سلايدر

عُمان ومصر تعززان علاقاتهما الاقتصادية بزيادة فرص الاستثمارات المشتركة

استمع الي المقالة

 

أشرف أبو عريف

تأتي اللقاءات الثنائية المصرية العُمانية والتي تنظّمها الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العمانية (إثراء)، اليوم بالقاهرة بين نحو 20 شركة عُمانية وعدد من الشركات المصرية أبرزها شركة IBIS المصرية المتخصصة في مجال إدارة الأعمال الدولية وخدمات الاستثمار، لبحث فرص زيادة التبادل التجاري المشترك.

تجسد هذه اللقاءات رغبة الحكومة العُمانية في استثمار علاقاتها المتميزة مع مصر في تنشيط الجانب الاقتصادي منها، باعتبار أن السوق المصري يعد من الأسواق الواعدة، وأن عُمان تنظر إلى مصر بأنها إحدى المحطّات الهامة التي يمكن من خلالها إعادة التصدير للبلدان الأفريقية المجاورة.

كما تأتى هذه اللقاءات تفعيلاً للعلاقات التجارية بين البلدين وضمن اتفاقية التجارة العربية الكبرى، وتستهدف هذه المبادرة زيادة الصادرات العُمانية إلى السوق المصري، خاصة من الشركات المتخصصة في أسماك السردين التونة والبسكويت والباستا والمكرونة والمنظفات والعصائر ومعجون الطماطم والرخام والأخشاب والموبيليا وخراطيم البلاستيك والمراتب والأدوية ومنتجات الألبان وغيرها.

وأشارت إحصائيات إلى أن صادرات سلطنة عمان للسوق المصري تبلغ نحو 16.8 مليون ريال عماني، في حين تصل الواردات 48 مليون ريال عماني بنهاية عام 2016 (يعادل الريال العماني 46.9 جنيه مصري).

ويؤكد خبراء العلاقات الدولية أن مؤشر العلاقات بين مصر وسلطنة عمان يسجل تقدما مطردا نتيجة العديد من المستجدات الإيجابية في ظل استمرار الاتصالات بين القاهرة ومسقط، انطلاقا من المواقف الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان التي تعكس تقديره العميق لمصر ولشعبها بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما سبق وأن جسدته العديد من المبادرات التاريخية، حيث قال السلطان قابوس، في كلمته التي ألقاها بمناسبة العيد الوطني الـ(14) للسلطنة في سنة 1984: “لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي. وهى لم تتوان يوما في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام. وأنها لجديرة بكل تقدير”.

فضلا عن التوافق في السياسة الخارجية للبلدين، والتي تقوم علي مبادئ مهمة في مقدمتها الحرص على استقرار الدول وعدم التدخل في شئون الدول الأخرى، ونبذ الخلافات العربية ـ العربية وضرورة توحيد الصف العربي لمواجهة الأخطار المحدقة بالأمة العربية.

واستمراراً للتناغم والانسجام في العلاقات المصرية العُمانية، وفي إطار العلاقات الوثيقة والتاريخية بين البلدين، جاءت زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى سلطنة عُمان في الفترة الماضية، لبحث سبل التعامل مع الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية وتمثل تهديدا للأمن القومي العربي، وذلك على خلفية توافق الرؤى والسياسات بين مسقط والقاهرة حول ضرورة التوصل لحلول سياسية لأزمات العالم العربي، وأهمية تكثيف وتيرة التشاور والتنسيق بين الدول العربية في سبيل تحقيق هذا الهدف.

إذ أكد بيان الخارجية المصرية، أن زيارة شكري إلى سلطنة عمان تستهدف بالأساس تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ومتابعة برامج ومشروعات التعاون القائمة، بالإضافة إلى التشاور حول عدد من الملفات والقضايا الإقليمية التي تهم البلدين.

كما أكد البيان أن العلاقات المصرية ـ العمانية تمثل محور ارتكاز أساسي في المنطقة العربية يستمد قوته من البعد التاريخي وعمق العلاقات الثنائية بين البلدين وتشعبها على مختلف الأصعدة.

وتستمد العلاقات المصرية العمانية قوتها من تعدد جوانب التعاون بين البلدين وتشعبها وعدم اقتصارها على جانب واحد، وثمة علاقات تجارية واقتصادية وإعلامية وثقافية قوية بين البلدين.

فعلى الجانب الاقتصادي، تشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهما من الاستثمارات الخليجية والعربية في مصر، وهناك تعاون ملحوظ بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين، وثمة عدد من الشركات المصرية الكبيرة التي تقوم بمشروعات ضخمة في سلطنة عمان في مجالات البنية التحتية ومشروعات الطرق والصرف الصحي والاستثمار العقاري السياحي مثل شركة بتروجيت وشركة المقاولات المصرية وشركة المقاولين العرب.

وفي مايو 2014 تم توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وعمان في مجال التطوير الإداري، شملت مجالات عديدة منها التدريب والتطوير والاستشارات والتخطيط الوظيفي وتبادل القوانين والتشريعات المنظمة للموارد البشرية والتقنية الحديثة والآليات المستخدمة في قياس عائد التدريب والتطوير الإداري، وفي ديسمبر 2016 تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال السياحة بين مصر وسلطنة عمان.

وعلى صعيد العلاقات الإعلامية والثقافية بين البلدين، وقعت كل من مصر وسلطنة عمان في 15 مايو 2014 مذكرة تفاهم للتعاون الإعلامي بين حكومة السلطنة وتمثلها وزارة الإعلام العمانية، والحكومة المصرية، وتمثلها الهيئة العامة للاستعلامات.

تعد مذكرة التفاهم تفعيلا للاتفاق الثقافي المبرم في عام 1974، وبروتوكول التعاون الإعلامي الموقع في سنة 1983، تتضمن المذكرة توثيق أواصر التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات للارتقاء بمهارات الكوادر البشرية، والاتفاق على تطوير التعاون عبر عدة قنوات اتصال في مقدمتها: القيام بتبادل منتظم للأنباء والأخبار المصورة عن الأحداث الجارية في البلدين، وإعطاؤها الأفضلية في وسائل النشر والإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وكذلك المواقع الإلكترونية إضافة إلى تبادل الدراسات والمعلومات.

وتنص المذكرة على دعم الإنتاج المشترك للإصدارات المطبوعة والإلكترونية التي تلقي الضوء على العلاقات العمانية – المصرية في مختلف جوانبها سواء التاريخية أو المعاصرة. كما اتفق الجانبان على تقديم التسهيلات اللازمة للباحثين والمتخصصين للحصول على الخبرات والمهارات الإعلامية، ويجوز للطرفين إضافة مجالات أخرى من خلال القنوات الدبلوماسية.

وتمتلك مصر ثقلا ثقافيا وإعلاميا ملموسا في سلطنة عمان، ويلعب الأزهر دورا رياديا في القطاع الديني بسلطنة عُمان، فهناك بروتوكول موقع بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف والشئون الدينية العُمانية، ويلتقي ممثلوها في إطار اللجنة المشتركة.

إذ تشير الدراسات التاريخية إلى أن العلاقات العمانية المصرية، ليست بالعلاقات الحديثة ولكنها ضاربة في التاريخ القديم إلى ما قبل 3500 سنة، الأمر الذي أدى إلى إنتاج اتفاقات تجارية واقتصادية واسعة، تطورت مع الوقت وبعد قيام سلطنة عمان بمؤسساتها العصرية، إلى إنتاج أهداف سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية واسعة، ومن ثم فإن تلاقي الأفكار والمواقف بين الدولتين تجاه قضايا المنطقة لم يأت من فراغ، بل كان للتاريخ والجغرافيا الأثر الكبير في بلورة مواقف مشتركة بين الدولتين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى