الاتجار بالفتيات.. لا يزال التحدى مستمراََ..؟!
أميرة عبد الحكيم
رئيس وحدة دراسات المرأة والطفل بمركز الحوار
مثلت القضية التى تم ضبطها بشأن القبض على تشكيل إجرامى منظم للاتجار فى الفتيات القاصرات بعرضهن وبيعهن بمقابل مادى وتزويجهن عرفيا، جرس إنذار بأن قضية الاتجار بالنساء والفتيات لا تزال تمثل تحدى كبير رغم كل الجهود المبذولة والسياسات المرسومة والاجراءات المتبعة من جانب اجهزة الدولة المختلفة. وهو ما يجعل من المهم اعادة النظر في كل هذه السياسات والاجراءات ليس من اجل تركها كلية وانما اجل تقييمها بشكل موضوعى للوقوف على ما لا يزال منها ملائما لتطورات الاوضاع وما لم يعد ملائما، وذلك بهدف البحث عن آليات او سياسات جديدة تكون اكثر ردعا ومواجهة لهذه الجريمة اللاانسانية. وعندما نتحدث عن هذه الجريمة التى وقعت مؤخرا لم تكن قاصرة على اوضاعنا فقط وإنما تزامنت معها قضية اخرى جرت احداثها فى البحرين مع عصابة اخرى من كازاخستان حاولت استغلال الفتيات القاصرات ايضا فى مثل هذه الاعمال المنافية للاخلاق والاداب بل وللانسانية وقيمها.
ومن ثم، فالقضية ليست قضية محلية او وطنية بقدر ما هى قضية دولية يتطلب مواجهتها جهود عالمية وتنسيق دولى، هذا التنسيق لا يقتصر فحسب على الجوانب الامنية او القانونية بقدر ما يتطلب أن يكون هناك تنسيق يتعلق بالوعى والثقافة ليس فقط لدى الفتيات القاصرات وإنما الاهم لدى الاهل والاقارب الذين يتولون شئونهن. وهنا يبرز دور ثنائى ومسئولية ثنائية يشارك فيها الفرد والدولة معا، فإذا كان مطلوبا من الدولة تشديد اجراءاتها الامنية وتغليظ عقوباتها القانونية الموقعة على من يرتكب مثل هذه الجرائم، فإنه مطلوب ايضا من الفرد ان يعى مدى الجرم الذى يرتكبه بحق ابنته او اخته حينما يوافق على تزويجها بمثل هذه الطريقة، لان آثار مثل هذه الزيجات لا تقتصر على الفتاة فحسب بل على الاسرة ومستقبلها وسمعتها، كما تمتد تأثيراتها إلى المجتمع الصغير الذى تعيش فيه هذه الفتاة لينتقل مثل هذا التأثير إلى المستوى الوطنى بتداعياته السلبية الخطيرة على الامن والاستقرار.
ما اود الاشارة إليه ان جهود المؤسسات العاملة فى مجال المرأة والطفولة تحتاج إلى مزيد من الدعم المجتمعى من جانب الافراد والاعلام بكافة صوره واشكاله، وكذلك تحتاج إلى الدعم الرسمى من جانب الدولة ومؤسساتها المختلفة، إذا اردنا ان نواجه مثل هذه الجرائم الخطيرة.