سلايدر

أمين عام جامعة الدول العربية “يشيد” بحضانة الجيش اللبناني لكل أبناءه

استمع الي المقالة

أشرف أبو عريف

ألقي أمين عام جامعة الدول العربية، السيد/ أحمد أبو الغيط، كلمة في المؤتمر الإقليمي السابع الذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية بالجيش اللبناني..جاءت علي النحو التالي:

العماد جوزف عون
قائد الجيش اللبناني
العميد فادي أبي فراج
مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني
….
السيدات والسادة
تحية إلى جميع الحاضرين والمُشاركين في هذا المنتدى الاستراتيجي الذي يكتسبُ كل عام أهمية إضافية، وحضوراً متجدداً.. إن الجيش اللبناني مؤسسة عريقة.. مدرسة في الوطنية، وتجسيد حي لمعنى الوطن الحاضن لجميع أبنائه.. قلما يرتبط تاريخ جيش من الجيوش بالتطور السياسي والاجتماعي في بلد من البلدان كما هو الحال مع الجيش والوطن اللبناني…
والجيش أيضاً مؤسسةٌ مُحترفة.. أكسبته الأزمات قدرة على الصمود.. وعلمته التجارب دروساً في كيفية الحفاظ على المُجتمع وتجنيبه ويلات الصراع الأهلي والاحتراب الداخلي.. هو جيشٌ يعرف متى يشتبك، ومتى ينأى بنفسه.. جيشٌ يستحق دعمنا ومُساندتنا، وهو يُعتبر –وعن حق- صمام استقرار في بلدٍ طالما فرضت عليه جيرته الصعبة أن يواجه أقداراً كُبرى، وأن يُجابه أوضاعاً لم يتسبب في صناعتها.
لقد ظل لبنان دوماً –كعهدنا به- على قدر التحدي.. لبنان يختار دائماً الأمل، حتى في أحلك اللحظات.. يختار الحياة حتى عندما يحاصره الموت من كل جانب.
السيدات والسادة..
يُصادف المنشغلون بالعلوم الاستراتيجية والعسكرية، كأغلب الحضور الكريم، مصاعب هائلة إزاء مُلاحقة ما يجري في العالم العربي هذه الأيام.. نحن أمام مشاهد تتحرك بسرعة غير مسبوقة.. ومتداخلة بتعقيدٍ ليس له نظير.. هذه السرعة وذلك التداخل يجعلان مهمة رجال الاستراتيجية أصعب.. فرجل الاستراتيجية لا يكتفي بمُتابعة ما يجري.. وإلا صار مُراسلاً صحافياً أو مُحللاً أكاديمياً، على أهمية ما يقوم به هؤلاء.. رجل الاستراتيجية يحتاج إلى تصور عام واضح، أو نموذج ذهني متكامل يُمكنه من فهم التطورات، ومن ثمّ التنبؤ – بصورة معقولة- بمآلاتها المُستقبلية.. هو أيضاً لا يكتفي بهذا.. وإنما هو يسعى كذلك إلى رسم خطة عمل تنطوي على حزمة مختلفة من البدائل في مواجهة عدد من السيناريوهات المُحتملة..
وظني أن العثور على إطار عام وشامل يمكن من خلاله فهم واستيعاب ما يجري في الشرق الأوسط اليوم هو أمرٌ صعب.. أعلم أن الكثيرين يستسلمون لإغراء التفسير الأوحد .. فنسمع من يقول –مثلاً- أن غياب الديمقراطية هو السبب في كل ما حل بهذه المنطقة من أزمات ونكبات.. أو نسمع من يقول إن مُشكلة المنطقة تبدأ وتنتهي عند “المسألة الطائفية”.. أو أن الفشل الاقتصادي هو جوهر مُعضلتنا وسبب بلائنا .. إلى غير ذلك من التفسيرات الأحادية والرؤى التبسيطية لما جرى ويجري…
واقتناعي أن هذه التفسيرات تنطوي على مغالطات، فضلاً عن إغراقها في تبسيط وضع هو –بطبيعته- بالغ التعقيد والتركيب.. فالحقيقة أننا أمام جملة من التحولات والتغيرات والعمليات التاريخية الممتدة التي تتفاعل في نفس اللحظة بطول المنطقة وعرضها.. ليس هناك منظور واحد، أو رؤية كُبرى يمكننا من خلالها أن نفهم تطورات المنطقة كما كان الحال في عهود سابقة، عندما كان يسهل تفسير التطورات وفقاً لهذا المنظور أو ذاك.. الوضع اليوم أقرب إلى لعبة تركيب الصور التي تتطلب صبراً وأناة في تجميع أجزائها.. قطعةً بعد قطعة.. حتى تكتمل أبعاد الصورة الكبيرة..
وبرغم الحذر من استخدام التفسيرات الأحادية، إلا أن بوسعنا الوقوف على عدد من التيارات الكبرى، أو العمليات التاريخية الممتدة، التي تُسهم في تشكيل البيئة الاستراتيجية في الشرق الأوسط اليوم.. وقد رأيتُ أن أضع أمامكم هذه التيارات الكُبرى من وجهة نظري في ثلاثة اتجاهات أساسية:
الأول: التفتيت والتفكيك…
ثمة كيانات سياسية تاريخية تتعرض أمام أعيننا لخطر الزوال.. هناك دولٌ نشأت في فتراتٍ مُختلفة خلال القرن الماضي، واستمرت ككيانات وطنية موحدة تواجه اليوم خطر التفكك والانفجار.. الضغوط تتوالى على هذه الكيانات من الداخل والخارج في الوقت ذاته.. العقد الاجتماعي الناظم لهذه المُجتمعات مُهددٌ بالانفصام الكامل.. ولأن الكثير من الجماعات والقوى الإقليمية قد وصلت إلى هذا الاقتناع، فإن سباقاً مُتسارعاً يجري اليوم على وراثة هذه الكيانات السياسية أو الحصول على مناطق نفوذ داخلها .. لا أحد يعلم إن بدأ التفكيك .. متى ينتهي، أو عند أي حدٍ يقف.. فإذا انفصمت عُرى الدولة الوطنية التي عرفتها المنطقة العربية منذ اتفاق “سايكس/ بيكو” في عشرينيات القرن الماضي، فإن البديل سيكون شيئاً جديداً علينا جميعاً.. بيئة استراتيجية مُختلفة تلعب فيها الجماعات الإرهابية والميلشيات والكيانات الطائفية بل والقبائل والتحالفات المناطقية أدواراً متصاعدة..
وبرغم تسارع هذا الاتجاه نحو التفتت والتشرذم، إلا أنه يتوجب علينا القول بأن ثمة اتجاهاً مُضاداً للإنقاذ وإطفاء الحرائق.. ويتجسد هذا الاتجاه في صحوة عربية ألمس بوادرها في تحركات تسعى للملمة الشتات والتدخل في الأزمات بهدف صيانة وحدة الدول والمجتمعات.. وقد بدأت ثمار هذه التحركات في صورة محاولات مُتكررة لتسوية الأزمتين، الليبية واليمنية.. وندعو الله أن تُكلل الجهود الجارية بالتوفيق، وأن نتمكن من إيقاف مُسلسل الفوضى والتفتيت المُستمر منذ ما يربو على ستة أعوام. إن دور الجامعة العربية في تسوية الأزمات العربية يواجه تحدياتٍ لا شك أنكم ترصدونها جميعاً.. فتحرك الجامعة مرهون بإرادة الدول الأعضاء، ذلك أنها لا تُمثل إرادة أكبر منهم، وإنما تُعد تجسيداً لإرادتهم الجماعية إن اكتملت، ولكلمتهم إن اجتمعت… والجامعة ليست مؤسسة تُعنى بالسياسة فحسب، وإنما هي بوتقة جامعة لكل مجالات العمل العربي المُشترك في الاقتصاد والثقافة وغيرها.. وهي تركز على هذه المجالات بالذات لأنها تنطوي على أمل حقيقي وتغرس ثمراً للمُستقبل.. وليس معنى هذا أن الجامعة تُغفل دورها السياسي أو تتناساه، وإنما هي تحرص على ممارسته بحساب، عارفةً ما لها وما عليها، ومن دون افتئات على رؤية الدول وقرارها السيادي.. وبحيث يوظف ثقل الجامعة المعنوي والأخلاقي والسياسي في المكان والوقت المُناسبين.
وفي أي الأحوال، فإني أرصد زخماً طيباً بعد قمة عمّان في مارس الماضي.. وألمس رغبة صادقة من جانب الدول العربية جميعاً في رأب أي صدع، وتجاوز كل خلاف، من أجل وقف نزيف التفكك والتفتت.
أما الاتجاه الثاني الذي أرصده فيتمثل في تغيراتٍ اجتماعية عميقة تجتاح المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، ولا يُمكن لأي مُجتمع عربي أن يدعي بأنه بمنأىً عنها.. أخطر هذه التغيرات على الإطلاق هو “الطفرة الشبابية”… 60% من سكان المجتمعات العربية تقلُ أعمارهم عن 29 عاماً.. هناك قوة بشرية هائلة يتجاوز حجمها المائة مليون شاب عربي تقع أعمارهم بين 15 و29 عاماً .. المنطقةُ العربية من أكثر المناطق “شباباً” في العالم، ولا يُنافسها في ذلك سوى افريقيا جنوب الصحراء.. هذا الاتجاه سوف يستمر حتى عام 2050… وهذه “الظاهرة الشبابية” – إن جاز التعبير- تصحبها أزمة عنيفة في الهوية.. فجيل الشباب الحالي هو باليقين الأكثر اتصالاً بالعالم الخارجي بواقع اتاحة وسائط الاتصال وتكنلوجيا المعلومات على نطاق واسع.. وهو جيلٌ ممزقٌ بين ما يراه على الشاشات، وما يلمسه ويعاينه في واقع الحياة… وهو أيضاً ضحية لحالة من العجز المُزمن عن إيجاد “نموذج تنموي” أو صيغة اقتصادية ناجحة تسمح باستيعاب هذه “الإمكانية” الهائلة وتحويلها إلى طاقة نمو تدفع المُجتمعات للأمام.. إن البعض يُقدر أن المنطقة العربية في حاجة إلى نحو 60 مليون وظيفة خلال العقد القادم لاستيعاب هؤلاء الشباب، وابعاد شبح البطالة عنهم.. والرقم وحده يكشف عن حجم التحدي الذي نواجهه.
ولا يخفى أن مثل هذه “الطفرة الشبابية” تضع الأوطان أمام اختباراتٍ صعبة تتحدى استقرارها .. فالمُجتمعات ذات الثقل الشبابي الكبير أكثر عُرضة للفورات والاضطرابات.. وأكثر ميلاً إلى العُنف.. والتضافر بين هذين العاملين؛ الانفجار السُكاني والتراجع الاقتصادي، يخلق كُتلة حرجة خطرة يتعين على الحكومات والمجتمعات العربية تفادي الوصول إليها.
أما الاتجاه الثالث الذي أرصده فيتجسد في وجود بيئة دولية وإقليمية لا تساعد على التئام الأوضاع في المنطقة العربية.. بل تدفع لتفاقمها وتخلق ظروفاً تُفضي إلى المزيد من تشرذمها وتفككها.. فهناك –أولاً- حالة من انعدام اليقين في قمة النظام الغربي.. ثمة صعودٌ في الاتجاهات الشعبوية لا تخطئه عين، ويتعين علينا أن نُراقب بدقة تبعاته على منطقتنا، وعلى العلاقات العربية- الغربية بصفة عامة.. وهناك-ثانياً- عودة لما يُشبه التنافس على المنطقة بين أقطاب النظام الدولي.. وليس من الواضح بعد إلى أين سيقود هذا التنافس، ولكن المؤكد أننا نلمسُ بوادر غير طيبة لاقتسام النفوذ كما عكسها –مثلاً- الاتفاق الذي وُقع مؤخراً في الاستانة بشأن مناطق خفض التصعيد في سوريا..
ويُضاف إلى ذلك حالة التنمر والتربص من جانب قوى إقليمية ترى في حالة السيولة فُرصة يتعين اقتناصها، وغنيمة ينبغي الفوز بها.. ولا ننسى أن استمرار القضية الفلسطينية من دون حل يفرض على الدول المُحيطة بإسرائيل، ومنها لبنان، أعباء أمنية مُضاعفة.
ولا شك أن هذه المؤثرات الخارجية، سواء من النظام الدولي أو من الإقليم المُحيط، تُلقي بظلالها على الصراعات الدائرة في المنطقة العربية.. فها هي حروبُ الوكالة، التي كانت قد توارت مع أفول زمن الحرب الباردة، تعود لتُطل برأسها من جديد.. وهي حروبٌ عالية التكلفة، هائلة الضحايا.. وعادة ما تمتد لفترة زمنية طويلة.. لأنها تُدار بواسطة أطراف خارجية لا تُعاني مجتمعاتها ويلاتها.. وغالباً ما يكون لدى هذه الأطراف الاستعداد للاستمرار في ضخ السلاح والدعم المادي إلى أن تتحقق أهدافها، أو أن تحرم خصومها من تحقيق أهدافهم… وسواء تصارع الكبارُ أم تصالحوا فإن المنطقة تصير في زمن التنافس الدولي أكثر انكشافاً وتعرضاً لمخاطر الانقسام.
السيدات والسادة..
الصورة التي رسمتُها أمام حضراتكم مليئة بالمخاطر والتهديدات المُحتملة على المدى القصير والمتوسط.. إنها تستنفر كل طاقات التحدي لدى رجال العسكرية والاستراتيجية، وتستدعي فيهم كل مشاعر الانتماء الوطني والقومي.. ففي مثل هذه الأوقات الصعبة، وفي مثل تلك الأجواء من انعدام اليقين.. تلوذ المُجتمعات بقواتها المُسلحة لكي توفر الحد الأدنى من الاستقرار والحماية من الأخطار.. وهو ما يُضاعف دور الجيوش في المنطقة العربية، كصِمام أمان يحفظها من التفكك.. وبوتقة جامعة تحميها من التفتت..
وإزاء هذه البيئة الاستراتيجية الجديدة، فإن الجيوش عليها أن تتكيف وتُراجع أولوياتها.. الاستعداد والتأهيل للحروب التقليدية لا ينبغي أن يتراجع أو يتوانى.. فمنطقتنا –للأسف- ليست بعد بمنأى عن هذه النوعية من الحروب، خاصة في وضعٍ طابعه السيولة والتغير السريع.. على أن أدواراً أخرى، ومهام جديدة لابد أن تُضاف إلى هذه المهمة الأساسية.
يتعين إيلاء اهتمام أكبر وتوجيه تركيز أشد إلى الحروب غير النظامية، ومواجهة الميلشيات المُسلحة، والجماعات الإرهابية.. وقد رأينا كيف عدل الإرهابُ خلال السنوات الماضية من استراتيجيته، بالتوجه إلى احتلال الأراضي والسيطرة على مُدن بأكملها كما في حالة داعش، بدلاً من الاكتفاء بتوجيه الضربات أو الهجمات كما كان الحال في السابق.. وتقتضي مواجهة هذه الاستراتيجيات الإرهابية الجديدة تغييرات في التدريب والتسليح وإدارة العمليات.. وخاصة فيما يتعلق بالحروب داخل المناطق السكنية المُكتظة، والتعامل مع أوضاع يتعين فيها مراعاة تقليل الخسائر بين المدنيين… يتطلب الأمر أيضاً تركيزاً أكبر على العمليات الخاصة، ورفع كفاءة أجهزة جمع وتحليل المعلومات، ذلك أن الاستخبارات تُمثل حجر الزاوية في جهود الحرب على الإرهاب.. ولعل الهجوم الألكتروني الأخير الذي ضرب 150 دولة حول العالم فيما وصفه البعض بـ “11 سبتمبر الأمن المعلوماتي” .. أقول لعله يدق ناقوس الخطر للدول العربية وأجهزتها الأمنية والعسكرية.. من أجل إيلاء الأمن السيبراني اهتماماً متقدماً في كافة العمليات والنظم والخطط الأمنية التي تقوم بتنفيذها.
وليس الأمر قاصراً على إدارة العمليات العسكرية، وإنما يتعين كذلك أن تهيء الجيوش العربية نفسها للتعامل مع سيناريوهات تتمثل في تدفقاتٍ سُكانية ضخمة ومفاجئة عبر الحدود، ونزوحٍ ملايين من اللاجئين من بلدٍ إلى بلد.. وهي أوضاع لابد أن تستعد لها المُجتمعاتُ والحكومات وليس فقط الجيوش، لأنها تُشكل ضغوطاً هائلة على النظم الحياتية في مُدن هي بالفعل مكتظة بالسُكان ولا تتحمل المزيد.. والوضعُ اللبناني خيرُ شاهد على الأعباء التي ينوء بها كاهل بلد صغير محدود الإمكانيات يستقبل ما يُكافئ رُبع سُكانه كلاجئين.
كما يقتضي التعامل مع أزمات تدفق اللاجئين رفع القُدرات وتوجيه الإمكانيات إلى ضبط الحدود.. التي صارت تتعرض للخرق أكثر من أي وقتٍ مضى.
وأخيراً، وليس آخراً فإن القوات المُسلحة في عالمنا المُعاصر تتعامل مع تهديدات مُستجدة تتطلب مواجهتها استعداداً خاصاً.. فالحربُ التي تخوضها الجماعات الإرهابية ميدانها الرئيسي العقول.. الإرهابُ يعرف جيداً أنه يخسر مواجهةً مُباشرة مع القوات النظامية، لذلك فهو يخوض حرب استنزاف ممتدة ضد المجتمع بهدف اختطاف المزيد من العقول لصالح أجندته الظلامية الدموية.. ومن أسف أن تكنولوجيا المعلومات توفر له وسيطاً مثالياً غير مسبوق في مداه وسرعة انتشاره.. وتُشير بعض التقديرات إلى أن داعش ينشرُ يومياً ما يزيد عن 250 ألف تغريدة على تويتر وفسبوك لتوصيل رسالة بأن عدد الداعمين لأفكار التنظيم في ازديادٍ مُستمر.. وهو يوجه خطابه للداعمين ولمن يقفون على الحياد على حدٍ سواء.. وعلى الجيوش العربية أن تُكثف تواجدها في هذا الميدان المُهم بالتعاون مع الخبرات في هذا المجال، وبحيث تنتقل إلى وضعية الهجوم بدلاً من الاكتفاء بمُجرد الدفاع والتأمين.. علينا أن نُشعر قوى الإرهاب والفوضى بأنهم مُلاحقون مطاردون.. إن عقلاً واحداً نخسره لصالح الداوعش ومن هم على شاكلتهم هو كارثةٌ كبيرة، وقنبلة موقوتة مؤجلة.
السيدات والسادة..
إن الجيوش العربية مُطالبة بالتكيف مع بيئة استراتيجية صعبة وضاغطة، ولا ينبغي أن ننسى أن في يد هذه الجيوش سلاحاً ماضياً هو قدرتها على التنسيق والتعاون والعمل المُشترك.. إن تبادل الخبرات وتناقل الممارسات واستخلاص العبر والدروس من العمليات الجارية يُعد من أهم نقاط القوة لدى الجيوش العربية في مواجهة التهديدات.. الأسلوب العلمي يُحتم علينا تكثيف هذا النوع من تبادل الخبرة في إطار العمل العربي المُشترك.. وإذا كانت القوة العربية المشتركة ما زالت هدفاً لم يُترجَم بعد إلى واقع، فلا أقل من مُضاعفة التنسيق العسكري بين الدول العربية على مستويات ثنائية.. فهذا هو السبيلُ لتعزيز قدراتها ورفع كفاءتها العملياتية من خلال المناورات والتدريبات المُشتركة، وأيضاً عبر تعميم أفضل الممارسات وتصويب الأخطاء والاستفادة من التجارب على مستوى الدول العربية التي تواجه تهديدات متشابهة في طبيعتها ..
إن الأوقات الصعبة تُخرج من الرجال أفضل ما فيهم، لأنها تستفز عزائمهم.. وتستحضر طاقاتهم على مُجابهة التحدي.. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.. ويقيني أن الأمة ستنهض من عثرتها طالما بقي فيها رجالٌ يعرفون قيمة الأوطان ويفتدونها بالدم والروح.
أدعو الله أن يُجنب لبنان، البلد العزيز الآمن، كل شر وسوء.. وأن تعبر أمتنا العربية أزمتها وهي أكثر صلابة وتماسكاً واستقراراً..
شكراً لكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى