ابتعاد سلطنة عمان عن تحالفات الحرب أكسبها ثقة الأطراف اليمنية سلطنة عمان الأمل المتبقي لليمن
أشرف أبوعريف
يستحضر الجميع دور سلطنه عمان كوسيط فاعلٍ للسلام بحثاً عن حلول للأزمة اليمنية، بعيداً عن الحل العسكري الذي أوصل اليمن إلى حافة الانهيار وإلى مستويات ومؤشرات مفزعة في جميع مجالات الحياة. وما أن شرعت طبول الحرب تدق قبل أكثر من سنتين، نأت السلطنة بنفسها عن مسلك الحرب، أو الوقوف مع أي طرف من أطراف النزاع في اليمن، وفضلت البقاء في مربع السلام، في زمن اشتعلت الحروب والأزمات في معظم دول المنطقة.. الأمر الذي كفل للسلطنة القيام بدور الوسيط والمقرب نحو السلام بين أطراف النزاع في اليمن.وعن الدور الذي يمكن أن تلعبه سلطنة عمان في وضع حد للحرب في اليمن وإيجاد حل سياسي، يرى المحلل السياسي اليمني المعروف، د. فارس البيل، أن عُمان عبر سياستها الطويلة كانت دائماً في موقف ثابت ومتزن، تتخذ موقف الوسيط المحايد، مما هيأ لها أن تكون لاعباً أساسياً في كثير من القضايا، ويمكن أن نشير إلى ملف إيران النووي كمثال، وما أسهمت به السلطنة في احتضان متون هذا الاتفاق. بحيث إن السلطنة وإن بدت متوارية عن الاشتعالات السياسية في المنطقة، إلا أنها قريبة بما تحاول أن تكون سبيلاً للوصول إلى اتفاقات.وقال البيل إن هذا ينطبق على موقف السلطنة من الحرب في اليمن، فقد نأت بنفسها عن المشاركة الفعلية، وبقيت لتلعب دور المعين المقارب مع الأطراف الدولية المعنية بإنهاء الحرب ووضع تسوية للصراع في اليمن، على رأس هذه الأطراف الأمم المتحدة، لذلك حضرت السلطنة وكانت محطة مهمة للتداول في شأن اليمن واحتضنت كثيرا من اللقاءات، وبحسب مسئوليها فإنها انتهجت هذا الموقف كثابت من ثوابتها في الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف، وهذا يمثل عمقاً سياسياً، كما أنه مثل متنفساً مهماً للقضية اليمنية في محيطها، ويمكن أن يجري عبره السلام.وفيما يتعلق بإمكان استفادة أطراف النزاع في اليمن من دور عُماني يسهم في إيقاف نزيف الدم اليمني والحرب المدمرة، أكد البيل، أنه ومن حيثيات موقف السلطنة الدائم، وبما تمتلكه نتيجة هذه السياسة من حضور وثقة دوليين، فإن هذه التراكمية والثقل الدبلوماسي والعمل الهادئ البعيد عن الأضواء؛ يمنح السلطنة قدرة على التأثير في مواقف الأطراف المتصارعة، وهو ما يستدعي من الأطراف التقاط هذا الدور الرصين والتعامل معه بجدية، من منظور الحاجة الملحة للسلام في اليمن بحجم التدهور الكبير في كل شؤون حياة اليمنيين، ولقدرة السلطنة بحكم أنها ضمن النسيج الخليجي من جهة، والجوار الأقرب لليمن من جهة ثانية، بالإضافة إلى طبيعة العلاقة البيضاء مع اليمنيين طوال العقود الفائتة. وأشار إلى أن كل ذلك يفرض على الأطراف جميعها الثقة في الدور العماني، والركون بجدية إلى محاولاته الحثيثة لإنهاء الصراع المؤلم في اليمن، فالظروف الموضوعية لطبيعة موقف السلطنة؛ يعد حافزا مهما لإسناد هذه الرغبة الداعية للسلام من الجميع، ولاستثمار الوقت لحماية ما تبقى من الحياة لليمنيين، مؤكداً أنه يجب أن يُستغل حجم الثقة في أدوار السلطنة للانخراط بشكل سريع في طريق الحل.وبالعودة إلى خارطة الطريق نحو السلام والدور الذي يمكن لعُمان أن تقوم به في هذا الصدد يرى المحلل السياسي أستاذ إدارة الأزمات بجامعة صنعاء د. نبيل الشرجبي، أن الحديث عن نجاح أي مبادرة من أي طرف يجب أن يكون له بعض المعايير للقبول به أو لتحقيق نجاح، أولها موقف ذلك الطرف من الصراع وأطراف الصراع، وثانيها، مدى قبول الأطراف الفاعلة لتلك المبادرة.ويقول د. الشرجبي إذا ما كان هناك من نجاح لدور السلطنة فهو دور المسهل بين أطراف الصراع، ويمكن لتلك التحركات أن تقود لبناء الثقة تدريجياً حتى تتمكن في وقت غير قصير من لعب دور في الوصول لحل للصراع في اليمن.