أجرى الحوار: رئيس التحرير
وسط غيوم سياسية عمرها أربعون عاماََ منذ قيام الثورة الإيرانية ضد الاستكبار والفساد بكافة ألوانه كى يتمتع المواطن الإيرانى بــ”العيش.. الحرية.. العدالة الإجتماعية“.. ولتلك الآمال الثلاث، اهتزت العصبية القبلية وانتفضت ليس من أجل مؤازرة أحلام الشعب الإيرانى، بل لوأد حُلم الحرية المسؤولة فى مهدها كى تسلم أنظمة عربية قابعة فوق صدور الشعب العربى ليس إلا لصناعة صفقات قرن تلوَ أخرى وأخيرا نقل السفارة الأمريكية للقدس عاصمة الهوية العربية.. اعتماد أمريكا لأحقية إسرائيل فى هضبة الجولان السورية المحتلة.. إعتبار حزب الله والحرس الثورى الإيرانى منظمات إرهابية.. نقض الولايات المتحدة الأمريكية للإتفاق النووى بين إيران ودول 5 + 1.. حرمان إيران من تصدير حصتها من النفط فى منظمة أوبك عبر الوهم الصهيوأمريكى.. هذا، ليس إلا لتحقيق أكذوبة وكابوس “دولة إسرائيلية من النيل إلى الفُرات“..
ولأن مفاصل التاريخ هى “ماضى.. وحاضر.. ومستقبل”، كان على “الدبلوماسى” بالعربية/الإنجليزية أن يترقب اللحظة المناسبة لإجراء حوار مع السفير ناصر كنعان رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية فى القاهرة لفك تلاصمات وألغاز المشهد السياسى محليا وإقليميا ودوليا لما لمسناه كإعلاميين من حنكة دبلوماسية وكاريزما سياسة فى شخصه منذ توليه المسئولية “سفيراََ” لبلاد فارس وحفيدا للصحابى الجليل “سلمان الفارسى (ر).. ووصلا لما سبقوه من البعثات الدبلوماسية الإيرانية وخبرته الكبيرة بالعالم العربى عبر سنوات عمله فى العراق لسنوااااااات.. من هنا جاء الحوار على النحو التالى:
* اليوم الخامس والعشرين من إبريل/نيسان.. ذكرى تحرير ما تبقى من سيناء المصرية المحتلة فى 1967.. وبهذه المناسبة عُطلة رسمية فى البلادد وبالتالى أيضا البعثات الدبلوماسية على أرض الكنانة.. إلا أن سفارتكم تعمل على قدم وساق..؟
* السفير ناصر كنعان: بداية نتقدم بخالص التهانى لمصر حكومة وشعبا لهذه الذكرى العزيزة علينا كمسلمين وعرب.. فمكانة سيناء مهبط الأنبياء غالية على نفس كل مسلم وعربى.. وكلنا أمل تحرير الأراضى العربية الإسلامية من يد الكيان الصهيونى فى أقرب وقت ممكن إن شاء الله..
أما بالنسبة لعمل سفارتنا اليوم، فطبقا للبرتوكول الإيرانى أننا نحصل على إجازة 20 يوم سنويا.. منها 10 أيام أعياد وطنية فى إيران و 10 أيام أخرى إجازات وطنية للبلد المضيف.. ودوما أجمل التهانى القلبية لشعب مصر العظيم.
* الدبلوماسى: هل نحن بصدد حرب عالمية ثالثة أطرافها الكيان الصهيوأمريكى وإيران؟
* السفير كنعان: لا أعتقد أن الكيان المشار إليه يملك الشجاعة على الإقدام على هذه الخطوة.. سواء أمس أى منذ أربعة عقود.. أو اليوم، مع الأخذ فى الإعتبار التصنيف الدولى المتقدم جدا للقوة الإيرانية عسكريا وسياسا ودبوماسيا وإقتصاديا.. إلخ. الرسائل الإيرانية للمتربصن بها إقليميا ودوليا قاتلة وهذا ما يتمثل فى لبنان، العراق، سوريا، اليمن، أفغانستان، قطر.. فبعدما سقطت أسطورة قُوىَ إقليمية وأخرى دولية حليفة فى مستنقع جنون العظمة وقدرة إيران على القضاء على داعش المُصنَّعْ فى معامل الصهيوأمريكى على أرض العراق وسوريا.. وكذا الرسائل الغير مباشرة لقُوى الإستكبار داخل الشرق الأوسط وما وراء البحار عبر بوابات المقاومة فى لبنان (حزب الله) وحركات النضال ضد الكيان الصهيونى على مدار سنوات 2006، 2008، 2016،2012، 2018 واستغاثة إسرائيل بالأمم المتحدة عبر الفيتو الأمريكى لوقف ضربات المقاومة الموجعة هنا وهناك بفعل التقنية الإيرانية.. وبالتالى أرى أن سلوكيات خصوم إيران فى الوقت الحالى يعيشوا مرحلة إنعدام وزن تام أو بالأحرى الإنتحار السياسى طيلة أربعين عام!
وأؤكد أن إيران تستطيع أن تصمد، فقد كانت صامدة قبل الاتفاق النووي وكان هناك إجماع دولي و11 قرار تحت الفصل السابع من ميثاق مجلس الأمن الدولي، أما اليوم فليس هناك إجماع دولي وروسيا والصين بجوار إيران، وإلى الآن أوروبا في المنتصف بين أمريكا وإيران، والموقف الأمريكى منعزل في هذا القرار، والأمم المتحدة بجوار إيران وليست بجانب الولايات المتحدة، من هنا فإن هامش المناورة الآن لدى إيران كبير.
* الدبلوماسى: وكيف ترون ما يُسمى ب “النيتو العربى”بهيمنة صهيوأمريكية؟
* السفير كنعان: الفكرة ما هى إلا بدافع اليأس المحدق لقُوى الاستكبار سواء إقليمية وهى لا تتعدى دُويلتين من دول الخليج. وكذا الأمر بالنسبة لما يُعرف بإسرائيل وأمريكا.. وكون فكرة تيتو عربى باءت بالفشل قبل ميلادها بسبب الضربات الموجعة من إيران للمتربصين بها سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً.. هذا، فضلاً عن أن الفكرة عمقت الشرخ الذى أحدثته الدبلوماسية الإيرانية بين النيتو الأطلسى والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة منذ نقض الإتفاق النووى من جانب أمريكا.
* الدبلوماسى: كيف ترون القرار الأمريكى برفع إستثناء 10 دول بإستراد النفط الإيرانى، فضلا عن الوقف التام لتصدير إيران لحصتها من النفط عبر بوابة أوبك؟
* السفير كنعان: علينا أن نستحضر حوار الذبابة والنخلة المثمرة.. عندما نادت الذبابة على النخلة: أيتها النخلة استمسكى بنفسكِ فإنى عنكِ راحلة!.. ردت النخلة المثمرة: أيتها الذبابة لم أستشعر بهبوطك علىّْ بدافع تطفلك، فكيف أشعر بكِ وأنتِ عنى راحلة؟!.. من هنا وكما أعلن آية الله فضيلة المرشد الأعلى: إيران تستعين بنفطها قدر حاجتها ووقتما وكيفما تشاء..
* الدبلوماسى: هذا يعنى أن إيران لديها بدائل أخرى للنفط كفيلة بتوفير حياة كريمة للمواطن الإيرانى.. أليس كذلك؟
* السفير كنعان: نعم بفضل الله ومن زمن بعيد تبذل إيران أقصى ما فى وسعها لخلق بدائل للطاقة المؤقتة بإبتكار كافة أنواع الطاقة المتجددة كالكهرباء كالطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية الأرضية التى تؤهلها لتأمين قطاع من احتياجات الشرق الاوسط والعالم إلى جانب سد احتياجاتها الداخلية، لافتا إلى أن الموقع الجغرافي يساعد إيران بأن تكون ترانزيت، لإمدادات الطاقة بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، حيث ان طهران في الوقت الحالي تتبادل الطاقة الكهربائية مع دول الجوار.. وهناك شبكة الكهرباء الايرانية التي ترتبط فعليا مع كل من العراق وتركيا واذربيجان وارمينيا و تركمنستان وأفغانستان و پاكستان..إلخ.. ومن هنا نستطيع القول أن إيران استطاعت ترجمة شعار “قادرون” على الأرض ومنذ وقت بعيد كأحد أهداف الثورة المباركة.
* الدبلوماسى: وماذا عن البدائل الحيوية للنفط أو مشتقاته؟
* السفير كنعان: أن الحظر خلق فرصا ثمينة للنهوض بصناعة البتروكيماويات في ايران، لان فرض العقوبات حال دون دخول المحفزات التي تحتاجها هذه الصناعة الى إيران لذا عمل الخبراء الايرانيون على تصنيعها فى مدن جابهار /السولى الساحلية بجنوب شرق إيران ستصبح محورا لانتاج البتروكيماويات فى البلاد. ويُعد قطاع البتروكيماويات سادس أكبر قطاع في الاقتصاد القومي لإيرانى..
