سلايدر

أبو الغيط يفتتح النسخة الثالثة للتنمية المستدامة ويحذر من انتفاضة الجماهير العربية

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

ألقى السيد/ أحمـد أبـو الغيـط الأمين العام لجامعة الدول العربية  فـــــــي افتتاح الأسبوع العربي الثالث للتنمية المستدامة والتى جاءت على النحو التالى:

معالي الدكتورة هالة السعيد.. وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بجمهورية مصر العربية
السيد الدكتور محمود محي الدين. النائب الأول لرئيس البنك الدولي
السيدة رولا دشتي.. الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا)
السفير إيفان سركوس.. رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة
السيدة راندا أبو الحسن.. الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في جمهورية مصر العربية

السيدات والسادة،

أود في مستهل كلمتي أن أرحب بكم جميعاً وأشكركم على مشاركتكم وحضوركم اليوم في افتتاح أعمال النسخة الثالثة للأسبوع العربي للتنمية المستدامة، والذي حرصت جمهورية مصر العربية على استضافته ودعمه في نسخه الثلاث …

واسمحوا لي أن أغتنم تلك المناسبة لأتوجه بالشكر إلى الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بجمهورية مصر العربية وجميع الشركاء (البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، والاسكوا) على مساهمتهم الفعالة والإيجابية في إنجاح أعمال هذا الأسبوع وإخراجه بالشكل اللائق.

السيدات والسادة،
يأتي انعقاد الأسبوع العربي للتنمية المستدامة هذا العام في ظل تطورات نتابعها جميعاً سواء على الصعيد العربي أو حتى على مستوى العالم … ثمة مطالب اجتماعية واقتصادية تعبر عن نفسها في صورة احتجاجات جماهيرية … وهناك تطلعات مشروعة لدى كتل ضخمة من السكان في تحسين مستوى حياتهم والارتقاء بجودة حياة أبنائهم … وإذا تحدثنا عن العالم العربي تحديداً فإن هذه التطلعات تبدو باعثاً واضحاً وراء الكثير من التوترات الاجتماعية والسياسية والمظاهرات المطلبية في عدد من البلدان العربية … ولا ينبغي أبداً أن نغض الطرف عن تطلعات شعوبنا إلي حياة أفضل .. من حيث الخدمات الأساسية والصحة والتعليم .. ولا يمكن أبداً أن ننكر استمرار وجود فجوة بين الجهود التنموية التي تقوم بها الحكومات من ناحية، وتطلعات وتوقعات الشعوب في حياة أفضل من ناحية أخرى … ولاشك أن اتساع هذه الفجوة – بين الواقع والطموح – ليس في مصلحة الحكومات أو الشعوب… ذلك أن التوقعات، المتزايدة بفعل عوامل مختلفة منها زيادة التمكين وتحسن الاتصال، تخلق نوعاً من التوتر المكتوم داخل المجتمعات.. بحيث لم يعد في مقدور الحكومات الاكتفاء بتوفير الحد الأدنى، وصار عليها الارتقاء بمستوي ادائها باستمرار حتي يصل لمستوي التطلع والطموح لدي شعوبها.
إن ما تعرضت له المنطقة العربية من هزات سياسية ضخمة منذ بداية العقد الحالي أثر، ولاشك، على مسيرة التنمية إذ صار على عدد من الدول العربية التعامل مع التبعات الخطيرة لحالات الاضطراب الأهلي، من لاجئين ونازحين ومخاطر أمنية متزايدة، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من استنزاف للموازنات العامة وعبء على خطط التنمية .. وهو ما يؤدي بدوره إلى تفاقم المشكلات وتعاظم التحديات التي تواجه المجتمعات العربية.
مع ذلك؛ فليس هناك بديل عن التحرك على كافة المسارات في نفس الوقت … فمطالب الشعوب لا تحتمل التأجيل .. والمؤشرات التي نطالعها عن المنطقة العربية تعكس بالفعل اتساعاً في رقعة الفقر في عدد من البلدان العربية، كما تعكس تراجعاً ملحوظاً في كفاءة بعض المرافق الحيوية التي تقدم الخدمات الأساسية للجمهور .. وقد سلط “التقرير العربي للفقر متعدد الأبعاد” الضوء على الطبيعة المركبة لظاهرة الفقر في العالم العربي .. وأظهر عدم ملاءمة الاكتفاء بقياس الدخل كمؤشر وحيد على الفقر، بل ضرورة النظر إلى ظاهرة الفقر من منظور أوسع بوصفه حرماناً من الفرص في التعليم والصحة ومستوى المعيشة اللائق .. وقد وضع هذا التقرير المهم 12 مؤشراً لقياس الفقر متعدد الأبعاد من بينها – مثلاً – التغذية والحمل المبكر وسنوات الدراسة ومياه الشرب المأمونة … وغيرها.
ولما كان القضاء على الفقر بحلول عام 2030 واحداً من أهم أهداف التنمية المستدامة، فإنني أهيب بصناع السياسات ومتخذي القرار في البلدان العربية الاستفادة من النتائج والاستخلاصات التي ذهب إليها “تقرير الفقر متعدد الأبعاد” في وضع السياسات والحلول التي تعالج هذه الظاهرة الخطيرة، لما لها من صلة وثيقة بالاستقرار السياسي والاجتماعي في بلادنا… كما احثهم على حشد كافة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمواجهة الفقر كضمان لتحقيق التنمية المستدامة، والتعهد بالا يخلف الركب احداً وراءه.
السيدات والسادة،
إن محاور عمل أسبوع هذا العام الثلاث، 1) التكامل بين شركاء التنمية، 2) التحول إلى حياة أفضل، 3) آفاق جديدة لعالم متغير، وخاصة المحورين الثاني والثالث، في غاية الأهمية… حيث تعكس تلك المحاور طبيعة التحديات التي تواجهها جهود تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية… وأود في هذا الصدد، أن أنوه بتهديد خطير تتعرض له جهود تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية… ألا وهو تدهور البيئة بفعل الجفاف والتغير المناخي .. وهنا فأن ظاهرة الشح المائي تعد الأخطر على الإطلاق بما تنطوي عليه من آثار على التنمية الاقتصادية والاستقرار السياسي ومستوى الحياة للسكان.. إن المنطقة العربية هي الأكثر معاناة على مستوى العالم من نقص المياه، ويفاقم من خطورة الوضع أن 80% من مصادر المياه العربية تقع خارج العالم العربي .. وتعاني الدول في المشرق العربي (سوريا والعراق على وجه الخصوص) من هيمنة تركية على مصادر المياه .. كما يعاني الفلسطينيون من نهب منظم يقوم به الاحتلال منذ سنوات لخزانات المياه الجوفية في الأراضي المحتلة .. وأخيراً، فإن مصر تواجه تهديداً خطيراً لحصتها من ماء النيل بسبب مشروع سد النهضة الذي تقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق .. علماً بأن مصر – التي تجاوز عدد سكانها 100 مليون – قد دخلت بالفعل مرحلة الفقر المائي منذ سنوات.
وأؤكد في هذا المقام على أنَّ قضية شح المياه هي أخطر ما يواجه العالم العربي في المستقبل .. إذ أنها مسألة وجود وبقاء .. وربما نعرف اليوم خطورة تأثير ظواهر مثل الجفاف على الاستقرار السياسي والاجتماعي بعد أن شاهدنا ما جرى في سوريا التي واجهت أسوأ موجة جفاف في تاريخها منذ 2007… وقد أدى هذا الجفاف إلي هجرات داخلية واسعة واضطرابات اجتماعية خطيرة، كان من شأنها تسهم بقدر غير قليل في تفجير الوضع على النحو المؤسف الذي شهدناه ونشهده اليوم.
السيدات والسادة،
إنني أتمنى لأعمال النسخة الثالثة للأسبوع العربي للتنمية المستدامة كل النجاح والتوفيق وأن نتمكن من خلال الحوار البناء والتفاعل أن نحقق شعار أسبوع هذا العام “شراكة متكاملة من أجل مستقبل مستدام” والخروج بتوصيات ومبادرات تعزز من تنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة في المنطقة العربية … ولا تفوتني الإشارة إلى أن النسخة الرابعة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة سوف تعقد خلال أعمال اكسبو 2020 دبي الذي تستضيفه إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من أكتوبر 2020 إلى أبريل 2021، تحت شعار مهم وهو “تواصل العقول … وصنع المستقبل”.
وأخيراً، أقول إن التنمية المستدامة هي بوابة العبور الوحيدة إلى مستقبل آمن ومزدهر .. ومستقبلنا هم أبناؤنا .. وإذا عرفنا أن 25% من السكان العرب هم دون 18 عاماً .. بل وتتجاوز النسبة 45% في كثير من الدول .. فلابد أن نسائل أنفسنا بمنتهى الجدية وبروح المسئولية: كيف نوفر لهؤلاء التعليم والصحة والغذاء .. كيف نحفظ لهم حقهم في المياه والموارد الطبيعية .. كيف نوفر لهم مستقبلاً أفضل من حاضرنا .. وشكراً لكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى