كلمة السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أمام الجلسة الافتتاحية للدورة العادية الثالثة والثلاثين لمؤتمر الاتحاد الأفريقي
اشرف ابو عريف
فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات
معالي السيد موسى فقي
اسمحوا لي بداية أن أعبر عن خالص اعتزازي بالمشاركة معكم في هذه القمة الهامة، تلبية لدعوة أخي السيد رئيس المفوضية، وبما يعكس تميز الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وحرصنا المتبادل على تنمية هذه العلاقة المؤسسية الممتدة.
كما أتوجه بخالص التحية إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على رئاسته الناجحة للاتحاد الأفريقي، وعلى الإنجازات الهامة التي حققها الاتحاد تحت قيادته، وفي مقدمتها إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، واعتماد رؤية متكاملة للإصلاح المؤسسي للاتحاد، وتنفيذ أركان أجندة 2063 لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار والتنمية في القارة.
أصحاب الفخامة
السيدات والسادة
إنكم تجتمعون اليوم تحت شعار “إسكات البنادق: تهيئة الظروف المواتية لتنمية أفريقيا”، وهو موضوع يتلاقى في حقيقة الأمر مع أهداف وأولويات الجامعة العربية، إذ أننا نتشارك في نفس التطلعات، ونواجه ذات التحديات، ونؤمن بأنه لا يمكن إطلاق عملية التنمية الشاملة بمعزل عن إرساء دعائم الأمن والاستقرار في إقليمينا؛ ومن ثم فإنني أثق في أننا يمكن، بل يتوجب علينا، أن نعظم من عملنا المشترك لمعالجة التحديات الأمنية وجذور الأزمات السياسية التي تزعزع استقرار دولنا وتعطل خطط التنمية المستدامة في منطقتينا.
فلقد عملنا سوياً لمرافقة الأشقاء في السودان في عملية الانتقال السياسي منذ أبريل الماضي، إذ أقدمت الجامعة العربية على جملة من المساعي الحميدة مع الأطراف المعنية وشارك اتحادكم في رعاية عملية وساطة بشكل أفضى إلى الاتفاق على وثائق الانتقال إلى السلطة المدنية والتي وقعت منظمتانا عليها
كشهود؛ ويظل أمامنا جهد مشترك يجب أن نقوم به، معاً وبهذه الروح التكاملية، للوقوف مع السودان ومساندته في استكمال الاستحقاقات التي يتطلع إليها، بما في ذلك إتمام عملية السلام بين الحكومة والحركات المسلحة، ودعم التعافي الاقتصادي في البلاد، ورفع بقية العقوبات المفروضة عليها.
كما ندعو إلى تعزيز التعاون فيما بيننا لدعم الصومال ومساندة حكومته في مكافحة الإرهاب وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار على أراضيه وإنجاح خطط التنمية الوطنية التي أقرها والاستحقاقات الانتخابية والدستورية التي يعد لها؛ ونتطلع كذلك إلى مواصلة جهودنا التكاملية لمساندة جزر القمر وكل ما يصب في دعم استقرارها وخطط التطوير السياسي والاقتصادي التي أطلقها فخامة الرئيس غزالي عثمان.
كما يمتد حرصنا هذا إلى تعظيم التعاون والتضامن معكم في كل جهد يبذل لإحلال الأمن والاستقرار في الجوار الأفريقي
المباشر للعالم العربي، إذ نقف معكم من أجل استكمال مسيرة السلام في جنوب السودان، والبناء على المصالحات التاريخية التي يشهدها القرن الأفريقي، والقضاء على التهديدات الإرهابية والأمنية التي تمس أمن واستقرار دول الساحل؛ كما نرحب بالإعلان عن تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، والذي نثق في أنه سيساهم في بناء مزيد من جسور التعاون والتكامل بين أعضائه وسيصب في خدمة الشراكة العربية الأفريقية الأوسع بالشكل الذي نصبو إليه.
أصحاب الفخامة
السيدات والسادة
إننا نشهد الآن في ليبيا تصعيداً خطيراً للأزمة الدائرة هناك، بعد مرور أكثر من عشرة أشهر على اندلاع العمليات القتالية حول طرابلس وتعدد مظاهر التدخلات العسكرية الخارجية
السافرة والمكشوفة فيها؛ وتعلمون المسئولية الأصيلة التي تتحملها الجامعة العربية من أجل تسوية هذا النزاع ومرافقة الليبيين إلى بر الأمان، كما نقدر الحرص المماثل للاتحاد الأفريقي على إخراج البلاد من أزمتها ومبادرتكم بدعم عملية المصالحة الوطنية الجامعة بين أبنائها؛ وعليه فإنني أثق في أن كل جهد نقوم به سيأتي متناسقاً ومكملاً لبعضه البعض وسيلتف حول جملة من الأولويات التي نتشارك فيها، وعلى رأسها تثبيت الهدنة القائمة والوصول إلى ترتيبات دائمة لوقف إطلاق النار ومراقبته، وإيقاف كافة أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، وتنفيذ المسارات الأمنية والسياسية والاقتصادية المتفق عليها في عملية برلين، وذلك كله وفق المرجعيات العامة لاتفاق الصخيرات وفي إطار الدور القيادي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.
أصحاب الفخامة
السيدات والسادة
تثمن الجامعة العربية عالياً ودائماً الموقف المبدئي للاتحاد الأفريقي دعماً للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضه وإقامة دولته المستقلة؛ كما أحيي على وجه الخصوص أخي السيد رئيس المفوضية على دوره القيادي المناصر لأخوتنا الفلسطينيين على النحو الذي عبر عنه مجدداً عقب الإعلان عن الخطة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ وأثق في أن أفريقيا ستبقى على التزامها المعهود بالوقوف مع نضال الشعب الفلسطيني في رفضه لهذه الصفقة المجحفة على النحو الذي أعلنت عنه القيادة الفلسطينية والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي.
أصحاب الفخامة
السيدات والسادة
لا يسعني في الختام سوى أن أعبر عن تطلعنا لالتئام قمتنا العربية الأفريقية الخامسة المرتقبة والتي ستنعقد بمشيئة الله في السعودية، والتي انطلقت عملية التحضير الجاد لها بين الأمانة العامة للجامعة ومفوضية الاتحاد الأفريقي والدولة المضيفة، وستفضي دون شك إلى تحقيق طفرة نوعية في شراكتنا الاستراتيجية بشكل يعكس عن حق الروابط التاريخية والمصالح المشتركة التي تجمعنا؛ وأود هنا أن أجدد لكم التزامنا بالعمل مع الاتحاد ومفوضيته ورئاسته من أجل إنجاح هذه القمة ومخرجاتها، وأغتنم هذه الفرصة لتهنئة فخامة الرئيس سيريل رامافوسا على تولية رئاسة الاتحاد وأثق في أن قيادته الشخصية ستساهم كثيراً في الارتقاء بمستوى شراكتنا وتمتينها دعماً لأولويات دولنا ونصرة لقضايا شعوبنا.
وشكراً فخامة الرئيس،،