رأى

كازاخستان ومنع التجارب النووية

استمع الي المقالة

د. أميرة عبد الحكيم

فى التاسع والعشرين من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية والذى اقرته الامم المتحدة بناء على مبادرة تقدمت بها جمهورية كازاخستان صاحبة القرار الشجاع الذى اتخذه الرئيس الاول نزارباييف فى ذلك اليوم عام 1991، بالتخلى طواعية عن كافة القدرات النووية التى كانت تمتلكها هذه الدولة والتى كانت آنذاك تعد رابع أكبر ترسانة نووية في العالم، متجاوزة بذلك الترسانة النووية لبريطانيا وفرنسا والصين مجتمعة.

وبمناسبة هذا اليوم شاركت بالحضور فى ندوة نظمتها سفارة كازاخستان بالقاهرة بالتعاون مع مركز الحوار للدراسات السياسية والاعلامية تحدث فيها السفير ارمان ايساغالييف السفير الكازاخى فى مصر وكذلك عدد من الخبراء والمتخصصين فى الشئون النووية، وكشفت كلماتهم ومداخلات الحضور عن أمرين مهمين: الاول، أن ثمة معرفة ضعيفة لدى الحضور بالقضايا النووية سواء من حيث استخداماتها السلمية أو تأثيراتها السلبية، الامر الذى اجلت الندوة كثيرا من هذه الافكار وقدمتها بصورة مبسطة إلى الحضور الذى ضم مختلف التخصصات والتوجهات. الامر الثانى يتعلق بصفة خاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية وكيفية تعظيم هذه الاستخدامات فى ضوء ما تقيمه العديد من دول المنطقة من مشروعات نووية للاستخدام السلمى من بينها مشروع الضبعة الجارى تنفيذه بالتعاون مع روسيا، أخذا فى الاعتبار أنها ليست المرة الاولى التى تقيم فيها مصر مشروعات نووية للاستخدامات السلمية وإن ظلت محدودة القدرات مقارنة بما سيكون عليه هذا المشروع المتميز.

كما كشفت الندوة ايضا عن تطابق فى الرؤي بين وجهتى مصر وكازاخستان بشأن الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وكذلك إلى رؤيتهما معا فى اقامة مناطق خالية من اسلحة التدمير الشاملة وفى مقدمتها السلاح النووى، إذ نجحت كازاخستان فى تحقيق مبادرتها بجعل منطقة آسيا الوسطى خالية من السلاح النووى عام 2006، وهو ما جعلها داعمة للجهود المصرية المنادية بجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من السلاح النووى، تلك الرؤية التى تطالب دول المنطقة وتحديدا اسرائيل وايران بالتخلى عما لديهم من قدرات نووية لدى الاولى وبرامج نووية تستكملها الثانية فى تحدى يهدد امن المنطقة واستقرارها بل وتنميتها اقتصاديا.

نهاية القول إن مبادرة كازاخستان فى التخلى طواعية عن ترسانتها النووية كانت البداية الحقيقة لبناء دولة مستقلة جديدة ما بعد تفكك المنظومة السوفيتية، وكانت مبادرة طموحة عكست الرؤية التى امتلكها الرئيس الاول حينذاك حول كيفية بناء الدول على أسس صحيحة بعيدا عن امتلاك مثل تلك الترسانة التى تهدد الامن والاستقرار العالمى، وقد تبع تلك المبادرة مبادرات عدة طالبت بمنع التجارب النووية بل كانت المبادرة بجعل العالم خالى من السلاح النووى بحلول مئوية الامم المتحدة 2045 من ابرز تلك المبادرة التى تستهدف تحقيق الامن والاستقرار العالمى وتوجيه الجهود النووية نحو الاستخدامات السلمية تحقيقا للتنمية واسعاد الانسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى