رئيس التحريرسلايدرسياسة

زيارة الوفد البرلماني الهندي إلى مصر: تعزيز الشراكة أم تكميم للحقائق؟

لسنا فى حاجة إلى "غزة أخرى'!

استمع الي المقالة

رئيس التحرير يكتب

في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة التوترات بين الهند وباكستان، وتُتهم فيه نيودلهي بتنفيذ عمليات عسكرية أودت بحياة مئات المدنيين الباكستانيين في المناطق الحدودية، تطل زيارة وفد برلماني هندي رفيع المستوى إلى القاهرة بين 2 و4 يونيو 2025، لتثير تساؤلات عميقة حول مغزاها وتوقيتها.

لماذا الآن؟

من الناحية الرسمية، تهدف الزيارة إلى “تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف” مع مصر وجامعة الدول العربية، و”تأكيد موقف الهند الثابت ضد الإرهاب”. غير أن هذا الخطاب، في ظل السياق الإقليمي والدولي الراهن، يطرح تساؤلاً مشروعاً: هل تهدف نيودلهي إلى تلميع صورتها دوليًا وتخفيف الضغوط الحقوقية والإعلامية الناتجة عن ممارساتها الأخيرة تجاه الشعب الباكستاني، خصوصاً في إقليمي كشمير وباجور؟

باكستان في المشهد الغائب الحاضر

لا يمكن النظر إلى التقارب المصري الهندي خارج إطار التوازنات الدقيقة في السياسة الخارجية المصرية، لا سيما في ما يخص العلاقة مع باكستان، الدولة الإسلامية ذات التاريخ العميق في دعم قضايا العالم الإسلامي، والتي ترتبط مصر بها بعلاقات دبلوماسية وعسكرية وثقافية متينة.

التجاهل الإعلامي المتعمد لممارسات الهند الأخيرة ضد المدنيين الباكستانيين العُزّل، وغياب أي إشارة إلى هذه القضايا في البيانات الرسمية، يُثير مخاوف مشروعة في الأوساط الإسلامية والعربية من إمكانية أن يتحول هذا التقارب إلى نموذج مكرر لما حدث في القضية الفلسطينية، حيث تم تهميش حقوق الضحايا لحساب علاقات اقتصادية أو سياسية آنية.

هل تلعب مصر دور الوسيط؟

تمتلك مصر – نظريًا – مؤهلات مهمة للعب دور الوسيط بين الهند وباكستان: فهي ترتبط بعلاقات طيبة ومتوازنة مع الطرفين، وتتمتع بثقل دبلوماسي داخل العالم الإسلامي والعربي، فضلًا عن كونها من الدول القليلة التي يُنظر إليها بوصفها طرفًا نزيهًا في النزاعات الإقليمية.
ولكن، هل ستُفعّل القاهرة هذا الدور، أم أن الزيارة ستُختزل في بعدها البروتوكولي فقط؟

الرهان على مصر

في ظل اشتعال الأزمات العالمية وتراجع الدور الأخلاقي لكثير من القوى الكبرى، تبدو الحاجة ماسّة إلى صوت عربي مستقل وعادل. لا يُتوقع من مصر أن تقطع علاقاتها مع نيودلهي، ولكن المطلوب – شعبيًا وإسلاميًا – هو أن يكون هذا الانفتاح مشروطًا بعدم الإضرار بقضايا المسلمين، وفي مقدمتها قضية كشمير، وألا يُستخدم كغطاء لتبييض الانتهاكات وهذا ما يحرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً.

على مصر أن توصل رسالة واضحة مفادها أن التقارب مع الهند لا يعني التفريط بباكستان، ولا يعني القفز فوق حقوق الشعوب المسلمة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

في الختام

الزيارة البرلمانية الهندية إلى القاهرة تحمل الكثير من الرمزية، ولكنها أيضًا اختبار حقيقي لمبادئ السياسة الخارجية المصرية. فإما أن تكون مصر جسرًا للتوازن والعدالة، أو أن تكتفي بدور المستقِبلْ الصامت، بينما تُختطف المنطقة من جديد بمنطق القوة وتحت شعارات مشوهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى