بقلم: زينة مسعودي
رئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية للإتحاد العربي – المرأة المتخصصة فرع تونس
أصابت جائحة الكرونة المستجد المجتمعات على إختلاف شرائحهم الاجتماعية وطبقاتهم، من ملوك ورؤساء وسياسيين وعلماء….ولم يفرق الڨيروس بين شخص وآخر فقد كابد الجميع آلام المرض. وفي أعقاب تفشي ڨيروس الكرونا المستجد، طفحت الى السطح أوجه إنعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع بين الرجل والمراة حيث أثبت العلماء أن جميع الجوائح لها تأثيرات متفاوتة على الجنسين. وإرتفعت نسبة البطالة بالنسبة للنساء بنسبة 0.9% مقارنة بالرجال إرتفعت بنسبة 0.7% ورغم ان الركود الأقتصادي يكون عادة أشد وطأة على الرجال من حيث نسبة البطالة إلا ان هذه المرة كان العكس.
فقد تؤدي الفجوات القائمة بين الجنسين إلى زيادة الآثار السلبية لكورونا على النساء. وواقع الحال هناك مخاطر كبيرة تتمثل في زيادة عدم المساواة بين الجنسين أثناء هذه الجائحة وبعدها، وحدوث انتكاسة في المكاسب التي تحققت للنساء والفتيات والمتمثلة في تراكم رأس المال البشري، والتمكين الاقتصادي، والقدرة على التعبير، والولاية على النفس الاستقلالية، سيما وأن هذه المكاسب قد تحققت بشق الأنفس على مدى عشرات السنين. وحتى يتسنى صياغة سياسات تراعي الفوارق بين الجنسين، من المهم فهم كيف تؤثر جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنها على نواتج المساواة بين الجنسين. وقد تم توضيح ذلك كيف تؤثر كورونا على نواتج المساواة بين الجنسين
أولاً، لنتناول بيعن الاعتبار الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا. ففي جميع أنحاء العالم، يعمل الرجال والنساء في الغالب في صناعات مختلفة. وقد تضررت النساء العاملات في وظائف قطاع الخدمات بشدة من جراء هذه الجائحة على نحو غير متناسب. على سبيل المثال، علينا أن نفكر في موظفات الاستقبال والإشراف الداخلي ومضيفات الطيران والعاملات في المطاعم ومصففات الشعر والعمالة المنزلية، إلخ، كما أن هناك بعض الوظائف في مجال التصنيع تتسم بزيادة العنصر النسائي فيها. فعلى سبيل المثال، يعمل حوالي نصف النساء العاملات في بنغلاديش في صناعة المنسوجات أو صناعة الملابس الجاهزة. وقد تم بالفعل إبقاء ملايين من عمال الملابس، ومعظمهم من النساء، في منازلهم دون أجر بسبب كورونا.
وهناك نقطة أخرى يجب وضعها في الاعتبار، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل، وهي أن العديد من النساء يعملن في وظائف غير رسمية، وبالتالي لا تشملهن خطط الحماية الاجتماعية مثل التأمين ضد البطالة. ومن شأن ارتفاع معدل وفيات الذكور بسبب كورونا إجبار النساء المتخلفات عن الركب على السعي للحصول على الحماية الاجتماعية أو تأمين دخل آخر لأسرهن.
كما يوجد توزيع غير متكافئ لأعمال رعاية الأسرة بين الرجال والنساء. ففي الأوقات المعتادة، تتحمل النساء والفتيات مسؤولية رعاية الأسرة والمنزل بسبب التقاليد الاجتماعية وهن يتحملن الآن على الأرجح الزيادة في مسؤوليات أعمال الرعاية الناجمة عن إغلاق المدارس، وعزل كبار السن، والأعداد المتزايدة لأفراد الأسرة المرضى. وهناك مخاطر كبيرة تتمثل في دفع هذه الظروف العديد من النساء في جميع أنحاء العالم إلى ترك وظائفهن، وخاصة تلك التي لا يمكن القيام بها عن بعد، مع آثار سلبية محتملة طويلة الأمد على مشاركة الإناث في القوى العاملة.
والآن لننظر إلى الآثار الصحية لهذه الجائحة حيث تؤثر كورونا على موارد وقدرات النساء والرجال على نحو مختلف. وتشير تقارير عديدة إلى زيادة تعرض الرجال لمخاطر الوفاة بسبب كورونا مقارنة بالنساء. وأسباب ذلك غير مفهومة بصورة تامة، لكن الأدلة تشير إلى مجموعة من العوامل البيولوجية والسلوكية. فعلى الرغم من أن ذلك يبين “قابلية تأثر الذكور بالفيروس” بصورة كبيرة، نجد أن النساء والفتيات لديهن أيضًا جوانب ضعف صحية في مواجهة هذه الجائحة.
وبسبب أدوارهن في أنشطة الرعاية داخل المنزل وخارجه، تتعرض النساء على نحو غير متناسب للإصابة بكورونا. وعلى الصعيد العالمي، تشكل النساء 88% من العاملين في مجال الرعاية الشخصية و 69% من الأخصائيين الصحيين. وهذه وظائف في الخطوط الأمامية وتستلزم مخالطة المرضى ولا يمكن القيام بها من المنزل. وفي إسبانيا، على سبيل المثال، تبلغ نسبة الإناث بين العاملين في مجال الرعاية الصحية المصابين 71.8% مقابل 28.2% من الذكور.
هن الكادحات رغم المحن والازمات، هن الصامدات في وجه المعانات، بريق الأمل الصامد رغم الازمات والمحن، كيف لا وهن من على اكتافهن تنشأ أجيال وأجيال وبسواعدهن تملأ المخازن وتعمر الديار، عاملات الحقول جانيات التمور نساء العمق اللاتي يروين بعرقهن الأرض لتنبت وتثمر وبخيراتها نأمن لغذائنا ونقاوم الازمات والحروب، فقد لا تكتفي مشاعر الأسى على وصف معاناة النساء.