رأىسلايدر

سفير إيران للعسومى: أخلاقيات السياسة ليست هكذا!

استمع الي المقالة

بقلم: السفیر ناصر کنعانی

سفير الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بالقاهرة

نشرت جریدة الأخبار یوم الإثنین 2 نوفمبر 2020 نص حوارها مع السید عادل العسومی (البحرینی) الرئیس الجدید للبرلمان العربی بمناسبة بدایة تولیه رئاسة البرلمان.

قد طرح على رئیس البرلمان 16 سؤالا کان هناک من بینهم 7 أسئلة تتعلق بإیران بشکل مباشر و کان هدفها تلقی إجابات معادیة لإیران. کذلک أیضا استهدف رئیس البرلمان العربی الجدید إیران باتهاماته خلال إجابته على 3 أسئلة لم تتعلق بإیران بشکل مباشر.

وبهذا الترتیب فقد خصص 10 أسئلة وجه الاتهامات فیها لإیران من بین 16 سؤالا. وقد کان هناک سؤالا واحد فقط یخص فلسطین وکانت إجابته مجرد إجابة قصیرة جدًا مکونه 3 جمل.

فی البدایة أهنئ الرئیس الجدید للبرلمان العربی برئاسته هذه المؤسسة العربیة العامة، وبکونی ممثلا للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی القاهرة فإنی مستعد للحوار وتبادل الآراء مع سعادته وأیضا المساعدة لتحقیق الأهداف والتطلعات الإسلامیة الإیرانیة – العربیة.

بکونی قارئا کنت أتوقع أن یکون حواره الأول شاملا على وجهات نظر شاملة عابرة للحدود بخصوص قضایا العالم العربی وبدلا من تورطه فی الإجابة على أسئلة غیر محترفة من جانب مراسل جریدة الأخبار کان من الافضل أن یتخذ خلال حواره الأول مسارا بناء ولکن مع الأسف لم یحدث ذلک.

ردی على جریدة الأخبار المصریة کالآتی:

أولا: إن العالم العربی لیس جغرافیا منفصلة عن البیئة الإقلیمیة والدولیة ومن البدیهی أن هناک العدید من القضایا بین إیران والدول العربیة، بعضها فی مجال القواسم المشترکة والتعاون، وبعضها یتعلق بمجال الخلافات أو النزاعات. وجود الاشتراکات والاختلافات بین الدول أمر طبیعی خاصة فی الطبیعة الجیوسیاسیة المعقدة للشرق الأوسط کما أن الدول العربیة لدیها العدید من الاختلافات والصراعات داخل المجتمع العربی. إن هذا الوضع یزید الحاجة إلى حوار مشترک وبناء بین جمیع الأطراف فی المنطقة.

ثانیا: إن إعداد أسئلة بهدف تلقی إجابات معادیة لإیران لن یساعد فی فهم القراء لظروف المنطقة والعالم العربی أو العلاقة الإیرانیة – العربیة بشکل صحیح. وکذلک توجد من وجهة نظر الإیرانیین تساؤلات وعلامات استفهام وانتقادات متقابلة بالنسبة لطریقة وسیاسة بعض من الدول والأنظمة العربیة تجاه إیران.

ثالثا: إن حصر مشکلات وعقبات العالم العربی فی تدخلات إیران المزعومة فی العالم العربی هو تبسیط وتجاهل متعمد للحقائق ولن یکون لمثل هذه الادعاءات کثیر من المستمعین. إن لإیران مساحة مشترکة کبیرة من البیئة الجغرافیة والتاریخیة والدینیة والثقافیة والاجتماعیة مع العالم العربی. وتعتبر الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أن عدم الاستقرار والفوضى فی المنطقة العربیة هو أیضا عدم استقرار فی المحیط الحیوی لها. فهل من الممکن إخفاء المشکلات العربیة الحقیقیة التی یعود قسم منها إلى داخل الأنظمة العربیة والجزء الآخر یتعلق بتدخلات قوى من خارج الإقلیم وفی المقدمة النظام الصهیونی الغاصب، من خلال تکرار الاتهامات ضد إیران!

حقا ما هو سبب عدم طرح سؤالا واحدا على الأقل بخصوص الکیان الصهیونی أو التدخلات السیاسیة والعسکریة والأمنیة الواسعة والمباشرة وغیر القانونیة الأمریکیة فی العالم العربی خلال حوار جریدة الأخبار مع رئیس البرلمان العربی الجدید؟!

وهنا سأشیر إلى بعض النقاط الخاصة بالتصریحات غریبة وغیر دبلوماسیة للرئیس الجدید للبرلمان العربی:

فی حین أن إیران لدیها علاقة وثیقة وودیة وأخویة وأحیانا تعاون استراتیجی مع کثیر من الدول والحکومات العربیة فإن اتهامه إیران من منصب رئیس البرلمان العربی لا یعتبر اتهاما عربیا وإنما الاحتمال الأکثر أنه اتهاما تابعا لدولته أی البحرین. اتهامه إیران من جانب واحد حیث حاول أن یجعله اتهاما عربیا، ومع وصف بعض الدول العربیة بعبارات مهینة بکونها مستعمرة إیران، لن تحل أی مشکلة فی هذا الوضع الحساس والمعقعد الحالی للمنطقة.

رئیس البرلمان العربی فی أول أیام رئاسته بدلا من البحث لإیجاد حل، یبدو أنه قد رسم خطة للحرب العربیة – الإیرانیة حیث قال: “ایران هی عدو لنا جمیعا و بیننا خلاف وجودی و عقائدی مستمر طیله الدهر!”

فی حین أن إیران والعالم العربی جیران منذ الأزل وحتی الأبد ولدیهم اشتراکات وروابط وطیدة غیر قابلة للتفکک کما توجد صلات وعلاقات إنسانیة لها جذور منذ قرون متتالیة بین إیران وجیرانها العرب، فما معنى طرح ادعاءات شخصیة کهذه من منبر رئاسة مؤسسة عربیة عامة وما عواقبها!

سیادة الرئیس؛ فی الأیام الأولى لرئاستکم مؤسسة عربیة عامة أوصیکم أن تکون متحدثا صادقا عادلا باسم جمیع الدول الاعضاء فی البرلمان. مما لا شک فیه أن کثیرا من الدول أعضاء البرلمان سوف یأخذون وجهات النظر المعادیة لإیران التی قد عرضتها خلال حدیثک على محامل شخصیة.

أعداءنا غرسوا بذور النفاق والاختلاف فی منطقتنا الجغرافیة والحیویة المشترکة وإذا لم نبدأ سریعا بالجهد المشترک والبناء سوف تستمر آثارها المشئومة لسنوات، إذن فمن الأفضل أن نتحاور سویا حتی لا نساعد أعداءنا. تظهر إیران دائما حسن نیتها من خلال عرض اقتراحات ومبادرات مختلفة لإطلاق الحوار والتعاون البناء بهدف إنهاء الاختلافات وأیضا حل الأزمات الإقلیمیة وإیجاد مجتمعا یضمن الأمن الإقلیمی المشترک، فهل یوجد شریکا لمثل هذه المحادثات والتعاون البناء الذی یضمن المصالح المشترکة لأصحاب المنطقة الحقیقیین وکذلک یخیب آمال الأعداء أصحاب الهیمنة؟

وَلْتَکُنْ مِنْکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَأُولَٰئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.(آل عمران-۱۰۴)

https://bit.ly/36j5Swj

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى