لماذا ينتصرون..؟!
بقلم: منار منصرى
“وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ”..
تذكرت هذه الآية الكريمة وانا أشاهد هيمنة اهل الباطل تبسط سلطانها على المعمورة برزانة وثبات ، مع سابق تخطيط ودقة تنفيد، وأهل حق تشرذموا هنا وهناك يصارعون بعشوائية الغريق الذي لم يجد حتى قشة يتمسك بها ، كنت سأكتب “عدنا الى” عصور الوثنية المظلمة ، ثم فكرت باستبدالها بعبارة ” تحولنا الى “؛ ثم فصل صراع الجمل في عقلي بديهية تاريخية تغيب أحيانا عنا ، نحن لا نعود ولا نتحول ، مقياس صيرورتنا البشرية لا يخضع للعودة أو التحول ، نحن نعيش نسقا واحدا منذ أوصى الله آدم وحواء بعدم الأكل من الشجرة ومنذ وسوس لهما الشيطان بالأكل منها ، صراع الخير والشر بداخلنا كأفراد وبيننا كمجتمعات هو البضاعة التي يكيلها ميزان الحق والباطل ليحدد مانكونه عبر الأبعاد الزمنية والمكانية من خلال كم نجمع في كل كفة من الميزان من خير او شر.
لماذا ينتصر الباطل؟
قبل أن نتحدث عن أسباب انتصار الباطل المستمر ، اسمحوا لي بأن افتح قوسا لأبسط نظرتي المتواضعة لمعركة الخير والشر وبلغة عصرنا الرقمية ، تخيل أنك في لعبة الكترونية مفتوحة لا نهاية لها كالألعاب التقليدية القديمة التي تنتهي بانقاذ الاميرة او دخول قصر الاشرار أو قتل زعيمهم فأميرات هذه اللعبة واشرارها وقصورها لا تنتهي ، لعبة عليك ان تنتصر فيها لتستمر ، أن تستفيد من كل المزايا التي تمنحها لك وتستغل كل الفرص لأن النقاط التي تجمعها في مرحلة من اللعبة هي التي تحدد مستوى لعبك في المرحلة المقبلة ، لذلك فكل نتيجة تحققها هي نتيجة آنية وليست النتيجة النهائية .. وأغلق القوس لأقول أن ما نراه انتصارا للباطل هو نتيجة مرحلية تحكمها أفعال أهل الباطل الذين نجحوا في جمع النقاط وحسن رصها على ميزان الحق والباطل ؛ سيتساءل القارئ كيف يمكن للباطل ان يرجح كفة الميزان لصالحه ؟ ببساطة انه الايمان تخيل ! نعم الايمان ، حين يصبح أهل الباطل أشد ايمانا به من ايمان أهل الحق بحقهم ، سينتصرون ، الايمان ليس صلوات تتلى او ترانيم ترفع ، بل هو القناعة التامة بالشيءالمرفوقة بالعمل الدؤوب لتحقيقه.
ان ابليس لا ييأس من جر العبد الى وكره ، ويحاول دون كلل أو ملل ليحيل حيواتنا الى مبارزة صفرية مفتوحة لا استراحة بين أشواطها ، مازحتني اخت مرة قائلة ” ان الشياطين يدركون أنهم يصفدون في رمضان لذلك تجدهم قبله يسارعون بزرع بذور الشك والنميمة والبغضاء والحسد عساها تنبت آثاما تفسد على الصائمين صيامهم ” وهكذا علم ابليس اتباعه ، اصبروا على آلهتكم ولا تيأسوا ولا تستعجلوا النتائج …. يتبع