مضيق “هرمز” فى عيون عُمان وأهميته الإستراتيجية
مهند أبو عريف
يعد مضيق هرمز نقطة ارتكاز وعبور لمصالح الكثير من القوى الإقليمية والدولية, وتختلف اهمية المضيق بحسب النظرة الجيوسياسية والجيواستراتيجية إليه من قبل تلك الدول. حيث يعد (الحد الشرقي للوطن العربي والمجال الحيوي للاستيراد والتصدير والمنفذ الوحيد للخليج العربي, وهو بالنسبة لإيران يمثل حدودها الجنوبية وخاصرتها الأمنية والاقتصادية. كما تراه روسيا المجال الأمني لحدودها الجنوبية وحلقة وصل للدول المطلة على الخليج العربي, اما بالنسبة للدول الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، فللمضيق اهمية اقتصادية عظمى لكونه اكبر منطقة منتجة ومخزنة للطاقة) ويقع المضيق بين ايران من الشمال الشرقي وسلطنة عُمان من الجنوب. ويربط الخليج العربي ببحر عُمان.
وبالنسبة لسلطنة عمان فإن مضيق هرمز يعد جزءا لا يتجزأ من أمنها القومي وامتدادا لسيادتها الوطنية, حيث يعد من الناحية الاستراتيجية والأمنية (مضيقا عمانيا يستخدم للملاحة الدولية وينطبق عليه حق المرور العابر وحق المرور البريء الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في المادة 36 لعام 1982م.
وباستثناء حق المرور العابر، فإن المضيق يخضع كليًّا لما تخضع له باقي المجالات البحرية العمانية نظرا لوقوع الممرات البحرية في المياه الإقليمية العمانية بحيث تمارس السلطنة عليه سيادتها على المجالات البحرية العائدة لها والقاع وما تحت القاع وعلى الحيز الجوي الواقع فوق هذه المجالات, غير أن ممارسة هذه السيادة يجب أن لا تمس بحقوق الدول الأجنبية في المرور العابر).
وفي هذا السياق وقعت سلطنة عمان وايران بلاغا مشتركا في مارس 1974 للتعاون المشترك من اجل الاستقرار وسلامة الملاحة عرف باسم الدوريات المشتركة , كما وقعت في نفس العام اتفاقيات تحديد الجرف القاري.
لذا كانت وجهة النظر السلطانية واضحة وصريحة منذ بداية النهضة الحديثة لسلطنة عمان في يوليو 1970، تجاه أمن وسلامة واستقرار منطقة الخليج العربي ككل ومضيق هرمز بوجه خاص, وذلك انطلاقا من نظرة شاملة للأمن القومي العربي الاستراتيجي من جهة ونظرة متوازنة بين الحقوق السيادية العمانية والمصالح الإقليمية والدولية من جهة اخرى.
وقد أكد السلطان قابوس في لقائه مع مجلة المجالس الكويتية في عام 1973م أن مضيق هرمز هو ممر مائي دولي, ولا تقبل السلطنة بأي وجود أجنبي فيه، وهوما يحمل دلالة الأهمية الاستراتيجية والسيادية الوطنية لهذا الجزء من العالم الجيوسياسي.
وكان للصراع الايراني العراقي في عام 1980م الدور البالغ والمحفز لرفع الوعي الوطني الحاضر اصلا من جهة , والوعي الإقليمي والدولي من جهة اخرى تجاه اهمية وحساسية هذا المضيق, وكذلك الانعكاسات الخطيرة لأي حالة غير مستقرة في محيطه, والتي يمكن ان تؤدي إلى اغلاقه أو إلى تضييق او تحرك غير سلمي فيه.
وأكد السلطان قابوس هذا البعد المقلق في لقاء صحفي له مع مجلة المستقبل الصادرة في فرنسا في العام 1981م بقوله (اننا بوابة الجزيرة العربية وطريق النفط وتستطيع اية طائرة في القرن الافريقي أو في كابول أو في طشقند ان تطير إلى مسافة 450 ميلا بحمولة من الألغام البحرية في مضيق هرمز فيقفل المضيق ويختنق شريان الغرب الاقتصادي).
وفي ظل المتغيرات المتسارعة والتحولات الخطيرة التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط، أكد السلطان قابوس هذه الرؤية في عام 1982م بقوله حينها (لا اعتقد ان المضيق يمكن ان يغلق بسهولة, ولكن في المقابل ليس من المستحيل على اي كان ان يجعل هذا المضيق عرضة للخطر, وابسط شيء مثلا القيام بزرع الغام في المضيق, أو حتى مجرد اشاعة من هذا القبيل ستؤدي إلى تعطيل مرور السفن. لا اعتقد ان الأمر سيكون بهذه السهولة, ولكن لا بد من حساب كل الاحتمالات).
على ضوء ذلك اعتبرت عمان نفسها بوابة لأمن واستقرار الجزيرة العربية وهي كذلك فعلا, وتحملت نتيجة ذلك الإيمان بهذا البعد الاستراتيجي العربي العديد من التحديات.
وفي عام 1985 جدد السلطان قابوس رؤيته بأن أمن المضيق سيبقى مسؤولية جماعية, وأن عمان لن تكون طرفا متطرفا في رأيها أو رؤيتها تجاه ذلك أبدا, ولذلك كما قال ردا على سؤال الصحفي المصري الراحل ابراهيم نافع صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ 21 / 1 / 1985, ما هو تقدير جلالتكم لمدى الخطر الذي يهدد مضيق هرمز الآن وخاصة بعد اشتعال حرب الناقلات بين ايران والعراق, وما هو موقف عمان في حالة اغلاق المضيق؟ , فكان رده: ( في هذه الحالة فإننا ينبغي من خلال مجلس التعاون الخليجي ان نجتمع ونبحث كيف يمكن مواجهة هذا الموقف , لذلك فإنه لن يكون لعمان موقف فردي ازاء هذه الحالة, وانما لا بد ان يكون هناك موقف جماعي).