نوران عبد المنعم
يمثل انتخاب أعضاء مجلس الشورى بسلطنة عُمان للفترة التاسعة المقبلة استحقاقاً تاريخياً متصلاً يجسد مرحلة أخرى مهمة من مراحل الشورى العُمانية، وعرساً جديداً للديمقراطية وفق خصوصية البيئة العُمانية، والتطورات والإجراءات المعمول بها والمستجدات في انتخابات الفترة القادمة؛ حيث تسجل مسيرة الشورى تقدما في الأداء والوعي ضمن مساقاتها المرحلية الطبيعية، ومساهماتها في إثراء خطط التطور والبناء والعمل.
تكتسب انتخابات مجلس الشورى للفترة الجديدة أهمية كبيرة كونها تتزامن مع الاستعدادات العُمانية للاحتفال بيوم النهضة في الثالث والعشرين من يوليو وكذلك الاستعداد للاحتفال بالعيد الوطني التاسع والأربعين والذي يتوج مسيرة نصف قرن من العطاء المتواصل لبناء الوطن العُماني.
ويرى محللون أن المجتمع العُماني يشهد نشاطاً وتفاعلاً وحراكاً من أجل تقديم منافسة انتخابية متقدمة بهدف انتخاب الأكفاء القادرين على التفاعل بإيجابية مع مهام الشورى ومسؤولياته المجتمعية والوطنية في هذه المرحلة، وأن عملية التطوير التقني الذي أدخلته وزارة الداخلية على جميع مراحل الانتخابات شكل ملمحاً جديرا بالاهتمام بالنسبة للقيد الانتخابي الذي أعطي متسعا من الوقت حرصا على إتاحة الفرصة لجميع المواطنين لممارسة حقهم الانتخابي أو بالنسبة لعملية نقل القيد الذي أغلق في 27 من شهر يونيو الماضي وأيضاً بالنسبة لعملية مراحل الانتخابات الأخرى القادمة أو فيما يتصل بجواز توظيف وسائل النشر الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي في مرحلة الدعاية الانتخابية.
كما يشكل المحفل الانتخابي المرتقب في الفترة القادمة عرسا وطنيا للعُمانيين بفضل توجيهات السلطان قابوس الذي أتاح للمواطن العماني حرية الاختيار في هذا اليوم التاريخي والوطني، حيث أصبح لدى المواطن العماني درجة كبيرة من الوعي والقدرة على تلبية طموحات الحكومة في هذا الجانب وطموحات المواطنين.
فقد بات المواطن العُماني لديه الإدراك الكامل للضوابط الانتخابية سواء في السجل الانتخابي أو إجراءات الانتخابات وعملية الاختيار والأنظمة المعمول بها والتفاعل مع أدوار اللجان المكلفة بمهام الانتخابات، وهناك أدوار متكاملة في كل ولاية للتوعية بأهمية الانتخابات والإجراءات المعمول بها والمستجدات في الانتخابات القادمة سواء من الأعمال التي يقوم بها المترشحون أو من قبل المؤسسات والجمعيات الموجودة في المجتمع.
ويؤكد مراقبون أن الأداء قبل الانتخابات القادمة لمجلس الشورى العُماني سيكون تنافسيا، حيث إن المترشحين الجدد في هذه الانتخابات لديهم المستشارون والخبراء الذين يعملون لصالحهم ويديرون حملتهم الانتخابية، كما إن أمامهم تحدياً في طرح برامجهم أو الاتصال بالجمهور أو من خلال إقناع الشريحة المستهدفة في العملية الانتخابية، وسيعمل كل بطريقته الخاصة لاستقطاب مجموعة من الناخبين لصالحهم من خلال البرنامج الانتخابي وإدارته الحملة الانتخابية ومن خلال وصوله وتواصله مع الأفراد الناخبين بكافة شرائحهم دون استثناء.
وبالتالي فإن الآمال والطموحات من المجلس للفترة المقبلة كبيرة والمطلوب منه للتنمية الكثير من العمل والمشاركة الإيجابية وبالتالي لا للمجاملات في اختيار المترشح وإنما العنصر الأساسي هو الكفاءة التي تخدم السلطنة والتنمية المتواصلة وتعمل على مزيد من تكاتف المجلس مع كل الجهود المبذولة من قبل الحكومة والمجتمع لتعزيز التنمية والبناء.
ولا شك أن تجربة الشورى والديمقراطية في ثوبها العُماني باتت نموذجاً يحتذي في المشاركة واستيعاب النخب السياسية الجديدة، بعد أن وصل الناخب والمترشح في هذه المرحلة إلى الوعي والإدراك الكامل، وأن تطور مسيرة مجلس الشورى صاحبها نوع من التطور الحسي لدى الناخب والمترشح، بمعنى أن الناخب في فترة التسعينات وبداية الألفية أصبح الآن مختلفاً عما هو عليه، حيث يقوم الناخب الآن بدراسة أي مترشح لمعرفة ما قدمه للمجتمع وما هي إنجازاته، ومن هنا أصبح الصوت مرتبطاً بالأداء تحت قبة البرلمان.
وأصبحت المرأة شريكة للرجل في الترشح والانتخاب، حيث تقوم جمعيات المرأة العمانية في كافة ولايات السلطنة بدورها التوعوي وتشجيع المرأة كناخبة أو مترشحة على المشاركة في الانتخابات بكثافة، في ظل المكانة التي توفرت لها في مسيرة النهضة بفضل توجيهات السلطان قابوس وجهود تمكينها في كافة القطاعات وعليها أن تكون متواجدة وحاضرة وأن تتحرك بجهودها ومواقع التمكين لتحظى بتلك الثقة.