رأى

عفواً قناة الجزيرة..الجيش المصري خير أجناد الأرض

استمع الي المقالة

source-24 images-1

بقلم : الشيخ أحمد تركي

تخرجت من جامعة الأزهر في في شهر مايو عام 1998 ، والتحقت بالجيش في شهر أكتوبر من نفس العام لأداء الواجب الوطني – أو واجب الخدمة العسكرية – ( هكذا نطلق عليه في قريتنا – احدي قري محافظة البحيرة – ) ، وهذا المسمي له مدلول عظيم في عرف أهل البلد ، اللي يدخل الجيش راجل !! فضلاً علي أنه يخدم وطنه هو كذلك في مكنون النموذج المعرفي لثقافتنا الشعبية أصبح فرداً صالحاً يُعتمد عليه ، حتي ان شباب جيلنا كانو يتفاخرون. بأداء الخدمة العسكرية ومنحهم الشهادة بقدوة حسنة ، وهذا يعني أنه صاحب همة وبطولة وجلد وصبر وتحقيق الأهداف العظيمة بقليل من الإمكانيات – وكان يشتهر علي ألسنتهم مقولة ( الجيش بيقولك أتصرف ) ، وعندما يَرَوْن شاباً قليل الحيلة ليس له جلد في العمل والجد يقولون عنه : ( هو لم يدخل الجيش ) ، و كان الآباء في هذه الحالة يحرصون علي تسليم أولادهم للجيش لأداء الخدمة العسكرية إعتقاداً منهم أن الشاب سيخرج أكثر رجولة واعتماداً علي النفس . فالخدمة العسكرية للشباب المصري تعني الكثير في مفاهيمنا الشعبية. تعني الرجولة ، وتعني البطولة ، وتعني إعادة التأهيل للشاب ليكون ناجحاً في حياته العملية ، وتعني الولاء والإنتماء للجيش الذي يشعر المصريون نحوه بالأمان والفخر والقوة الضاربة للعدو من زمن الملك مينا موحد القطرين وحتي الآن. التحقت بمعسكر تدريبي لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً متواصلة ، وكانت هذه الأيام المعدودة نقطة فارقةً في حياتي !! حيث كانت حياتي قبلها يغلب عليها الرفاهية إلى حدٍ ما ، كان أقصي إرهاقٍ وتعب من المذاكرة والقراءة والتدريس !! لأول مرة أعيش حياة الإنضباط بالدقيقة والثانية !! الاستيقاظ بموعد محدد ، التدريب بموعد محدد بالثانية ، وكذلك الطعام والنوم الخ. لأول مرة أنال شرف التدريب الشاق الذي أكسبني خلقاً عظيماً وهو كيف أصبر علي المشقة في الوقت المناسب ؟ وكيف أقاوم ما أُحِب من رغباتي أيضاً في الوقت المناسب؟ إنه الإنضباط الذي هو سر النجاح وسر الكفاح وسر التقدم وسر الحضارة ياسادة !!! لم أتعلَّمه إلا وأنا جندي مقاتل في الجيش. لأول مرة أسمع قادتي أثناء تدريبي أنا وزملائي يلقنوننا عقيدة الجيش المغروسة في كيان ومشاعر كل من ينتمي إلى هذه المؤسسة العريقة. الإيمان . النصر أو الشهادة دفاعاً عن حدود مصر العظيمة . وأن الموت في سبيل الله دفاعاً عن الوطن لتحيا مصر هو هدف كل بطل يحمل السلاح. تعلمت أن الجندية نوعان : يدٌ تبني ويدٌ تحمل السلاح. تعلمت أن الموت أهون بكثير من خيانة مصرنا العظيمة أو الغدر بها . تعلمت من قادتي من هم الأعداء ولماذا ؟ وتذكرت موقفاً مؤثراً في نفسي حتي الآن وانا في السادسة من عمري ، حيث كنت في بيت من بيوت أقاربي ولمحت صورة علي الحائط لشاب يلبس زيه العسكري وعلي الصورة شريطٌ أسود ، فسألت أمي : صورة مين دي ؟ وليه حاطين شريط أسود عليها؟ قالت لي : إنه فلان ( من أبناء عمومتي) استشهد في حرب 67. سألتها : ومن قتله ؟ قالت : اسرائيل. وكان ذلك مدخلاً لي وأنا صغيرٌ لأفكر من هي اسرائيل ؟ ولماذا قتلت ابن عمي وغيره من خيرة شباب مصر ؟ ولماذا تحاربنا ؟ وماذا تريد ؟ بالطبع جاوبت علي كل هذه الأسئلة عندما استوي وعيي وأصبحت طالباً في الأزهر الشريف. لأول مرة في المعسكر التدريبي أحمل السلاح واخرج في طابور ( ضرب النار ) ، وكنت ساعتها أشعر بشعور كبير جداً في داخلي ، شعور فيه عزة ، وفيه الجد ، وفيه الفخر بجيشنا وببلدنا ، وفيه الفرح الشديد أنني قد تجاوزت الثالثة والعشرين من عمري وأصبحت جندياً امتداداً لأبطال الجيش عبر تاريخه، وفيه رغبة فائرة لو قامت حربٌ سأكون في الصفوف الأولي وأسجل بطولة تتفاخر بلدي بها !!! كنت ملتزماً جدا بأوامر قادتي الصارمة والشديدة ، ولَم أشعر يوماً بالإهانة أو الذل النفسي !! ، بالعكس ، كنت أشعر بالعزة كفرد مقاتل يعرف تماماً الفرق بين التدريب الشاق الصانع للأبطال ، وبين الإهانة الكاسرة للارادة !! وكانو يقولون لنا : العرق في التدريب يوفر الدم في المعركة ، وعرق التدريب لم ولن يكون ذلاً وامتهاناً للجندي في الجيش المصري ، بل هو بناء إرادة من الفولاذ عند المقاتل المصري استطاع أن يقهر بها أعداءه عبر التاريخ. بعد فترة تدريبي انتقلت الي بعض الوحدات العسكرية الساحلية ، قضيت فيها بقية فترة الخدمة العسكرية ، كنت استمتع بالخدمة بسلاحي علي البحر ليلاً ، و في هذه الفترة تكوّن حسي الديني ومشاعر الولاء لله ولبلدي. وأنا أستحضر قول رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) : ” عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله ، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله ” وكثيراً ما كنت أنظر إلى السماء باكياً مناجياً ربي ، حيث الأجواء وقتها كانت تجلب لقلبي الخشوع ، ولمشاعري الصفاء ، ولعقلي التفكر ، ولنفسي الإرادة. وكنت أخطب الجمعة بتكليف من قادتي وأقوم بالتوعية الدينية للجنود والضباط في المعسكر والمعسكرات المجاورة ، وكان بعض قادتي يطلبون مني التفرغ لأداء الخطبة والتوعية وعدم ادراج اسمي في الخدمات الليلية ، كنت أرفض وأصر وأطلب منهم السماح لي بأداء الخدمة ليلاً كزملائي الجنود. وفى هذه الفترة أيضاً حصلت علي شهادة الدراسات العليا بتقدير جيد جداً من جامعة الأزهر ، فلم يمنعني أداء الخدمة العسكرية من الإجتهاد في دراستي. وفوجئت بقائد الوحدة المجند بها في شهر سبتمبر عام 99 يستدعيني إلى مكتبه ، وبعد ما أديت له التحية العسكرية ، قال لي مبتسماً : يا أحمد أنت جندي مثالي ، وقد رشحتك لقائد القوات من فترة لتحصل علي لقب الجندي المثالي دون أن اخبرك !! ، وقد وافقت القيادة علي ترشيحك والآن ستتوجه للقيادة لتقابل سيادة القائد – يقصد قائد القوات – وسيخبرونك هناك بترتيبات الإحتفال وتسليمك شهادة التقدير والمكافأة. شكرته وأديت له التحية وانصرفت باكياً من الفرح. حضرت بعد ذلك الاحتفال المقام في نادي الأبطال بعين الصيرة بالقاهرة لتكريم الجنود المثاليين وأنا واحدٌ منهم ، حيث قام نائب وزير الدفاع وقتها بمنحي شهادة الجندي المثالي ومكافأة مالية. خدمتي في الجيش المصري وأدائي الواجب الوطني ، كانت تأهيلاً لنجاحي في حياتي العملية بعد ذلك. حيث كرمني سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في 1/1/2015 ومنحني وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي. فلله الحمد والمنة. ولقد صدمت عندما شاهدت فيلماً وثائقياً بتقنية عالية ومضمونه الخداع والتلبيس وتشويه صورة جيشنا العظيم !! فأردت أن أهدي لكم هذه الشهادة العملية وتجربتي كجندي مجند مقاتل في الجيش المصري. واسمحو لي أن أختم هذا المقال بما قاله رسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم عن خير أجناد الأرض ). وإذا شهد رسول الله لجيش مصر العظيم وشهدت قناة الجزيرة بشهادة تعارض شهادة رسول الله فإنها لا شك شهادتها شهادة زور وبهتان ، إنها تمثل هي ومن ورائها وكل من يروج لها شخصية مسيلمة الكذاب. لأن رسول الله لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحيٌ يوحي. فمصر رغم أنه لم يدخلها الإسلام الا بعد انتقال الرسول ( صلي الله عليه وسلم )إلي الرفيق الأعلي ، ( فتحت عام ٢٠هجرياً) إلا أن بقاء مصر بموقعها الجغرافي وإيمان أهلها وجلدهم