بن علوي: الفلسفة العُمانية للسلام تساهم في تعزيز مبادئ السلام والتعايش الدولي
مهند أبو عريف
المتابع للسياسة الخارجية العُمانية يدرك أنها تقوم على نسق واتساق تأسس منذ بواكير السبعينيات من القرن الماضي، بفعل السياسة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد، مدعومة بثوابت تتكيف مع المتغيرات والتحديات على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية.
وعبر مسيرة نصف قرن تقريبا، استطاعت عُمان أن ترسم صورتها بهذا الوضوح الذي أطلق عليه ولُقب بـ “فلسفة السلام” وفق إشارة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العُماني يوسف بن علوي بن عبدالله، في حديثه لبرنامج “هذه أمريكا والعالم”، بالتعاون مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
والحديث عن “فلسفة السلام” يعني الذهاب إلى المقاصد المترتبة عن تلك الحكمة الراسخة والأصيلة التي تأخذ من عمق التاريخ العُماني والأبعاد العميقة لتشكيل الشخصية العُمانية، بالإضافة إلى المعطيات الحديثة، وكاريزما السلطان قابوس، التي كان لها الدور الأبرز في رسم هذه الفلسفة ومدّ دروبها باتجاه أن تكون سمة مميزة لعُمان في المشهد الدولي.
وقال ابن علوي: “إن فلسفة السلطنة هي السلام ثم السلام”، وهذا التكرار يعطي دلالة جلية على التأكيد الذي يعني الالتزام والإصرار على هذا المبدأ، الذي يجد التطبيق المباشر وليس مجرد شعار، وكل من يرصد مسارات الممارسة السياسية العُمانية عبر عقود سوف يتوصل لهذه النتيجة، إذ تقترن هذه الفلسفة بمعانٍ متصلة تصبّ في المعنى أو الإطار نفسه، وهي المحبة والتعايش وعدم التدخل في شؤون الآخرين، أيضا عدم السماح لهم بالتدخل في الشأن الذاتي.
إجمالاً، فإن المكون الذهني لهذه الفلسفة يصبُّ في تكوين الشراكات والصداقات مع الآخرين، بهدف صياغة عالم أفضل من خلال التعاون في كافة الأمور المشتركة، بما يساهم في تعزيز السلم الدولي.
وفي ذات الإطار الفلسفي أكد الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في حديثه عن مستقبل السلام في الشرق الأوسط، أن السلطنة ترى أن “الأولوية لإيجاد آليات تجعل الناس يتقبلون مبادئ السلام والتعايش” وهو ما تؤمن به السياسة العُمانية بشأن توطيد فلسفة السلام، فالطريق إلى المستقبل يعني فتح مساحات التقارب عبر وعي الأطراف لبعضها البعض عبر الآليات المناسبة التي تمكن من تحقيق هذا الهدف.
إن تأكيد المعاني البعيدة التي تستهدفها المقاصد العُمانية في سياستها الخارجية، تأتي من نسيج متآلف وقيم لا تتجزأ، وهو ما يجعل السلطنة تتمتع بالعلاقات الطيبة مع الجميع في ظل الاحترام المتبادل.
وهنا يمكن الإشارة إلى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر تاريخية كما أشار مارك جي سيفرس سفير الولايات المتحدة لدى السلطنة، الذي أكد كيف أن السلطنة نجحت بقيادة السلطان قابوس وبسياسته الحكيمة أن تكون وسيطاً فاعلاً في حل العديد من القضايا والمشاكل الإقليمية، ومن هنا فقد نجحت سياسة قابوس في أن تجعل لعُمان مكانة مرموقة بين الأمم في صناعة السلام الدولي عبر هذه الفلسفة العميقة والراسخة.