مهند أبو عريف
مسقط – خاص أكدت الدراسات التاريخية أن اسم مُجان ظهر لأول مرة في النصوص المسمارية لإمبراطورية بلاد الرافدين في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد ، وأضحت عُمان حينها جزءا لا يتجزأ من الحضارة العربية العظيمة، وأصبحت هذه الواحات البديعة وما حولها من جبال مصدرا للسلع المهمة ضمن نطاق التبادل التجاري الإقليمي والعالمي، ويأتي على رأس هذه السلع النحاسُ ومعدن الديورايت والمنتجات البحرية، وكانت مجانُ محطةً لإعادة تصدير الأخشاب التي تستورد من الهند.
وقد عُثر في عُمان على عشرات مواقع تعدين النحاس الأثرية، وكان الهدف هو التصدير للخارج، وليس فقط للاستخدام المحلي، كما قامت مستوطنات كبيرة بالقرب من مواقع استخراج النحاس وصهره، هذه المستوطنات عادة ما تحتوي على منازل متعددة وأفران ضخمة لصهر النحاس، وبها أيضا معامل حرفية أخرى لإنتاج الجرار والأدوات البرونزية.
وتشير الدراسات إلى أنه مع وجود الواحات الكبيرة وظهور عُمان على مسرح التبادل التجاري مع بلاد الهند وفارس والرافدين، نشأت أيضا شبكةٌ من خطوط الملاحة التجارية عبر بحر العرب وبحر عُمان والخليج العربي، وأصبح العُمانيون مع مرور الوقت رواد العالم في ركوب البحر، وأضحت موانئ رأس الحد ومسقط وصحار ومسندم وظفار مراكز عالمية لنقل البضائع، كذلك أقيمت مجموعة من المسالك الداخلية لنقل السلع من داخل عُمان إلى سواحلها، وغدت عُمان على رباطٍ وثيق مع ما يحيطها.
وفي نهاية الألف الثالث قبل الميلاد وبداية الألف الثاني، كان اللبان العُماني يستخدم في عُمان وخارجها، وفي ذات الفترة ظهرت أختام حجرية معبرة ورسومات حجرية على صفحات الصخور، هذا النحت الصخري كان يمثل نوعا من الطقوس الدينية التي كانت تتم على سفوح الجبال الشاهقة.
أكبر المستوطنات في عُمان
ومع بداية الألف الثاني قبل الميلاد، ظهرت أنواع جديدة من الأدوات والأواني المعدنية والفخارية، وأصبح الموتى يدفنون في قبور حجرية مفردة تحت الأرض بعد أن كانت القبور جماعية في السابق، ومثلت هذه الفترة تراجعا في عدد المباني والسكان، بسبب طبيعة الحياة، وزادت المستوطنات، وتوجد أكبر مستوطنات هذه الفترة في بات وبوشر وسمد الشأن والواسط بالإضافة إلى وادي الجزي، وأقدم هذه المستوطنات موجودة في رأس الجنز.
وتؤكد الدراسات التاريخية أن المواقع الأثرية التي تم اكتشافها مؤخرا في مناطق دهوى ووادي السخن والثقيبة بولاية صحم، تضم مستوطنات قديمة تعود بتاريخها إلى ثقافة أم النار (2500-2000 قبل الميلاد )وهذه المواقع تمثل أقدم مستوطنات دائمة في شمال السلطنة حيث تم اكتشاف مبنى يعود في اصوله إلى العصر البرونزي المبكر وبشكل دقيق إلى فترة ام النار.
وتوضح أحدث الدراسات أن أعمال التنقيب في منطقة وادي السخن بسلطنة عُمان التي بدأت مع مطلع العام الجاري 2018، أسفرت عن اكتشاف عدد من المباني المهمة الأثرية التي اشارت بوضوح إلى الدور المركزي الذي لعبه سكان المنطقة قبل أربعة آلاف سنة مضت.
وقد أكدت نتائج الاكتشافات على أن سكان المنطقة “ وادي السخن” كانت تربطهم علاقات تجارية وطيدة مع المراكز الحضارية العالمية آنذاك مثل حضارة بلاد الرافدين وبلاد السند وايران، وأن السكان انتجوا النحاس وبكميات تجارية كبيرة وأنهم مارسوا الزراعة خاصة زراعة النخيل واتقنوا صناعة الفخار وكانوا على صلة مباشرة مع سكان الساحل.