على أرض مصر … نحن بحاجة لهذه الروح التي يتمتع بها رئيس الدولة … نحن بحاجة “لألف سيسي” في كل قطاعات العمل الحكومية بالدولة المصرية وقطاعات العمل والإنتاج لحماية المال العام من فساد المفسدين … ذلك الفساد الأخطر على مصر من الإرهاب نفسه … نحن بحاجة ماسة في هذه الظروف للوقوف خلف القيادة السياسية من أجل مصلحة مصر وحماية شعبها وحماية سفينة الوطن من الأنواء العاصفة المحيطة بنا في الإقليم والتحديات الخطيرة المقبلة والتي تهدد الجميع في المنطقة والعالم.