رأى

خواطر دبلوماسى|غزة… الجوع والخذلان في لعبة الأمم

استمع الي المقالة

“غزة هي أكثر الأماكن جوعًا على وجه الأرض”
هكذا وصفها مسؤول أممي، ليضع العالم أمام الحقيقة المجردة، بعيدًا عن الشعارات والجدل السياسي. تصريح صادم، لكنه ليس مفاجئًا لمن يتابع المشهد الفلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تحولت غزة إلى مسرح مأساوي للقتل والتجويع والتشريد، وسط صمت دولي يقترب من التواطؤ.

حماس… من المقاومة إلى ورقة تفاوضية

في تقديري، اللعبة ما زالت مستمرة بين حماس وإسرائيل. حماس تُمسك اليوم بورقة الرهائن، لا باعتبارها سلاح مقاومة، بل كورقة ضغط لبقائها في المشهد السياسي. لم تعد تملك زمام المبادرة في المقاومة المسلحة، وهي تعلم أن انتهاء المفاوضات قد يعني نهاية دورها السياسي وسقوط حكمها في غزة.

وبدلًا من أن تكون درعًا لأهل القطاع، تحوّلت إلى عبء عليهم، ورهينة جعلت من شعب غزة رهينة معها. مئات الأيام مرت، كانت كفيلة بتحويل القطاع إلى منطقة منكوبة، حيث الجوع والمرض والدمار عنوان الحياة اليومية.

إسرائيل… غزو بلا رحمة ومكاسب يومية

على الجانب الآخر، إسرائيل تواصل غزو غزة بلا رحمة، وتُمعن في قتل أهلها وتدمير بنيتها التحتية، وتفعل ذلك وسط غياب فاعل للمجتمع الدولي والعربي والإسلامي، الذي يبدو عاجزًا – أو غير راغب – في وقف نزيف الدم وتهجير الناس من أرضهم.

كل يوم يمر، تحقق إسرائيل مكسبًا ميدانيًا على حساب حياة الأبرياء، في حين يتآكل الأمل في حل سياسي واقعي يعيد للقطاع نبضه وللشعب كرامته.

غزة أمام شبح الاحتلال الكامل

في ظل هذا المشهد، من المرجح أن يستمر الحال على ما هو عليه، حتى تُستكمل عملية احتلال غزة بالكامل، ويُفرض “أمر واقع” جديد على الأرض. حينها، ستبدأ “لعبة أمم” جديدة تُرسم فيها ملامح القضية الفلسطينية مجددًا، وفق ميزان القوة وليس وفق العدالة أو القانون الدولي.

غزة الجميلة… حين زرتها ذات يوم

أتحدث هنا من واقع تجربة شخصية، فقد زرت غزة ذات يوم، وتجولت في شوارعها، وتحدثت إلى أهلها بعيدًا عن الأروقة السياسية. رأيت فيها مدينة جميلة وراقية، وناسًا طيبين يرزحون تحت حكم صارم منذ 2007. كانوا يشتكون من القمع… لكنهم ظلوا يتمسكون بالحياة.

حلم الدولة… والأمل لا يموت

رغم هذا السواد، لا يزال في القلب أمل. أتمنى أن أرى دولة فلسطينية مستقلة، يعيش فيها الناس في سلام وأمن وكرامة. أحلم بأن أزور رام الله وغزة والقدس الشرقية، لا بصفتي زائر عمل، بل كإنسان يشهد نهضة وطن استُنزف لعقود.

ختامًا… هذه ليست عاطفة بل قراءة عقلانية للتاريخ

إن ما أطرحه ليس انفعالًا عاطفيًا، بل قراءة عقلانية للتاريخ والجغرافيا، تستند إلى حقيقة أن لعبة الأمم لا يحكمها إلا من يملك القوة في لحظة مفصلية من الزمان.

رحم الله غزة، وشفى جراحها… وأعاد لها الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى