رأى

قراءة في كلمة رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة

استمع الي المقالة

بقلم: أ.د. محمد السعيد عبد المؤمن
أستاذ الدراسات الإيرانية

رغم أني لم أحضر احتفال السفارة الإيرانية باليوم الوطني بسبب إصابتي بوعكة صحية، إلا أن الأستاذ محسن حسين المستشار السياسي والثقافي في السفارة تفضل بإرسال كلمة السفير ناصر كنعاني التي ألقاها في هذا الحفل، ولقد لاحظت في كلمة سعادته، كما لاحظت في نشاط السفارة الثقافي والإعلامي خطابا سياسيا وإعلاميا جديدا يتسم بالحصافة، ويتناغم مع حديث المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية حول التوجه الإيراني في التعامل مع دول المنطقة. لقد اتسم هذا الخطاب الجديد بالحرفية الجيدة، وبنوع من الصدق والواقعية وعدم المغالاة السياسية، في غمرة احتفال بانتصار الثورة الإسلامية التي غيرت وجه الحضارة في إيران، وسعت لنقل تجربتها إلى المنطقة والعالم، وهذا يعني إدراكا واضحا لمفاهيم وتوجهات من يوجه إليهم الخطاب، وفهم سبل إمكانية فتح باب الحوار من جديد بين إيران ودول المنطقة.
مع اتسام خطاب السفير الإيراني لمصر والمصريين بكل هذه السمات إلا أنه ركز كثيرا على الخصوصيات التي تتمتع بها مصر والشعب المصري من القدرة على فهم الخطاب، والإحساس بمدي صدق وواقعية صاحبه، كما لمس الجوانب الجيدة والهامة التي يحتاج إليها التعامل والتعاون بين مصر وإيران، فهو لم يسهب كثيرا في الحديث عن العلاقات والروابط القديمة بين الدولتين والشعبين، وإنما كان تركيزه على ضروريات أساسية معاصرة، وأولها التنمية التي تحتاج إلى أفق مفتوح وتعاون إيجابي بناء. وثانيها التعامل والتعاون السياسي الثنائي الذي يسهم في إيجاد الاستقرار الذي يساعد على هذه التنمية.
تجنب سعادة السفير الإشارة إلى ما أشار إليه المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية وهو استعداد إيران للتعامل مع دول المنطقة، حتى مع وجود خلافات بينها وبين إيران، باعتبار أن التعاون البناء قادر على خلق حسن الظن الذي يمكنه حل كل المشاكل العالقة. أما تجنب السفير الإيراني التصريح بهذا الأمر، في ظني، سببه رغبة السفير في التأكيد على أنه لا توجد خلافات أساسية بين مصر وإيران، وهو ما دلل عليه خلال خطابه الذي تطرق إلى أن رؤية إيران لا تبتعد عن رؤية مصر في أولوية التنمية والاستقرار، كما أن أسلوب البلدين في العمل من أجل تحقيقهما متشابه.
اسمح لي سيدي السفير أن أقول لكم باعتباري متخصصا في الدراسات الإيرانية، أن خطابكم إلى النخبة والمسئولين المصريين يبطل أي زعم حول الاتجاه نحو الغزو الثقافي، وهو ما يؤكد وعيكم إلى أن التعاون الثقافي والتنموي هو السبيل الوحيد للتقارب بين البلدين والشعبين، ومن هنا اسمح لي أقترح عليكم أن تتقدموا إلى الحكومة المصرية بطلب إنشاء مركز دراسات علمية مشتركة بين مصر وإيران يضم عدة أقسام، تشمل دراساتها جوانب التنمية من ناحية والجوانب الحضارية والثقافية والدراسات الإيرانية من ناحية أخرى، على أن يقوم على هذا المركز أساتذة من الجامعات المصرية والإيرانية ومتخصصون في المجالات المختلفة. وظني أن هذا المركز سوف تكون له نتائج باهرة في قيام علاقات نموذجية بين البلدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى