23 يوليو “يُجسد” التنمية المستدامة لسلطنة عُمان طوال 50 عام
مهند أبو عريف
مع اقتراب حلول الثالث والعشرين من يوليو ذكرى تولي السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في 23 يوليو 1970، فإن ثمة معاني يمكن استحضارها خلال مسيرة النهضة والبناء التي استمرت لقرابة خمسين سنة إلى اليوم، وحملت العديد من الأفكار والرؤى والقيم التي ترسخت عبر الزمن وكانت بمثابة نبراس يسير عليه الإنسان العُماني في اكتشاف مسارات الحياة الإنسانية والمساهمة في كافة قطاعات الإنتاج في الدولة العصرية.
واحدة من المعاني الاستراتيجية والمهمة هي مصطلح ومفهوم “التنمية المستدامة” الذي برغم حداثته حيث ظهر في مطلع الثمانينات من القرن العشرين، إلا أن استراتيجية سلطنة عُمان قد وضعت الأسس الراسخة لهذا المفهوم خلال الممارسات التنموية والعمل الجاد على إنتاج أنساق جديدة للحياة الإنسانية في عُمان، في مشروع التحديث الذي قاده السلطان قابوس.
يتضمن مفهوم التنمية المستدامة اليوم صورة متكاملة تربط الواقع والمستقبل معاً في سبيل الاستجابة للحاجيات المستمرة لجيل اليوم والأجيال المقبلة، وهو ذات المفهوم التي نسجت عليه سلطنة عُمان طريقة ومشوار مسيرتها في النهضة منذ السبعينات وحتى الآن.
وربما كان مفهوم النهضة أكثر سعة باعتباره يتضمن المعاني المادية والروحية والقيم وكافة هذه المسارات المرئية واللامرئية في تجربة الكائن البشري، في حين ان التنمية المستدامة ذات إطار أكثر تحديداً.
تؤكد الدراسات التاريخية أن سلطنة عُمان ساهمت وما زال تساهم عبر تجربتها التنموية الفريدة، في التجربة الإنسانية على مستويات عدة، ولا شك أن مشاركة سلطنة عُمان في “المنتدى السياسي الرفيع المستوى حول التنمية المستدامة” الذي ينظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة المنعقد في مدينة نيويورك يوم 18 يوليو، يمثل فرصة لعرض التجربة العُمانية، حيث تقوم باستعراض التقرير الوطني الطوعي الأول عن أهداف التنمية المستدامة 2030.
الجدير بالذكر أن مصطلح “التنمية المستدامة” تم استخدامه لأول مرة من قبل الاتحاد الدولي من أجل حماية البيئة سنة 1980، وكان يشير في البدء إلى الدلالة البيئية وعلاقة الإنسان بالمحيط الحيوي من حوله، غير أن المفهوم تم تطويره وأدمج في العديد من سياقات الحياة ليكتسب معاني عميقة وكبيرة ومتسعة، وبحلول عام 1987 ظهرت نسخة محدثة من المصطلح جعلته يتعلق بالقدرات المستقبلية والبرامج والخطط والأفكار.