التدريس عن بُعدْ.. إقبال متزايد و مستقبل واعد
فؤاد الصباغ
كاتب تونسى وباحث اقتصادى
إن تنامي ظاهرة التدريس عن بعد عبر القاعات الإفتراضية تمثل أهم حدث تكنولوجي عرفه العالم الرقمي الحديث. فهذا النوع من التدريس أصبح مؤخرا يحظى بإهتمام كبير من قبل أغلب الطلبة و التلاميذ خاصة بأوروبا و أمريكا و دول الخليج. كما أصبح ذلك الإقبال المتزايد عبر التسجيل في منظومة التعليم عن بعد يمثل أبرز ظاهرة تعليمية حديثة بواسطة إستعمال تكنولوجيات الإتصال و المعلومات عن بعد. بالتالي برزت في هذا الصدد ببعض الدول المتقدمة خاصة منها فرنسا بما يسمي المدارس الإلكترونية أو الرقمية و أيضا المعاهد و الجامعات الإفتراضية و من أهمها نذكر MOOC’s للتعليم الجامعي الإفتراضي و الذي يقوم ذلك الموقع بإنتداب العديد من الأساتذة الجامعيين للتدريس عن بعد. كما يقوم بعملية إستقطاب العديد من الطلبة و ذلك من أجل مساعدتهم للحصول علي شهادة جامعية عن بعد من أرقي الجامعات العالمية و ذلك بدون الحاجة للسفر أو الحضور الإجباري. إذ أصبحت منظومة القاعات الإفتراضية تشكل الحدث البارز عالميا من خلال إستغلال تلك البرمجيات و التقنيات في مجال التعليم عن بعد. بالإضافة إلي ذلك برزت معها الألواح الرقمية الذكية و السبورة الإلكترونية و القلم الإلكتروني و الضوئي و الأوراق الرقمية و الكاميرات ثلاثية الأبعاد و الإتصال المباشر عبر التلفاز الذكي, بحيث أصبحت تلك الأدوات و الوسائل الرقمية من أبرز التقنيات الحديثة التي تساعد علي التدريس عن بعد و تسهل من عملية إلقاء المحاضرات و الدروس الجامعية. فتلك التقنيات الحديثة أصبحت في مجملها اليوم تمثل مصدرا جديا للعمل عن بعد وفقا لضوابط و قوانين تحددها المدارس الإلكترونية و الجامعات العالمية الإفتراضية من خلال تقديم الدروس أو إلقاء المحاضرات عن بعد مع تقديم المساعدات العلمية للتلاميذ و الطلبة عن بعد. كما أن الإنتداب للأساتذة عن بعد أصبح يخض لعديد الشروط و الآليات و من أهمها أن يكون الأستاذ متحصلا علي شهادة جامعية, و يتقن جيدا إستعمال تكنولوجيات الإتصال و المعلومات الحديثة خاصة منها إستعمال القاعات الإفتراضية و الكتابة علي برمجية السبورة الرقمية, أيضا و الأهم نجاحه في الاختبار الشفاهي مع هيئة الإنتداب الخاصة بالمدرسة الإلكترونية أو الجامعة الإفتراضية. فإجمالا تمثل تلك التكنولوجيات تطورا حقيقيا في مجال التعليم عن بعد الذي أصبح بدوره يستفيد من كل التقنيات الجديدة في المجال التكنولوجي و الرقمي. كما أنه لا يمكن اليوم بأي حال من الأحوال الإستغناء عن النظام التقليدي للتعليم مثل المدارس و الجامعات العامة أو الخاصة, لكن يبقي ذلك النظام التعليمي الإلكتروني و الإفتراضي مكملا و ليس بديلا له أو موازيا في محتواه و أهدافه و مقللا للمشاكل و لعوائق الحالات الإجتماعية لبعض الأشخاص. بالتالي تساعد تلك المواقع التعليمية الطلاب أو التلاميذ للإستفادة من الدروس الخصوصية و في المقابل يستفيد الأستاذ من مبلغ مالي محترم عن كل حصة تدريس يقوم بها عبر تلك القاعات الإفتراضية عن بعد بدون الحاجة للسفر إلي دولة أخري من أجل العمل و كسب الرزق. كما تمثل تلك المواقع فرصة حقيقية من أجل الإستفادة لمواصلة التعليم في وقت وجيز جدا و الحصول علي شهادة جامعية عالمية من أعرق الجامعات العالمية خاصة عبر تلك المواقع المتخصصة في التعليم عن بعد للتلاميذ و الطلبة اللذين غير قادرين للسفر إلي دولة أخري أو الكبار في السن أو أصحاب إعاقة جسدية أو النساء الحوامل. بالإضافة إلي ذلك تساهم تلك النوعية من التدريس عن بعد في إستقطاب العديد من الأساتذة الجامعيين العاطلين عن العمل أو اللذين هم في حاجة ماسة إلي دخل مالي إضافي. كما أن الإستثمار في المشاريع التعليمية الرقمية تمثل حافزا حقيقيا لتنمية الإقتصاد الرقمي و الإستفادة المباشرة من أحدث التكنولوجيات و التقنيات. فمراحل التعليم أخذت نسق تصاعدي في إطار التجديد و التطوير في الأهداف و المحتوي مستفيدة بذلك من الإندماج الكلي في صلب العولمة الرقمية. إذ شهدت مراحله التحول من الجيل الأول للتعليم التقليدي و الكلاسيكي البدائي عبر السبورة و الطباشير, إلي الجيل الثاني عبر إستعمال القلم الحبري و السبورة البيضاء, إلي الجيل الثالث عبر إنتشار التعليم الخاص و إستعمال بعض التقنيات الحديثة مثل السبورة الإلكترونية و الإعلامية في القاعات التقليدية, وصولا إلي الجيل الرابع من التعليم عبر الإنتشار الرهيب و الغريب و واسع النطاق للمدارس الرقمية و المعاهد الثانوية و الجامعات الإفتراضية أو برامج تعليم عن بعد داخل الجامعات التقليدية و التي تعتبر في حد ذاتها حدث القرن.