* الدبلوماسى: باعتبار الدولار الأمريكى العملة الدولية للتبادل التجارى، وفى ظل العقوبات أمريكا ضد إيران.. كيف المخرج؟
* السفير كنعان: قد يكون الخيرُ فى الشرِ كامنٌ..لقد لقنا إيران الولايات المتحدة الأمريكية درسا فى تحقير الدولار لا يُنسي.. فمنذ فرض الحصار على إيران فى سبعينيات القرن المنصرم، تتعامل إيران مع دول العالم باليورو لإذلال الدولار وخفض قيمته الأدبية والمادية.. ومؤخراً، ابتكرت إيران فكرة جوهرية لاقت ترحيب واسع من دول كثيرة كالإتحاد الأوروبى وروسيا والصين ومنظمة وتركيا حيث يتم التبادل التجارى بالعملة المحلية لكل دولة.. وهذا قد أصاب الدولة الأمريكى بالإذلال والتراجع فى القيمة.
الدبلوماسى عاشت إيران حرب صدامية مفروضة ثمان سنوات..خلفت خسائر فادحة للعراق وإيران والخليج الممول والمحرض.. وفى خرب الخليج الثانية رفضت إيران التحالف مع صدام غزو دول الخليج خاصة أن الرئيس العراقى آنذاك منح إيران جُل العتاد العسكرى العراقى من طيران ونفط.. إلخ، إلا أن إيران رفضت الإنتقام خاصة من السعودية آنذاك.. لماذا؟!
* السفير كنعان: هذا يرجع لأهداف الثورة الإيرانية التى منها أن أمن دول الجوار هو جزء رئيس من الأمن القومى الإيرانى وعدم الرد عسكريا على إنتهاكات بعض دول الجوار بسبب تدخلها فى الشأن الداخلى الإيرانى ومساعدة إرهابيىّْ داعش على زعزعة الإستقرار فى إيران يؤكد حُسن النوايا للجمهورية الإسلامية الإيرانية إزاء دول الجوار، فضلا عن رفض عرض صدام حسين دحر نُظم بعض دول الخليج آنذاك. ولذا دائما ما ندعو هذه الأنظمة الإقليمية التخلى عن فزاعة حماية الأمريكان لهم للتصدى لأطماع أمريكا وأخواتها فى ثروات الخليج.. ونقول لهم: أليس منكم رجل رشيد؟!
* الدبلوماسى: من وقت لآخر، نرى اختراقات أمنية لقواعد عسكرية إيرانية ردا على النجاح الساحق لقُوىَ الحشد الشعبى فى العراق وسوريا والسقوط التام للتنظيم الداعشى المدعوم إقليميا ودوليا.. كيف لإيران وقف هذه الإنتهاكات؟
* السفير كنعان: بالفعل كانت هناك نقاط ضعف على الحدود مع دول الجوار مثل أفغانستان وباكستان وقد اتفقت إيران مؤخراً مع الدول المجاورة خاصة باكستان على نشر قوات حماية على الحدود والمعروفة باسم قوات الإنتشار السريع للتصدى لتنظيم ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية اليائس.
* كيف استقبلتم تصنيف الحرس الثورى ومن قبله حزب الله منظمات ارهابية؟
كما يُقال بالعربية “لكل داء دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها”، وردة فعلنا كانت بالمثل بل أقوى، اذ أعلنت إيران أن الجيش الأمريكى بالكامل مؤسسة إرهابية..
* وماذا عن منظمة مجاهدى خلق الآن؟
*السفير كنعان: تأسست الجماعة كتنظيم يحارب الحكم الإمبراطوري في إيران والإمبريالية الغربية، وانتهى بها الحال صديقة لإسرائيل وأميركا، فيما يعتقد أن السعودية قد تكون أحدث أصدقائها. وكان معسكر أشرف – قرب مدينة الخالص- قاعدة لمجاهدي خلق، وبعد سقوط صدام حسين، اتخذت من العراق موطنا وأخيراً الآن فى تيرا عاصمة ألبانيا. ولم يعد لها وجود تماما فى إيران.
* كيف سيكون رد فعل إيران إذا ما هاجمت دول الحصار قطر؟
* السفير كنعان: لا شك أن قطر أمست وأضحت أقوى من قبل بكثييييييييييييير عسكريا وسياسيا واقتصاديا.. هذا، فضلا عن علاقاتها القوية بالأطلسى لما يحققه من منافع ومكاسب اقتصادية جمة مع قطر.. وفى قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية “العُديِّدْ” حيث الإتفاقية العسكرية الموقعة بين قطر والولايات المتدة الأمريكية.
وأخيرا.. وعلى ما يبدو أن الأشجار الضاربة بجذورها فى عُمق طبقاااااااات الأرض، حتما تبقى أوراقها دائمة الخُضرة.. عذبة العبير والريحان.. أما الأشجار مقروضة الجذور، فكيف لها الخضار.. وكيف لها أن تحيا.. فهى دائمة الخريف متساقطة الأوراق.. بلا ريح وبلا ظل.. وبالتالى بترها وقطعها أولى وأجدر.. ولذا استحق “النوروز” أن يكون عيداََ للبهجة والسرور!