يوم الصناعة العُماني فرصة لاستشراف المستقبل ومواجهة التحديات
مهند أبو عريف
يمثل يوم الصناعة العُماني والذي يوافق التاسع من فبراير من كل عام، فرصة لمناقشة مستجدات القطاع الصناعي واستشراف مستقبله بعد وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لمواجهة التحديات التي تفرضها البيئة الداخلية والخارجية على حد سواء.
وناقش الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة مع الصناعيين والمهتمين بالقطاع الصناعي عددا من المقترحات، أبرزها إنشاء البوابة الصناعية وعلامة الجودة العمانية والقيمة المضافة في قطاع الصناعات التحويلية وكيفية إيجاد بيئة عمل جذابة للعمل الصناعي.
إذ يعد قطاع الصناعة من أهم القطاعات على الإطلاق لما يمثله من أهمية كبرى تتعلق بدعم الاقتصاد وحياة المواطنين ومواكبة مسيرة التقدم والتطور والنماء، حيث شكل انتقال الحضارات والمجتمعات من أنماط بدائية وقطاعات غير صناعية كقطاع الزراعة والرعي تطورا نوعيا لافتا، وحقق قفزة في السلم الحضاري، وأعطى للتوجهات نحو التطور والتقدم أبعاده مواكبا حاجات الناس إلى ما يتناسب معها من مخترعات وابتكارات وصناعات، صنعت الفارق الحقيقي في حركة التنمية التي تنشدها جميع دول العالم.
واستمراراً لتنفيذ السياسات والاستراتيجيات التي يوجه بها السلطان قابوس، لمواكبة التطورات العالمية وتفعيل الخطط الاقتصادية على كافة القطاعات، خطت الحكومة العُمانية خطوات جيدة باتجاه تفعيل قطاع الصناعة، خصوصا وأن عُمان تملك أغلب المواد الخام الداخلة في عمليات التصنيع.
ويأتي احتفال السلطنة بيوم الصناعة العمانية تقديراً لذكرى زيارة السلطان قابوس إلى منطقة الرسيل الصناعية في عام 1991، وتعبيرا عن ما توليه السلطنة من اهتمام بقطاع الصناعة، وارتباطه بالقطاعات الاقتصادية الواعدة، وما له من تأثير كبير وفائدة اقتصادية من خلال تحقيق القيمة المضافة لكافة القطاعات الاقتصادية، وفتح مجال للاستثمارات المحلية والعالمية وآفاق جديدة لمستقبل الصناعة العمانية.
والمتابع لتوجهات الاستراتيجية العُمانية في تنمية الاقتصاد الوطني، يجد أنها تتجه نحو تأسيس المزيد من المشاريع الصناعية، والتي من شأنها تعزيز نقل التقنيات في مختلف الأنشطة الصناعية وتوفر دخلا مستداما للدولة، فضلاً عن أن الصناعة توفر المزيد من فرص العمل.
وقامت الحكومة العُمانية منذ خطتي التنمية السادسة (2001 ــــ 2005) والسابعة (2006 ـــ 2010) بتنفيذ العديد من المشاريع التنموية الطموحة التي تضمنت العديد من مشروعات المرافق والبنية الأساسية ومشروعات الخدمات، وبهدف تنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي بدرجة رئيسية سواء للإيرادات العامة للدولة أو للإيرادات من الصادرات فقد بدأت سلطنة عُمان في الاتجاه نحو التصنيع وتمت إقامة العديد من الصناعات الأساسية في مجالات الصناعات النفطية والبتروكيماوية، وصناعة الألمنيوم والصناعات الغذائية والمعدنية، ومواد البناء وغيرها بالإضافة إلى إقامة العديد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة، كما تم إصدار بعض التشريعات الهادفة إلى تشجيع وتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الصناعي، وقد أدى ذلك إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة نتيجة للعديد من العوامل.
سياسات تحقق الاستدامة الصناعية
كما قامت الحكومة العُمانية بوضع مجموعة من السياسات لتحقيق التنمية الصناعية حيث تدور في مجملها حول الأمور التالية: توفير المزيد من مرافق البنية الأساسية والخدمات الصناعية بما في ذلك المناطق الصناعية المتكاملة بهدف تخفيض تكاليف إنتاج تشغيل المشروعات الصناعية. تقديم حوافز صناعية لتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال التنمية الصناعية. تسهيل عملية نقل التكنولوجيا والمعارف الفنية من الخارج بالإضافة إلى تشجيع أساليب الإنتاج الموفرة للعمل. والاستفادة من المزايا النسبية المتوفرة في دول المنطقة بما يساهم في تحسين جودة الإنتاج وتخفيض التكاليف.
فضلاً عن إعطاء المزيد من الاهتمام لصناعات بدائل الواردات وتخفيض رسوم الصناعات التصديرية المستخدمة للمواد الخام ومصادر الطاقة المحلية خاصة النفط والغاز الطبيعي. والاهتمام بتحقيق وتعميق التكامل والتنسيق الخليجي في المجال الصناعي وفقا لما تنص عليه الاتفاقية الاقتصادية الموحدة.
وقد اعتمدت كافة خطط التنمية الخمسية التسع في تنفيذ هذه السياسات على تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجالات التنمية الصناعية المتنوعة، وكذلك الاهتمام بتأسيس المشروعات الصناعية المشتركة، مع الاهتمام بالعمل على جذب التكنولوجيا الحديثة والاستثمارات الأجنبية.
وعلى الرغم من تواصل نمو مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي العُماني، إلا أن الاستمرار في الاستثمار في المجالات الصناعية المختلفة بمعدلات عالية بهدف تنويع القاعدة الصناعية بالإضافة إلى ضرورة التحسين والتطوير المستمر في الموارد البشرية، هو مطلب عُماني لاستدامة التنمية على مختلف الأصعدة.