سلطنة عُمان تدشن مرحلة جديدة من الدبلوماسية الدولية
مهند أبوعريف
ليس جديدا أن الأدوار التي تلعبها سلطنة عُمان على صعيد تقريب وجهات النظر بين أطراف مختلفة في قضايا وأزمات المنطقة، تجد صدى من قبل الدول الكبرى التي دائما ما تنظر إلى السياسة الخارجية العمانية بمزيج من الإعجاب والتأمل في الكيفية التي تنظم بها هذه السياسة عوالمها في ظل عالم يموج بالقلق والاضطراب والبحث عن الظنون أكثر من تأكيد معاني اليقين.
لكن التأمل الذكي يكشف أن هذه السياسة ليست وليدة صدفة، بل هي مشوار من التراكم والأداء المخلص وقبل ذلك القيم والمفاهيم الراسخة التي أسس لها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان في إطار علاقات السلطنة الخارجية ابتداء من الدول الشقيقة إلى الصديقة على مستوى العالم، والإيمان التام بأن العالم يتجه إلى التصالح والسلام وتعظيم الألفة عبر التعاون، ولا سبيل لبناء عالم أفضل سوى بالمضي إلى المزيد من ترسيخ القيم الإيجابية للتعايش الإنساني والتفاهم الأخوي. لقد طرحت سلطنة عُمان مؤخرا في لقاء يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في برلين، مع الدكتور فرانك شتاينماير وزير الخارجية الألماني، أملا بأن تكون ألمانيا الاتحادية ضمن الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي «حيث إن ذلك سيُمكنها من أن تلعب دوراً مهماً لحل الأزمات الدولية».
ومعروف أن مجلس الأمن الدولي يتكون من عضوية دائمة تشمل خمس دول: هي الولايات المتحدة الأمريكية و(المملكة المتحدة لبريطانيا العظمي وإيرلندا الشمالية) وفرنسا وروسيا والصين، بالإضافة إلى عشرة أعضاء غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين. وتفتح هذه المبادرة العمانية الانتباه إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به جمهورية ألمانيا الاتحادية في حل الأزمات وتقريب وجهات النظر في مسار يضاف لقائمة الدول الخمس الحالية في مجلس الأمن. وليس خافيا الموقع الذي باتت تحتله الجمهورية الألمانية في عالم اليوم لاسيما في المحيط الأوروبي بحيث يصعب تجاوز القدرات التي تتمتع بها سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، وهذا يساعد في عملية التوازن المطلوبة دوما للخروج بقرارات سديدة في صالح المجتمع الدولي.
وقد أشارت السلطنة إلى أنها تقدر لألمانيا دورها في حل القضايا الإقليمية وخاصة دورها البارز في الملف النووي الإيراني والاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه، وتم التأكيد على أن السلطنة وألمانيا لديهما آراء مُتطابقة على الصعيد الإقليمي وأن هناك توجها عالميا نحو التوصل إلى حلول دبلوماسية ودولية. ومن جانب آخر فإن ألمانيا تبادل السلطنة المعاني نفسها من حيث التشديد على الدور العماني في إرساء السلام في المنطقة وبناء التطلعات إلى المستقبل الأفضل.
إن المقترح أو الأمل العماني جدير بأن يؤخذ في الاعتبار، كما أن إعادة ترسيم الخرائط الدبلوماسية والسياسية الدولية تظل أمرا ملحا في هذه المرحلة بما يساهم في بناء الآفاق الأرحب لعالم يسوده السلام والإخاء.