سلايدرسياسة

اليوغا.. هبة الهند للانسانية

استمع الي المقالة

“الدبلوماسي” يحاور سعادة سفير الهند لدى تونس

تونس – د. حذامى محجوب

بمناسبة اليوم العالمي لليوغا 21 يونيو / جوان الذي يقع الاحتفال به كل سنة منذ 2015 بعد اقراره من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2014 يتحدث سعادة سفير الهند بتونس السيد بونيت ر. كندال عن أهمية هذه الرياضة وعن منافعها الصحية وهو الذي يحرص شخصيا على ممارستها ويسعى الى نشرها في تونس ، فهو يعتبرأن اليوغا ليست مجرد القدرة على ثني الظهر بمرونة أو اتخاذ وضعيات يصعب على الانسان العادي القيام بها ، بل هي ترتكز على ثلاثة عناصر هامة وهي التدريبات العقلية ،وتدريبات التأمل والتمارين الجسدية ، فهي تعمل على تحسين الاداء العقلي وتساعد الفرد على التركيز الجيد وتقلل من التوتر وتحسن المزاج وتمنح شعورا بالأمان والنشاط والتفاؤل .انها فلسفة تجسد الوحدة بين العقل والجسد والانسجام بين الانسان والطبيعة لذلك اعتبر سعادة سفير الهند بتونس بكل فخر واعتزاز في المقال التالي الذي كتبه بمناسبة اليوم العالمي لليوغا 21 جوان 2020 أن اليوغا هي هبة من الهند للإنسانية.

” ما هو القاسم المشترك بين مادونا ، جنيفر أنيسون، كيم كارداشيان ، بريتني سبيرز، ميلي سيروس ، هالي بيري ، ليدي غاغا، جوليا روبرتس، ديمي مور، روبرت دوني الابن، ديفيد بيكهام ،جوستين تيمبرليك وستيتغ؟ انه الشهرة والوسامة وذياع الصيت والايمان باليوغا. ولم تكتسب اليوغا شعبيتها في جميع أنحاء العالم من أجل ما تكسبه من” قدرة على التحمل” فقط ولكن أيضا من أجل تأثيراتها العلاجية والمهدئة.

واعترافا منها بمنافعها الصحية الشاملة، أعلنت الأمم المتحدة عام 2015 الحادي والعشرين من جوان /يونيو ” يوما دوليا لليوغا”. واقترح رئيس الوزراء نارندرا مودي هذه الفكرة لأول مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014. وقد جاء في الكلمة التي القاها:” ان اليوغا هبة من التقاليد الهندية القديمة لا تقدر بثمن. فهي تجسد الوحدة بين العقل والجسد، والفكر والفعل، وضبط النفس، وتحقيق الذات، والوئام بين الانسان والطبيعة، وهي مقاربة شاملة تجمع بين الصحة والرفاه.

ان المر لا يقتصر على القيام بالتمارين بل هو اكتشاف الشعور بالانسجام مع نفسك والعالم والطبيعة. ومن خلال تغيير نمط حياتنا وخلق الوعي، فان هذا الامر من شأنه أن يساعد على تحقيق الرفاهية. فلنعمل سويا من اجل تبني يوم عالمي لليوغا “. ويتزامن هذا اليوم مع الانقلاب الصيفي الذي يعد أطول يوم في السنة في نصف الكرة الأرضية الشمالي (الأقصر في نصف الكرة الجنوبي)، وهو يوم يحظى بأهمية خاصة في أجزاء كثيرة من العالم.

اشتقت كلمة ” يوغا” من الجذر السنسكريتي ” يج ” الذي يعني الاتحاد، من اجل توحيد، توجيه وتركيز الانتباه لدى المرء. أصبحت اليوغا، وهي فن وعلم قديم، أحد اشكال الطب الجسدي الذهني الذي يدمج بين المكونات الجسدية والعقلية والروحية للفرد لتحسين صحته، لاسيما في مجال الأمراض المرتبطة بالتوتر. يمكن لليوغا أن تقلل من افراز الكورتيزول، وهو هرمون الاجهاد الأساسي . كما تقوي اليوغا العضلات وتساعد القلب من خلال خفض ضغط الدم ومعدل النبض، وتخفف من الاجهاد وتساعد على عملية الاسترخاء وتنمّي في الانسان عادات الأكل الصحية. يعني كل ذلك تحسين نوعية الحياة من خلال النوم بشكل أفضل والحد من الأعراض التي قد تؤدي الى المرض والألم المزمن. بالإضافة الى كل هذه المزايا الصحية البدنية والعقلية، فان اليوغا هي أيضا أداة تصل بين الشخص والجانب الروحاني فيه من خلال التأمل والتركيز. وهناك علاقة لا جدال فيها بين الصحة البدنية والعقلية للشخص عامّة وبين السلام والسكينة الداخليين باعتبارهما الغاية التي قامت اليوغا من اجلها.

بالنسبة الى هواة العلوم، الذين يبحثون عن طابع البحث العلمي في كل نشاط فان السؤال بالنسبة إليهم هو هل تم اثبات اليوغا علميا؟ والجواب هو نعم بكل تأكيد. فقد اثبتت الدراسات الرئيسية التي أجرتها المجلات الطبية المرموقة مثل لانسيت ، والمجلة الطبية البريطانية ، ومجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب ، ومجلة علم الأورام السريري ، وحوليات الطب الباطني، وغيرها من المنشورات ، فوائد اليوغا . وأظهرت هذه الدراسات ان اليوغا تزيد من المرونة والقوة وتحسن القدرة الحيوية والتنفس، وتحسن صحة القلب وتحدّ من الاجهاد والالتهابات وتزيد من طول العمر مع أداء منتظم.

أصول اليوغا: كان باتانجالي اول من وصف فلسفة اليوجا وممارستها وذلك في نصه الكلاسيكي، اليوغا سوتراس الذي ظهر في القرن الخامس قبل الميلاد. أما اليوم، فان الناس لا يتعرفون على اليوغا الا من خلال الوضعيات اليوغية –الأساناس، وهي ممارسة اليوغا الجسدية، ولكن الأساناس ليست سوى جانب من جوانب اليوغا. وتشمل المكونات الأخرى التنفس الواعي، والتأمل وأسلوب الحياة، وتغييرات النظام الغذائي. منذ عام 2015، وفي 21 جوان / يونيو من كل عام، تقيم السفارات والبعثات الهندية في جميع انحاء العالم احتفالات باليوم الدولي لليوغا بمشاركة ضخمة ومتحمسة. ونحن نؤمن بشدة بأن ” اليوغا هي رحلة الذات ن عبر الذات الى الذات “، وبالتالي فانه من المفترض أن تكون مشتركة بين الجميع.

اليوغا في العالم العربي: شهد العالم العربي والإسلامي نموا هائلا لدروس اليوغا، فضلا عن البرامج التدريبية عبر الأنترنت ومقاطع الفيديو. وأصبحت المملكة العربية السعودية تعترف باليوغا كرياضة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2017. وفي مارس/آذار 2018، حازت نوف المروعي، أول مدربة يوغا معتمدة في المملكة العربية السعودية، على جائزة بادما شري ، وهي رابع أعلى جائزة مدنية في الهند. وقد أسندت الجائزة لهذه المدربة، باعثة مؤسسة اليوغا العربية في المملكة العربية السعودية، تقديرا لجهودها الرامية الى تعميم اليوغا في المملكة والاعتراف بها كنشاط رياضي. واليوم، يوم العديد من الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم العربي بتعليم اليوغا حتى باللغة العربية (يوغا بالعربي) ويتم الكثير من هذا النشاط على الانترنت.

رحبت تونس باليوغا. وقد نظمت السفارة أكثر من 100 حدث في مختلف أنحاء البلاد بالتعاون مع عدة منظمات وجمعيات. وتقام دروس يوغا يومية في حديقة البلفيدير وفي نوادي الشباب المختلفة. وتلقت السفارة طلبات من عدة نوادي شبابية وولايات تطلب فيها تنظيم دروس في اليوغا. وقد تلقى أكثر من 10 مواطنين تونسيين تدريبا في مجال اليوغا في الهند. وعقدت السفارة الآن شراكة مع التلفزة الوطنية من أجل تقديم عرض يوغا يومي على الهواء لتعزيز الصحة وبناء المناعة والمساعدة في وصول اليوغا الى كل منزل.

وفي ظل جائحة كورونا التي نمر بها، أصبحت مواطن الضعف والهشاشة في الحياة البشرية بادية للعيان بكل وضوح. وكل ما يهم الآن هو ان صلابتنا الداخلية وحصانتنا وممارستنا اليوغا بشكل منتظم ستكون قادرة على مساعدتنا في هذا المجال. وانا أحث الجميع بشدّة على الشروع في ممارسة اليوغا. وصدق من قال:” ليست المسألة أن تكون جيّدا في أمر ما، بل أن تكون جيّدا مع نفسك”، حتى وان كنا مبتدئين، فان اليوغا يمكن ان تساعدنا في اكتشاف قوتنا الداخلية والتصرف بشكل سليم مع ذواتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى