د. حذامى محجوب
في معظم الأحيان يكون يوم 8 مارس أي اليوم العالمي للمرأة يوما احتفاليا أي تحتفل به الحكومات عن طريق وزارات المرأة والمنظمات والجمعيات النسائية خاصة بمستوى ارتقاء المرأة في المجتمع وتوليها المراكز السياسية والاقتصادية . فيوم 8 مارس هو يوم تكريم وتبجيل واعتراف للمرأة بما قدمته ، انه يومها الوحيد على 365 يوم من السنة ويسمح لها في هذا اليوم من طرف عائلتها بأخذ قسط من الراحة ويطلب منها عدم تحمل أعباء البيت في هذا اليوم والخروج الى التسوق ويقدم لها الرجل الزهور والورود . وبهذه الطريقة نجد أنفسنا بالضبط ازاء عيد كبقية الأعياد الأخرى (عيد الميلاد، عيد الزواج ،عيد الفطر ، المولد النبوي….)بصراحة هذه الطريقة في الاحتفال هي مهزلة بأتم معنى الكلمة لأنني لاأعتقد أن النساء الكادحات في الحقول والعاملات في المصانع والقابعات في البيوت ولا حتى الموظفات التي يسلّط عليهن أبشع أنواع التفرقة والتمييز ينتظرن هذه الأشكال من الاحتفال . لا أعتقد أن امرأة مسلوبة الحقوق كامل السنة ستفرح حين يقال لها في أفضل الحالات ” كل سنة وأنت طيبة سيدتي”
ينبغي أن يكون يوم 8 مارس يوم إعلام وتوعية المواطنين حول حالة اللامساواة وحول التفرقة والتمييز التي مازالت تعيشها النساء في العالم اليوم بصفة متفاوتة وفي مجتمعاتنا بصفة خاصة وكل العنف المسلط على المرأة على مستوى تقلد الوظائف وعلى مستوى الأجور / التحرش الجنسي وكذلك على مستوى كل المظالم التي ترتكب تجاه المرأة باسم الدين أو باسم قراءة ذكورية للدين ….)
علينا أن لاننسى أن الجذور الأساسية لهذا اليوم تعود الى الاحتجاجات والإضرابات التي قامت بها المرأة بسبب عدم المساواة بين الرجل والمرأة .
ان يوم 8 مارس أصبح عيدا كاريكاتوريا ، تدعى فيه النساء ويقدّم إليهن باقات الزهور امتنانا لما يقدمنه الى العائلة والى المجتمع ولكن لا أحد يتحدث فيه عن معاناة المرأة خلال 364يوم الباقي.وحتى وسائل التواصل الاجتماعي تسوّق باقات ورود حمراء متمنية للمرأة ” عيدا سعيدا ” وتسرع النساء بعبارات الشكر ، أي كأن الرجال يوجهون لهن رسالة معناها” أبسطن وأفرحن اليوم ومن الغد ولمدة 364 يوم أي كل الأيام القادمة تعُدنَ الى وظيفتكن”بل أكثر من ذلك ، فكم أشعر بالتفاهة حين أرى إعلانات المتاجر والمحلات واقعا وافتراضا تقترح بمناسبة عيد المرأة عروض مغرية وبأثمان معقولة عن الحلاقة والتجميل .
واني أَجِد ذلك حزينا وخطيرا باعتبار أن هذا اليوم يتجه في اتجاه ما نقده وما طالب بتغييره .
انه ينبغي أن يكون يوم غضب ويوم شجب للظلم واللامساواة بكل أشكالها ،وفِي رأيي مادام ليس هنالك عيد للرجال فهذا يعني بكل وضوح أن المساواة بين المرأة والرجل لم نبلغها بعد .
لذلك أعتقد أنه علينا في هذا اليوم أن نتحدث عن الأشواط المقطوعة في العالم في طريق تحرر النساء من السلطةالذكورية ونشخص فيه العراقيل والمصاعب الباقية أمام المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل في كل العالم .لذلك فاني أرى أن النسوية ليست عيدا نحتفل به بقدر ما هي قضية ونضال ومقاومة ، لذلك هي ليست حكرا على المشتغلات في وزارات المرأة ولا على الباحثات الحقوقيات بل تشمل جميع النساء اللاتي تمتلكن القدرة والجرأة على الكفاح ضد كل أشكال التفرقة والتمييز ، فكل لحظة لاترضى فيها امرأة ما بالذل وبالهوان هي لحظة من يوم عيد ، فليكن عيدالمرأة عيدا مستمرا …..