ورباطهم واخلاصهم لدين الله هو بقاء للأمة الاسلامية والعربية . وهذا سر وصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهل مصر وجيش مصر . وهو يستنبيء التاريخ الي يوم القيامة ، تقريراً لحقيقة ارادها الله رغم أنف كل حاقد او غادر. حقيقة لأنهم في رباط إلي يوم القيامة . والأحاديث الواردة فيها الصحيح وفيها الضعيف سنداً الصحيح متناً ، فضلاً عن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والمناقب . قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: * ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما. *إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال أبو بكر لم يا رسول الله؟ فقال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة. *ستفتح عليكم مدينة يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحما. *وقوله صلى الله عليه وسلم وذكر مصر فقال: ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته. *أوصيكم بأهل البلدة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم ذمة ورحما. *مصر أطيب الأرضين ترابا وعجمها أكرم العجم، فإن لهم ذمة ورحما. *أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة. *الله الله في أهل المدرة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم نسبا وصهراً. *من أتعبته المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي. *قسمت البركة عشرة أجزاء فجعلت تسعة في مصر وجزء بالأمصار. *اتقوا الله في القبط، لا تأكلوها أكل الخضر. *وقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بقبط مصر فقال: إنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة. *تكون فتنة اسم الناس فيها – أو خير الناس فيها – الجند الغربي، قال عمرو بن العاص فلذلك قدمت عليكم مصر. ( الجند الغربي يعني جند مصر باعتبار مصر غرب الجزيرة العربية ، ونص القران الكريم وهو سوق قصة موسي وهو بمصر ( وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الي موسي الامر وما كنت من الشاهدين ) . *الاسكندرية إحدى العروسين. *مصر خزائن الله في الأرض والجيزة غيضة من غياض الجنة. *وحين أتى بعسل بنها دعا رسول الله فيه بالبركة. *وقوله عليه الصلاة والسلام: وقد أتي بثوب من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان: لعن الله هذا الثوب ولعن من عمله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم: يعنى بقوله معافر مصر. و قوله صلى الله عليه و سلم (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض ، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم و أزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة ). ( حديث صحيح راجع ماذكرته دار الافتاء بالأدلة ترجيحاً لتصحيحه) والمرابط هو المجاهد الواقف علي حدودها ، ومن وقف مرابطاً ومجاهداً علي حدود مصر فإنه مرابط علي حدود وحمي الاسلام والمسلمين لصد أي غارة جديدة علي الدين أو الأرض أو الأمة , فمصر هي حمي الإسلام بشهادة الرسول صلي الله عليه وسلم والتاريخ يؤكد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فالجندي المصري هو الذي صد هجوم التتار والصليبيين ، وانتصر عليهم ولولا ذلك لهلكت الأمة العربية والإسلامية وانحسر الاسلام !! هذه المعاني فهمها صحابة رسول الله جيداً وسجلوها للتاريخ : بالله عليك !! هل تُصدق قناة الجزيرة ( مسيلمة الكذاب القرن 21) أم تُصدقون رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟!! احكم أنت علي نفسك !! صدقت يا حبيبي يا رسول الله. محبكم الشيخ أحمد تركي.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى