ليه يادنيا رخصتى الغالى؟!
أشرف أبو عريف
بعدما أضحت نقاط حروف الكلمات تضل موقعها، وبعدما باتت المثلثات مختلفة الأضلاع هى لغة العصر، وبعدما خاصم الورد شوكه.. فكيف للكلمات أن تكون منطوقة أو لها معان، وكيف للزوايا المختلفة أن تلقى رضا العين المجردة، وكيف للورد أن يسلم من حُسَّادُه بدون حراسة شوكه؟!
هكذا دخلت المحروسة أنفاق التيه، ولكى نكن منصفين، نحن نحصد ثمار المر منذ مايقرب من سبعة عقود وبلا شك بمقادير متفاوتة.. فلست أدرى لماذا كلما ألتفت للوراء أجد الأيام كانت أكثر جمالاََ وحكاية الزمن الجميل مهما كانت التغيرات المُناخية، فى حين كلما إستقامت رأسى على عمود فِقَرىْ وعيناى ترسم خطوطا مستقيمة نحو أهداف الأمال المولودة لحظة الصُراخ البريىء، إلا أن الأهداف لا تبدو مرئية أو مسموعة أو حتى مكتوبة!
هل هذا يعنى أن “أم الدنيا” فجأة أصبحت تفتقر للكفاءات؟ّ! بالطبع لااااااااااااااااا، فبشهادة الطيور المهاجرة بعدما لفظتها صراعات الأنا وصدام الحركات.. زويل والبرادعي وفاروق الباز ومجدي يعقوب ويحيي المشد، أسماء لعلماء مصريين أجبروا العالم علي إحترامهم ولكنهم في النهاية عقول وطنية بصناعة غربية أي بإختصار هؤلاء هجروا مصر هربا من الإنهيار والسوء الذي يواجه التعليم قبل وبعد الجامعى والبحث العلمي وبرعوا في الخارج حيث هناك واقع أفضل للتعليم وللبحث العلمي.
الأمر لم يقتصر علي هؤلاء فقط ولكن هناك عشرات الآلاف من العلماء والباحثين والخبرات المصرية هاجروا للخارج ؛ فحسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أكدت أن عدد المصريين المتميزين في الخارج يبلغ 824 ألفا وهم من العلماء والخبرات والكفاءات ورجال الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 47 مصريا يحملون درجات أقلها الماجستير في طب الجراحة وجراحة القلب و3 في الطب النووي و10 في مجال العلاج بالإشعاعات و19 في طب المناعة و36 في علوم السموم، أي 115 في مجال الطب وهناك أيضا 197 في مجتمع الهندسة منهم 42 في مجال المؤثرات الميكانيكية و301 في تخطيط المدن والكباري و52 في الهندسة الالكترونية و20 في الهندسة النووية و38 في أشعة الليزر و14 في تكنولوجيا الاسلحة، كما يوجد 92 عالما في مجتمع الفيزياء الذرية وكيمياء البوليمرات والفلك وعلوم الفضاء كما يوجد 24 في مجال الزراعة و86 في العلوم الانسانية.
إجمالي الكفاءات والعقول المتميزة المهاجرة أيضا يوردها جهاز الإحصاء بـ 318 ألفا في الولايات المتحدة و10 آلاف في كندا و70 ألفا في استراليا و35 في بريطانيا و36 ألفا في فرنسا و25 ألفا في المانيا و14 ألفا في سويسرا و40 ألفا في هولندا و14 ألفا في النمسا و90 ألفا في ايطاليا و12 ألفا في اسبانيا و60 ألفا في اليونان .
وطبقا لآخر دراسة أجرتها اكاديمية البحث العلمي عام 2006 فقد هاجر من مصر أكثر من مليون عالم بينهم620 عالما في علوم نادرة منهم 94 عالما متميز في الهندسة النووية و26 في الفيزياء الذرية و72 في استخدامات الليزر و93 في الإليكترونيات والميكرو بروسيسور و48 في كيمياء البوليمرات، إضافة الي 25 في علوم الفلك والفضاء و22 في علوم الجيولوجيا وعلوم الأرض بخلاف 240 عالما في تخصصات نادرة.
فبات الأمر من قاع كل مؤسسة حتى ذروته، أى من الغفير للوزير، الجميع مقاساتهم لا تتفق ومعايير جميلة الجميلات وبات أن تئن من الفصول الأربعة على مدار اليوم الواحد وهذا لم يكن فى السالف فقد كان الصيف والشتاء والربيع والخريف كل فى دورته الزمنية وكان لا يمكن للمصرى أن يرى الفصل الوحد إلا كل تسعة أشهر وهذا ما يعكس حالة التخبط وغياب العيش والحرية والعدالة بكل ألوانها.
فالمناخ السيئ للتعليم والبحث العلمي في مصر هو المسئول عن هروب آلاف العلماء للخارج وهذا ما أكدته دراسة حديثة صادرة عن جامعة الدول العربية تشير إلي أن 54% من الطلاب المصريين الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلي بلدهم وأن 34% من الأطباء الأكفاء في بريطانيا من العرب منهم 10% مصريين كما أن هناك 75% من الكفاءات العربية موجودة في ثلاث دول هي أمريكا وبريطانيا وكندا 35% بينهم مصريون .
واقع البحث العلمي المهمل والمتدني، سواء فى انتقاء المتميزين علميا أو الميزانية، تؤكده الدراسة الصادرة عن مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية أن مستوي الإنفاق علي البحث العلمي ضعيف للغاية في كل الدول العربية ومن بينها مصر، مقارنة بباقي دول العالم في حين يبلغ ذلك في إسرائيل ما نسبته 2،6% من الموازنة السنوية وفي أمريكا تنفق 3،6% أما في مصر لا تتجاوز الميزانية 0،02% من الموازنة العامة.
وبحسب دراسة جديدة لجامعة كامبريدج البريطانية، يبدو أن الإنسان قد نشأ في سيناء، ومن أرض الفيروز كانت هجرته إلى آسيا وأوروبا، ما يجعل كل الأوروبيين والآسيويين يحملون أصولا مصرية.
وخلال دراساتهم المستمرة لفهم نشأة وتطور البشرية عبر العصور، اكتشف علماء الوراثة والجينات أن الإنسان المعاصر الأول قد هاجر من مصر إلى أوروبا وآسيا قبل نحو 55 ألف سنة.
حيث أظهرت الدراسات أن جينات الأوروبيين والآسيوين أقرب لجينات المصريين منها للأثيوبيين، وتشير العديد من الحفريات، إلى أن العديد من أسلاف الإنسان قد عاشوا بالقرب من إثيوبيا، ولكن لطالما انشغل العلماء بمعرفة الطريق الذي سلكه الإنسان المعاصر “هومو سابيان” من إفريقيا إلى باقي أرجاء العالم، وقد كان البعض يعتقد بانتشار الإنسان من أوروبا للجزيرة العربية عبر باب المندب.
فمتى تسترد مصر سيرتها وتؤكد أنها غالية وليست رخيصة..؟!