العرب..إسرائيل.. التطبيع!
علي الصباحى
كثر اللغط في الفترة الأخيرة عن موضوع تطبيع دول المنطقة مع دولة اسرائيل فبين محرم ومؤيد وصامت لمسالة التطبيع مع دولة اسرائيل .. لكن لو تأملنا بشكل دقيق وموضوعي في هذا الجانب نجد ان العرب خسروا الشي الكثير منذ اتفاقية كامب دايفد التي ابرمها الرئيس المصري الراحل انور السادات رحمه الله ، ذلك لأن العرب انتقدوا السادات وذهب البعض منهم الى تكفيره في حين ذهبت اغلب الانظمة العربية حينها الى مقاطعته ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة الى تونس!
ومع مرور الوقت تبين لأولئك ان السادات كان على حق اذ لو ان العرب – حينها – وقفت معه وشاطرته رؤيته ودعمته سياسيا كان نجح الاتفاق بشكل كامل كون الجانب الاسرائيلي وافق على الانسحاب الى ما قبل 67 ،
ولو ان القيادات العربية وقتها دعمت تلك الاتفاقية ،وتم تعميمها لتشمل منظمة التحرير الفلسطينية حينها لكان حال الفلسطينيين افضل بكثير مماهم عليه في الوقت الراهن ..
بلا شك ان ما اصاب المنطقة خلال الفترة الماضية شيء مؤسف ، والاكثر اسفا ان البعض في المنطقة لاسيما الجماعات الراديكالية تلقي باللوم على ما حدث ويحدث في المنطقة من مأسي وانقسامات وحروب بينية طاحنة على اسرائيل ، وهذا العنوان الفضفاض او بالأصح الشماعة اتخذها الكثير لإخفاء فشلهم ولستر سوءاتهم وتصرفاتهم الرعناء بذريعة ان سبب هذه المآسي هي دولة اسرائيل وربما وجد هذا الشعار الفضفاض قبولا عند الكثير من ابناء المنطقة بسبب الجهل السياسي والغباء في فهم الواقع وخلفياته ..
ولو استعرضنا الاحداث التي اجتاحت مصر واليمن وليبيا وسوريا والعراق ..الخ نجد أن عشرات الآلاف ان لم نقل مئات الالاف قد قضوا نحبهم بأيادي ابناء تلك البلدان وليس عن طريق الجيش الاسرائيلي وهذا شيء واقع لا ينكره الا جاهل ومتحامل معاند للواقع ومخالف للمنطق..
العرب لديهم تطبيع تام مع جمهورية ايران الاسلامية وسفارات ايران موجودة بدول المنطقة رغم الخلاف الكبير بين أغلب دول المنطقة وايران .. وانا هنا لا اضع مقارنة او افضلية لهذا الطرف او ذاك لكن نتحدث بمفهوم المنطق والواقع لا اكثر..
اعتقد ان الشعارات (الموت لإسرائيل ..العدو الاسرائيلي.. الاحتلال ….الخ ) المدغدغة لمشاعر البسطاء قد افلت وانتهى مفعولها بفعل الواقع وشهادة الماضي الذي لم يستفد منه العرب وضاعت فرصة خمسة عقود ونيف من الزمن دون فائدة تذكر غير الشعارات المطاطة والعناوين الزائفة ، وبالتالي من المنطق اليوم وغدا ان مسالة اقامة علاقات رسمية لدول المنطقة العربية ككل مع دولة اسرائيل اصبح ضروريا لأن دولة اسرائيل امر واقع منذ عقود ومن الغباء تجاهل هذا الواقع ، هذا بالمنطق السياسي وبالمنطق الديني فان اليهود كانوا في عهد محمد ابن عبد الله متعايشين جنبا الى جنب بل ان نبي الله محمد بن عبد الله كما ورد في التاريخ مات وهو مدين لرجل اعمال يهودي ..
من هنا ندرك ان السلام اليوم اضحى ضرورة لا يمكن التراجع او الاستغناء عنه ومن ثم فلا مفر من التعايش السلمي الحقيقي ومد جسور التواصل الطبيعي مع اسرائيل فهي جزء لا يتجزأ من المحيط العربي بل انه جزء مهم ولا مناص من التعامل الطبيعي مع اسرائيل قيادة وشعبا ..
في اعتقادي ان اقامة علاقة حقيقية وطبيعية مع دولة اسرائيل سيفيد المنطقة في كل النواحي -السياسية والاقتصادية وغيرهما- ومن هنا يتوجب تغيير الافكار والمفاهيم التي عفى عنها الزمن واضحت شماعة منتهية الصلاحية لم تعد صالحة في القرن الحادي والعشرين ..
اتذكر انني كتبت مقالا عام 2002 اثناء طرح مبادرة الملك الراحل عبد بن عبد العزيز رحمه الله واشدت في ذلك المقال برؤية السادات وان العرب اليوم (2002) يسعون لتحقيق ما كان السادات سعى حينها(كامب ديفيد) ووقف العرب حينها ضد رؤيته الصائبة للأسف !!
وهنا نكرر اذا دول المنطقة لم تتحرك بشكل حقيقي مع اسرائيل لتحقيق عملية تطبيع شامل فسيأتي يوم من الايام ويتذكرون انهم اخطأوا كما اخطأ من كان قبلهم في عهد السادات ..
المنطقة اليوم بحاجة ماسة لتحقيق تطبيع كامل وحقيقي مع اسرائيل ويعيش الجميع بسلام وتعايش وقبول للآخر والاتجاه نحو التنمية الشاملة في كل النواحي الفكرية والثقافية ..الخ .