لكبح كورونا.. رابطة العالم الإسلامي فى خدمة الأسرة الإنسانية
بقلم : د. المحجوب بنسعيد
تعد جائحة كورونا أو كوفيد 19 من أكبر الكوارث في العصر الحديث التي استأثرت باهتمام المنظمات والحكومات والإعلام. لقد انتشر الوباء في كل أرجاء المعمور ، وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن العالم يواجه أسوأ ازمة صحية ، وبالتالي فإن فيروس كورونا هو العدو المشترك للبشرية جميعها، مما بتطلب تظافر الجهود بين المنظمات الدولية والمؤسسات المالية والجمعيات الخيرية ومراكز البحث العلمي المتخصصة في علم الأوبئة . وانطلاقاً من إيمانها بالعمل الإنساني ونبل الأهداف والمصير المشترك في إطار العلاقات الدولية، وضعت رابطة العالم الإسلامي ” خطة الاستجابة العاجلة لجائحة كورونا” والتي كانت متميزة ومختلفة عمن سواها، من حيث مرجعيتها ، وسياقها العام ، ونوعيتها . واستندت الرابطة في خطتها لمواجهة وباء كورونا على وثيقتين أساسيتين:
-“ميثاق الرابطة” الذي يحث جميع الأمم الإسلامية على تقديم الخير وإسعاد البشرية وتحقيق العدل بين جميع الأفراد ، وتوجيه الجهود وتوحيدها وإرشادها للعمل بإيجابية لتحقيق السلام الداخلي والخارجي.، والعمل على تقديم المساعدة والعون المستعجلة للمسلمين المتضررين من الحروب والكوراث الطبيعية.
– “وثيقة مكة المكرمة” التي أبرزت سماحة الدين الإسلامي وإنسانيته ، وعالميته ، ودعوته إلى التعايش والعدالة والسلام العالمي والأمن والاستقرار والتنمية في جميع دول العالم. وأكدت أن المسلمين جزء فاعل من العالم المعاصر، يسعون إلى التواصل مع مكوناته كافة لتحقيق صالح البشرية، وتعزيز القيم النبيلة وبناء جسور المحبة والوئام الإنساني، والتصدي للظلم والصدام الحضاري والكراهية.
وفيما يتعلق بالسياق العام ، انطلقت الرابطة في خطتها لمواجهة وباء كورونا من تنفيذ أهدافها خاصة المتعلقة بالتعريف بالإسلام وبيان حقائقه وقيمه السمحة ، ودفع عوامل النزاع والشقاق، وتعزيز اللحمة بين الشعوب والأمم، والعناية بالتواصل الحضاري ونشر ثقافة الحوار. كما تندرج مبادرات الرابطة في سياق الجهود الكبيرة والمتواصلة التي يبذلها معالي الأمين العام للرابطة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى من أجل نشر الخير والسلام والوئام وتعزيز الحوار مع أتباع الأديان .
لقد زار الشيخ العيسى معظم أقطار العالم ساعيا إلى التعريف بالقيم الإسلامية الصحيحة والنبيلة في بعدها الإنساني والحضاري ، وفي تطابقها التام مع القيم الإنسانية المشتركة . وفي إحدى المحطات من جولاته الدولية ، أوضح أن الرابطة جسرٌ عالميٌّ لتعزيز التواصل الإنساني من أجل التسامح والتعايش والسلام، وشدد على أهمية تعزيز مفهوم الأسرة الإنسانية الواحدة التي تقوم على المحبة والتعاون في بناء المجتمع الحضاري، والحرص على محاربة أي شكل من أشكال الإساءة إلى هذه الأسرة في وئامها وتقاربها وتعاونها وتحابها بمختلف أديانها وأعراقها وثقافاتها ودولها.
الأمين العام للرابطة ، أوضح أن الرابطة قدمت مساعدات كبيرة ومتنوعة لمواجهة الجائحة شملت حكومات في دول إسلامية وغير إسلامية . وقال من المؤلم أن نرى معاناة البعض من تلك الجائحة بسبب تقاعس دولهم أو ارتهانها لخرافات تنسب للدين. وأكد أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى الأفعال التي تترجم حقيقة الأقوال. وتستهدف المرحلة الأولى من خطة الرابطة تقديم دعم نقدي مباشر لحكومات ومنظمات دولية داخل العالم الإسلامي وخارجه ، وتقديم مساعدات عينية شملت مستلزمات صحية ووقائية ، وسلال غذائية للشرائح الأكثر ضعفا ، وحملات تنظيف وتعقيم المرافق ، وبرامج توعية وتثقيف بلغات عديدة.
بذلك تؤكد رابطة العالم الإسلامي للعالم قاطبة أن الإسلام دين الصدق والوفاء وأن طليعة أسباب احترامه وتقديره وتفهمه هو قيمه الحقيقة المتمثلةُ في التسامح والتعايش ونشر السلام والمحبة والوئام والمواجهة الفكرية لنظريات الشر والكراهية . لقد سبق ل الأمين العام للرابطة بالملموس أن قال ” خدمات رابطة العالم الإسلامي الإنسانية لا تفرق بين دين ودين، ولا عرق وعرق، بل تقدم خدماتها الإنسانية للجميع أياً كانت أديانهم، وأياً كانت أعراقهم وأياً كانت بلدانهم، وأن هذا يمثل قيمة أخلاقية عليا في دين الإسلام تترجمها أكثر أن الإسلام لا يساوم في ما يبذل لوجه الله تعالى ولا ينتظر ثناء ولا شكرا من أحد”