الجامعات السورية: معاناة من “نزيف العقول وتحجر المناهج وقلة الموارد”
بي بي سي بالعربيه – مع مرور ثماني سنوات، منذ بدء الحرب، تعاني الجامعات السورية من الفساد، وقلة التمويل، وهجرة العقول، بحسب ما ذكره تقرير.
ودمر الصراع في البلاد نظام التعليم العالي فيها، بحسب ما يقوله باحثون في جامعة كمبريدج وأكاديميون سوريون في المنفى.
ويقول الباحثون إن حوالي 2000 جامعي متخصص تركوا البلاد لاجئين إلى الخارج.
وقال أحد الأكاديميين السوريين إن مسلحين قتلوا أخاه ونشروا مقطع فيديو بذلك على الإنترنت.
ويقول التقرير، الذي أجرته منظمة بريطانية، تعرف باسم مجلس الأكاديميين المعرضين للخطر، كجزء من برنامجها الخاص بسوريا، إن قطاع التعليم أضعفه تدمير المنشآت، وانتهاكات حقوق الإنسان، وما وصفه التقرير بجمود المناهج، وعسكرة الحرم الجامعي.
وأعد التقرير على مدى 12 شهرا، فيما بين عامي 2017-18.
وتحدث الفريق الذي أجراه إلى 19 أكاديميا سوريا يعيشون في المنفى في الخارج، ووصف بعضهم كيف اعتقلوا وعانوا على أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال أحد العلماء، في أعقاب إطلاق سراحه، إنه علم أن معتقليه قالوا فيما بينهم: “إذا قبضنا عليه في أي مكان فسوف نقتله لأنه لم يساعدنا في إنتاج قنابل”.
وقال آخر: “قتل أخي الأصغر، الذي كان لديه أسرة وخمسة أطفال. ووضعته جماعة تنظيم الدولة في أحد مقاطع الفيديو التي ينشرونها”.
وشعر أكاديمي آخر، يعيش في المنفى، أن حياته في خطر من عدة جوانب، لأن “النظام، وجيش النظام، ومسلحي المعارضة” كانوا يهددون حياته.
واعتقد أن ذلك كان نتيجة عمله في منطقة تسيطر عليها الحكومة، وعيشه في منطقة لا تديرها الحكومة.
وشرح أحد زملائه من اللاجئين كيف اتخذ قرار مغادرة البلاد، قائلا: “كتب أحد الأشخاص تقريرا غير رسمي عني يقول فيه إنني كنت أتكلم بصراحة كلاما مناوئا للجيش، أو الرئيس، وربما كان ذلك أحد تلامذتي”.
وأضاف: “واستدعتني قوات الأمن للتحقيق. وعندما أطلقوا سراحي أبلغت زوجتي أن علينا أن نستعد للرحيل”.
وتحدث الباحثون أيضا مع 117 من أعضاء هيئة التدريس، والطلاب في 11 جامعة داخل سوريا: ثمان منها في مناطق تسيطر عليها حكومة الرئيس بشار الأسد، وثلاث في مناطق أخرى خارج سيطرة الحكومة.
وتمت المقابلات عبر بعض التطبيقات الإلكترونية، أو البريد الإلكتروني.
وقال أحد الطلاب الجامعيين: “هناك عدد كبير من الطلاب، ولذلك نمضي معظم وقتنا خلال المحاضرات وقوفا لأكثر من ساعتين”.
وتحدث آخر عن “قدم المعدات، وخلو المكان من كل شيء فيما عدا المقاعد والأقلام”.
ولكن أعضاء هيئة التدريس في إحدى الجامعات الخاصة، التي تديرها الحكومة، عبروا عن تجربة أخرى مختلفة، قائلين إن: “موارد التمويل الجامعي ممتازة”.
وكان من بين توصيات التقرير، الدعوة إلى انخراط قطاع التعليم العالي السوري في برامج الشراكة العالمية مع جامعات دول الشرق الأوسط الأخرى، والجامعات الغربية والأوروبية.
ويطالب التقرير أيضا بالاستعانة بأفراد أمن مدنيين داخل الحرم الجامعي، بدلا من قوات الأمن، في القريب العاجل.
ولكن مؤلفي التقرير يعتقدون أن القضية الأكثر إلحاحا هي نزيف المواهب الفكرية، والتهديد الأمني للأفراد، مما يعني عجز الأكاديميين عن أداء دورهم في إعادة بناء المجتمع السوري، وتشكيل مستقبل البلاد.
وقالت البروفيسورة كولين ماكلوخلين، التي تعمل في كلية التربية بجامعة كامبريدج: “كان في تنفيذ مشروع هذا البحث الجماعي تحد لنا، خاصة إذا أخذنا الظروف في الاعتبار. ولكن النتائج مهمة، وكذلك طريقة العمل الجماعي”.
وأضافت أن: “عمل المجلس في دعم الأكاديميين النازحين أمر حيوي، ويجب أن نتذكر عملهم ونحترمه، كما يجب أن نواصل دعم البحوث في مجال التعليم العالي السوري”.