رئيس التحرير

الزبالة تستغيث من غنم شُبرا.. فمن نحاكم ؟!

استمع الي المقالة

index

أشرف أبو عريف

ليس مقبول سياحيا وبيئيا وصحيا أن ترى الغنم فى أحياء القاهرة الكبرى، كحى شرق شُبرا الخيمة، الهجوم الكاسح للغنم على تلال الزبالة لتناول وجبات الافطار والغداء والعشاء. فكم كانت صدمة كادت تُحدث لطمات بمرورى بأحد شوارع شُبرا الخيمة الواقعة أمام حى شرق شُبرا الخيمة وأرى مناظر مقززة للغنم يلتهمون الزبالة إلتهاما..

والشىء الغريب والعجيب أن الناس المارة لم يُحركوا ساكناََ سواء بكلمة عتاب لراعى الغنم أو حتى يتقدموا بشكاوى للجهات المعنية وعلى رأسها حى شرق شبرا الخيمة محل مشهد الحدث ومن المؤكد أن رئيس الحى يعيش الحدث ذهاباََ وإياباََ. ويبدو أنا الشعب الشبراوى والقائمين عليه قد ألِفوا هذا المنظر الأليم وأصبح تناول هذا اللحم ذو نكهة فريدة ولذيذة!

إنما التساؤل الذى يفرض نفسه: أليست هذه السلوكيات هى مصدر الأمراض المستعصية كالأورام الخبيثة والسرطان وفيراس سى والإلتهاب الرئوى خاصة أن الغنم تأكل الزبالة وسط ضباب من الدُخان الحرائق للتخلص من الزبالة، فضلاََ عن الغبار المتصاعد نتيجة تراكم الأتربة وانسداد الطُرق بالسيارات المتهالكة وسيطرة البلطجية على جانبى الشوارع وتأجيرها كجراج لمن يريد الوقوف لقضاء حاجاته شراءأ وبيعاََ أو سكان المكان؟!

والمدهش أن الأجهزة المسؤلة ، خاصة المحليات والصحة والأوقاف والشباب لم تقم بدورها المنوط سواء بالوعظ والإرشاد أو توقيع العقوبات الصارمة على الجُناة، خاصة أن بعض الصحف كالزميلة “محيط” كانت قد قامت بإجراء تحقيق صحفى فى هذا المضمار منذ سنوات، ولكن دون جدوى على النحو التالى:   

* مواطنون: وجدنا ديدان وأشياء غريبة وأكياس بعد ذبح الاضحية!
* التجار: ارتفاع اسعار العلف ألجأنا إلى تسريح الأغنام وسط القمامة!
أستاذ بالمعهد القومي للتغذية: أكل الأغنام المغذاة على القمامة تصيب بالفشل الكلوي والالتهاب الكبدي. 
خبير صحي: الديدان التي في مخ الخروف تجعله كالسكران . 
استاذ حديث بجامعة الأزهر: الحيوانات التي تتغذى على النفايات أكلها حرام شرعاَ.

مشهد تقشعر منه الأبدان، وهو سيناريو أصبح يتكرر كل يوم، وظاهرة باتت منتشرة فى شوارع القاهرة وربوعها، خراف وأغنام تتغذى على أكوام الزبالة، يقودها  تجار تجردوا من كل معانى الإنسانية وأصبحوا منزوعى الضمير.

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك تكثّف وجود تجار الأُضحية من الأغنام والماشية على نواصي الشوارع، ينصبون السرادقات التي تحوى بداخلها رؤس ماشية ليس لها عدد، منها من يعجبك لونه ومنها من تلطخ فروته بالقاذورات، لأنها اغنام أعتمدت بشكل مباشر في تغذيتها على أكوام الزبالة ومخلفات المنازل.

رصدت شبكة الإعلام العربية “محيط” هذه الظاهرة التي تتكرر كل عام في مثل هذا التوقيت، ووجدت كيف يحوم التجار صباحاً منتشرين بأغنامهم على تلك الأكوام حتى لا يراهم أحد وكانت البداية من منطقة السيدة زينب التي سمعنا بها ما لا تصدقه أذن.

* فى رأسها دود!

يحكى لنا سيد العرباوي -مقيم بمنطقة السيدة زينب- فيقول “العيد الماضي قمت بشراء خروف يتعدى وزنه الـ80 كيلو، من هؤلاء التجار الذين يتبعون هذا النهج في تربية الأغنام، وعندما سألت التاجر هل الخروف يأكل الزبالة؟ أقسم بالله أنه يتقي الله فى بضاعته، وأنه يقوم بتمشيتها فقط من جوار الزبالة ولا يسمح لها بالتغذية عليها، بل أغنامه تتغذى على الحشائش والأعلاف.

وأضاف صدقته وقمت بشراء الخروف الذى وصل سعره الى 1800 جنيه، وبعد ذبح الخروف وسط فرحة عارمة من الزوجة والأبناء، تلك الفرحة التي لم تكتمل بعد أن وجدنا الدود يسكن في أنف الخروف، وفي مؤخرة رأسه، مؤكدا عندما عدت إلى التاجر الذي اشتريت منه الاُضحية قال “الخروف ادّبح وماليش دعوة”.

* أجسام غريبة فى الامعاء!

ومن منطقة المنيب، يحكى لنا محمد شلقامى زيدان، أنه قام بشراء “جدى ماعز” ليُضحّي به في العيد السابق وعندما قام بذبح الجدي، وجد في أمعائه عدداً من أكياس البلاستيك والأوراق وأجسام غريبة، فضلاً عن إن رائحة اللحم لا يطيقها بشر، وهذا ما دفعة بالتبرع بلحم الاضحية للشحاذين، وقام هو بشراء لحم بلدي من محلات الجزارة كي يحتفل بالطقوس هو وأبنائه.

* العلف والزبالة!

تعليقا على ما حدث قال المعلم عبد التواب عبد الرحمن “أن ظاهرة تربية الأغنام على أكوام الزبالة لم تنتشر إلا من حوالي خمسة أعوم، حينما ارتفع سعر الأعلاف، فضلا عن أن العيد في تلك الأونة لا يأت وقت الربيع، حيث تنتشر الحشائش الخضراء مثل البرسيم، الذي يمثل وجبة كاملة للخراف إضافة إلى أنه رخيص الثمن.

وأضاف نضطر لإطعام الخراف والماعز بواقي الطعام الناتجة عن مخلفات المنازل، وهذه البواقي قد يصيبها العفن في بعض الأوقات ويسكن بداخلها الدود الناتج من العفن، ولكن ليس أمامنا بديل اّخر، وإن اعتمدنا على العلف فقط فنسخسر.

* الزبون.. المجنى عليه!

من جانبهه يقول تاجر اّخر -رفض الإفصاح عن اسمه- “أن الزبالة ترفع من حجم الخروف عند الوزن، وهذا يعود بالكسب على التاجر، ويذهب ضحية هذا الإهمال والغش المواطن الذي لا يعرف شيئاً، خاصة أن معظم هذه الخراف تُذبح عند التاجر، ويستلمه الزبون لحم مشفى معبأ في أكياس.

واستطرد التاجر مؤكداً أن سعر شيكارة العلف بلغت 130 جنيهاً، وشيكارة الردة الـ50 كيلو بلغت 80 جنيهاً، وشيكارة الذرة الصفراء بلغت 140 جنيهاً، وهذه عوامل أساسية تحتاجها الخراف في التمثيل الغذائي، وهذا هو السبب الوحيد في انتشار ظاهرة تربية الأغنام على الزبالة -بحسب تعبيره- قائلاً “رخصولنا سعر العلف ندّيكم لحمة خالية من الشوائب”.

* فشل كلوى والتهاب كبدى!

تؤكد الدكتورة سهير خيرى -أستاذ صحة الطعام بالمعهد القومي للتغذية- أن تربية الأغنام على الزبالة والقاذورات بما تحتويه القمامة من السموم، يؤثر علي الحيوان ومن ثم على كبد الإنسان لأنه مخزن السموم ، وعندما يأكل الإنسان من هذه اللحوم يصاب، إما بتلوث غذائي يظهر في شكل إسهال وقئ ومغص، وإما الإصابة بفشل كلوي أو التهاب كبدي. 

* يشبه الخنزير!

وفي السياق ذاته يؤكد الدكتور محمد خالد المسلمي -وكيل كلية الطب البيطري لشئون المجتمع وتنمية البيئة، وأستاذ الرقابة الصحية على اللحوم بجامعة القاهرة- أن ظاهرة تغذية الأغنام والماشية على الزبالة تزداد بشكل غير عادي، حيث تصيب الخراف والأغنام بالديدان في منطقة الأنف.

وأضاف المسلمي أن هذه الديدان تصل إلى مخ الخروف فتجعله كالسكران وتجعله يلهث بشكل دائم وهذه ظاهرة مرفوضة لأنها تجعل الأغنام كالخنازير، لذا فمن الضروري إجراء تحليل على الأعلاف قبل تقديمها، فما بالنا بالقمامة.

* حرام شرعا!

وعندما سالنا الدكتور سعيد الصواب -استاذ الحديث بجامعة الأزهر عن جواز أكل الحيوانات التي تتغذى على النفايات؟ قال “حرام شرعاَ فقد روي عن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن أكل الجلّالة وألبانها” و”الجلّالة” هي الحيوانات التي تتغذى على النجاسات والأشياء الخبيثة، ضاربا مثلاً بالضبع الذي يتغذى على بقايا الجيف الميتة في الغابة ويأكل دمها ولحمها وحتى ما في بطنها فهذا لا يجوز أكله.

* ما الفائدة من المجازر الصحية والغنم تتناول الزبالة؟!

* أين دور وزارة الصحة وزارة الزراعة والحكم المحلى والبيئة والسياحة من هذه الجريمة النكراء؟!

* أليست هذه المشكلة سببا فى تراجع السياحة وانتشار الأمراض المستعصية ووبالاََ على البيئة والسكان وفشل ذريع لوزارة الزراعة؟!

DSC_0310

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى