سلايدر
كتاب يرصد التواجد والتأثير الحضاري العُماني في شرق أفريقيا
مهند ابو عريف
يسجل كتاب الهجرات العمانية الى شرق إفريقيا ما بين القرنين الأول والسابع الهجريين (دراسة سياسية وحضارية) للكاتب العُماني سعيد بن سالم النعماني حضورا بارزا لدى الكثير من محبي التعرف على التاريخ الحضاري العماني، إذ يتضمن الكتاب العديد من الصور التاريخية للتواجد العماني في شرق إفريقيا.
ويأتي كتاب الهجرات العمانية إلى شرق إفريقيا، كدراسة غير مسبوقة في هذا الحقل، ومَثَّلَ البحث فيه محاولة لتخطي حاجز ندرة وانعدام المعلومات المصدرية، من خلال توظيف الإشارات التاريخية، التي تستلفت انتباه الباحث في بعض المصادر التاريخية العربية، مثل كتاب /مروج الذهب ومعادن الجوهر/ للمؤرخ الشهير أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، وكتاب /أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن البنَّاء المعروف بالمقدسي البشاري، وكتاب / نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/ لأبي عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الحموي الحسني المعروف بالشريف الإدريسي.
ويجد المطلع على كتاب الهجرات العمانية إلى شرق إفريقيا أن الكاتب العُماني سعيد النعماني نجح في استجلاء تاريخ الوجود العماني المبكر في جزر ومدن الساحل الإفريقي، وقدم معرفة علمية موثقة عن ذلك التاريخ في جانبيه السياسي والحضاري.
كما تصدى لبعض المسائل المختلقة في الوجود التاريخي وتأثيرهم الحضاري، من أجل طمس الوجود والتأثير الحضاري العماني، الذي لا يرقى إلى مستواه وجود آخر، لأن مدن الساحل وجزره ظلت تحكم من قبل العمانيين لمدة بلغت (1264) سنة تقريبا.
كما ناقش الكتاب بعض المشاكل الاجتماعية الأخرى، وقدم تفنيدا علميا مبنيا على معلومات تاريخية موثقة، ونفس الشيء فعله مع مشكلة التأثير الوجود الغير عماني وهما مسائل اتكأ عليهما المستشرقون لضرب حالة الوئام بين العرب وكل من الأفارقة، ليتسنى للقوى الاستعمارية الأوروبية إنهاء النفوذ العربي العماني المتطاول في الزمن، وبسط السيطرة الغربية الحديثة على المنطقة.
وبجانب ما حققه هذا الكتاب من سبق في دراسة تاريخ الوجود العماني في شرق إفريقيا فإنه توصل كذلك إلى نتائج غير مسبوقة في بعض جوانب تاريخ عمان، ومن ذلك تمكن المؤلف من تحديد سنة قيام سلطنة بني نبهان، وتحديده لهوية السلطان عمر بن نبهان الذي ورد ذكره في مصادر التاريخ العربي بأنه عمر بن نبهان الطائي وغير ذلك من المسائل مثل بحثه المعمق في تعدد تسمية عمان والأمم الحضارية التي توالى وجودها على أرضها، وبحثه الرصين في مسألة عزل الإمام الصلت بن مالك والتأثيرات الخطيرة التي أحدثها قرار العزل والمعارضة التي نشأت ضده.
وبذلك، يكون هذا الكتاب قد أوجد الأرضية الأساسية، لبحوث ودراسات سوف يتوالى ظهورها بين حين وآخر على أيدي الانسان العماني الساعي في البحث والتحري عن كل ما يهم خدمة مجتمعه ووطنه.