نبيل القروى.. السجين المرشح لرئاسة تونس
تونس – د. حذامى محجوب
لقد تمكن المترشح للرئاسة التونسية السيد نبيل القروي ، المسجون منذ الشهر الماضي ، من التأهل إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية يوم 15 سبتمبر 2019، على الرغم من أنه قابع في السجن ، انها حملة انتخابيةأولى من نوعها ، حملة من خلف القضبان تقوم بها زوجته السيدة سلوى السماوي وهي امرأة لامعة، امرأة بألف رجل مع شخصيات آمنت بمشروعه وانخرطت في حزبه، والسيد نبيل القروي هو ، رئيس المجموعة الإعلامية والإعلانية Karoui & Karoui ، وأيضًا صاحب القناة التلفزيونية التونسية المشهورة -نسمة -وقد تم اعتقاله في 23 أغسطس الماضي بأمر من المحكمة ، التي أرادت التحقيق في قضية تهرب ضريبي وغسل أموال ،ورغم أنه يعد بريئا الى أن تثبت ادانته فقد رفضت محكمة الاستئناف بتونس يوم الجمعة ، طلب الإفراج عن رجل الأعمال ، وقد قامت هيئة الدفاع على لسانه بنكران ارتكاب أي مخالفات وبالبرهنة على أنه ضحية لمناورة سياسية في علاقة مباشرة بترشحه للانتخابات الرئاسية خاصة بعد أن بينت كل استطلاعات الرأي تقدمه السحيق في نوايا التصويت.
أما خلفيات هذا الإيقاف، فقد اتهمت منذ عام 2016 ، I-Watch المنظمة غير الحكومية لمكافحة الفساد ، وهي فرع محلي من منظمة الشفافية الدولية السيد نبيل القروي وشقيقه غازي ، بإنشاء شركات في الملاذات الضريبية من أجل تخفيف مبلغ الضرائب. والغريب في الأمر أن هذه الاتهامات لم تنتهزها العدالة الا حين تصدّر السيد نبيل القروي قائمة نوايا التصويت للرئاسيات ،مما جعل هذا الاتهام يلقى معارضة شديدة من قبل المجتمع المدني والقوى السياسية خارج السلطة وصنف السيد نبيل القروي كسجين سياسي وليس كسجين حق عام.
وقد اشتهر السيد نبيل القروي خلال هذه السنوات الثلاث الأخيرة كمدافع عن الطبقات الفقيرة ، فقد كان ينتقل إلى المناطق الداخلية المحرومة ، ويقوم بتوزيع الطعام والمواد الأساسية ، باسم جمعيته ، “جمعية خليل تونس “، التي تم إنشاؤها بعد وفاة ابنه الأكبر في حادث سيارة .
وهو عضو مؤسس لحركة نداء تونس، الحزب الذي احتل المرتبة الأولى في انتخابات 2014 ، وكان قريبا من الرئيس الباجي قائد السبسي ،وانشق عنه بعد نشوب تصدعات كبرى فيه، وقد أعلن السيد نبيل القروي ترشحه على قناته التليفزيونية في شهر مايو الماضي وأنشأ حزب قلب تونس ، الذي يستند أساسًا على شخصيته وعلاقاته الموسعة واشعاع قناته، وهو يقدم نفسه كرجل أعمال على استعداد “لتحرير الاقتصاد”. وإيجاد بذلك حلول عملية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
وصعد السيد نبيل القروي سريعًا كمفضل في استطلاعات الرأي ، وسارع إلى التغلب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي هو بدوره مرشح للرئاسيات أيضًا رغم ما استعمله هذا الأخير من امكانات الدولة المادية والبشرية في حملته الانتخابية.
إن التأهيل للدور الثاني للسيد نبيل القروي ، المرشح المحتجز ،هو وضع غير مسبوق في العالم ويطرح العديد من التساؤلات السيد نبيل القروي لايتمتع بنفس الحظوظ التي يتمتع بها منافسه في الدور الثاني السيد قيس سعيد،فهو لايمكن أن يتوجه الى التونسيين ولايمكن عرض برنامجه الانتخابي ولاالقيام بحملة انتخابية ، كما تطرح مسألة ايقافه مسألة هامة في الديمقراطية وهي مسألة استقلالية القضاء وحياده.
كما أن بقية المترشحين قد قدموا عديد الطعون لدى المحكمة الإدارية تتعلق بنتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية..
وينتظر أن تبت المحكمة في الطعون في ظرف قصير لا يتجاوز يوم الأحد المقبل.. يلي ذلك مرحلة الطعون لدى الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في ظرف 48 ساعة والتي عليها أن تصدر قرارها كذلك في ظرف 48 ساعة..
نحن مقبلون على انتخابات عسيرة وخريف ساخن جدا.. فهل ممكن أن نتحدث عن انتخابات نزيهة وأحد المترشحين قابع في السجن دون حكم قضائي.. خاصة وأن العديد من الملاحظين والمحللين والحقوقيين قد أكدوا على أن ايقافه ليس شرعيا وأن الاتهام لا يؤدي في قضية الحال الى ايداعه السجن؟