إقتصادسلايدر

أوزبكستان_الإمارات.. شراكة إقتصادية بصبغة الأخضر

استمع الي المقالة

عليشير كاديروف ✍️

رئيس قسم معهد الدراسات الاستراتيجية والإقليمية التابع لرئيس جمهورية أوزبكستان

تشهد العلاقات بين جمهورية أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة فترة من التطور السريع في السنوات الأخيرة، وتتميز بتعميق التعاون في العديد من المجالات، وخاصة التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.

على هذه الخلفية، تؤكد الزيارة المقبلة لرئيس أوزبكستان شوكت ميرضيائيف إلى الإمارات العربية المتحدة ومشاركته في أسبوع أبو ظبي للاستدامة 2025 (ADSW 2025) على الأهمية الاستراتيجية للشراكة لكلا البلدين، مما يدل على التزامهما بمبادئ التنمية المسؤولة بيئيًا والاستعداد للتفاعل الدولي النشط في هذا المجال.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الحدث يكتسب أهمية خاصة في سياق التحديات العالمية الحالية والتعاون المتزايد بين الدولتين.

* إجراءات ملموسة!

إن أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة تنفذان باستمرار سياسة التنمية المستدامة وحماية البيئة، وتؤكدان ذلك بإجراءات ملموسة.

إن هدف طشقند المتمثل في تحقيق حصة 50٪ من مصادر الطاقة المتجددة في ميزان الطاقة الوطني بحلول عام 2030 يتماشى بشكل جيد مع مبادرات التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى وجه الخصوص، فإن انضمام بلدنا إلى مبادرة “زيادة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات” في دولة الإمارات العربية المتحدة أمر جدير بالملاحظة في هذا الصدد.

لا شك أن مشاركة الزعيم الأوزبكي في أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025 ستسمح بإظهار إنجازات الدولة في مجال التنمية المستدامة، ومشاركة رؤية المستقبل وتوسيع فرص التعاون مع الشركاء العالميين، وخاصة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

بالإضافة إلى ذلك، يكتسب هذا أهمية خاصة في ضوء إعلان عام 2025 في الجمهورية “عام حماية البيئة والاقتصاد الأخضر”، مما يخلق تآزرًا فريدًا بين الخبرة الدولية والأولويات الوطنية للبلاد.

في ظل هذه الظروف، يمكن القول إن بلادنا تنفذ نهجًا شاملاً لحل المشاكل البيئية والتنمية المستدامة. سيركز البرنامج الوطني لعام 2025 على إدخال التقنيات الخضراء، والحفاظ على المياه، وتنسيق الحدائق، والتخفيف من كارثة بحر الآرال، وإدارة النفايات وتحسين الصحة العامة.

لقد بذلت البلاد بالفعل جهودًا كبيرة في هذا الاتجاه. وبالتالي، على مدى السنوات الخمس الماضية، عززت أوزبكستان سياستها البيئية بشكل كبير. تم اعتماد استراتيجية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر وتم إنشاء المؤسسات اللازمة، بما في ذلك المجلس المشترك بين الإدارات. كانت الخطوة المهمة هي تحويل الوزارة المعنية وإنشاء مجلس المناخ تحت إشراف الرئيس. تتويج هذه الجهود هو إدراج أحكام حماية البيئة في الدستور المحدث، والذي يؤكد على أولوية القضايا البيئية على مستوى الدولة.

في عام 2021، أطلقت البلاد مبادرة ياشيل ماكون (المساحة الخضراء) البيئية. يهدف المشروع إلى زيادة التشجير في البلاد إلى 12.4٪ بحلول عام 2030، بما في ذلك إنشاء حدائق جديدة وتوسيع الغابات. يلعب ياشيل ماكون دورًا رئيسيًا في تحقيق الاستدامة البيئية والوفاء بالتزامات المناخ الدولية للبلاد.

أصبحت أوزبكستان رائدة إقليمية في تعزيز المبادرات المناخية في آسيا الوسطى. بناءً على اقتراح طشقند في عام 2022، تبنت دول المنطقة برنامج الأجندة الخضراء ودعمت تطوير استراتيجية مشتركة للتكيف مع تغير المناخ.

* .. منتدى علوم المناخ!

في عام 2023، افتُتحت جامعة آسيا الوسطى لدراسات البيئة وتغير المناخ (الجامعة الخضراء) في طشقند، واستضافت منتدى علوم المناخ بمشاركة خبراء دوليين.

أثبتت الجمهورية نفسها كمشارك نشط في الأجندة البيئية العالمية، بعد أن طرحت تبني ثلاثة قرارات مهمة للأمم المتحدة. في عام 2021، اقترحت الدولة الاعتراف بمنطقة بحر الآرال كمنطقة للابتكار البيئي، وفي عام 2023 أطلقت مبادرات بشأن الإدارة المستدامة للغابات وتعزيز التعاون البيئي الإقليمي في آسيا الوسطى.

توضح هذه الخطوات بوضوح المشاركة النشطة لطشقند في المبادرات البيئية العالمية وتؤكد المسار الوطني لتطوير اقتصاد “أخضر”.

لا شك أن المبادرات البيئية الدولية لأوزبكستان تجد دعمًا نشطًا في الساحة الدولية، حيث تحتل الإمارات العربية المتحدة مكانة خاصة.

تطورت الاتصالات الأوزبكية الإماراتية، التي بدأت في عام 1992 بإقامة العلاقات الدبلوماسية، على مدى العقود الثلاثة الماضية إلى تعاون استراتيجي قوي قائم على الاحترام المتبادل والثقة. كانت زيارة رئيس أوزبكستان إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2019، والتي أعقبها زيارة رئيس أوزبكستان إلى الإمارات العربية المتحدة، لحظة مهمة في تطوير العلاقات الثنائية.

تم توقيع اتفاقيات مهمة أرست الأساس لتوسيع الاتصالات في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والاستثمار والابتكار.

لقد أعطت الزيارات رفيعة المستوى اللاحقة، مثل زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان إلى أوزبكستان في نوفمبر 2023 ومحادثات الرئيس شوكت ميرضيائيف مع وفد الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم العام الماضي، زخمًا جديدًا لتطوير الاتصالات الثنائية.

* الرئيس وCOP28!

كانت مشاركة رئيس أوزبكستان، شوكت ميرضيائيف، في مؤتمر COP 28 في الإمارات العربية المتحدة خطوة مهمة في تعزيز التفاعل بين البلدين في مجال البيئة والتنمية المستدامة. وقد أظهر هذا الحدث التزامهما المشترك بحل التحديات البيئية العالمية وعزز الشراكة في تعزيز الطاقة “الخضراء”.

وبالتالي، تستمر العلاقات بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة في التطور بشكل ديناميكي، وتغطي مجموعة واسعة من مجالات التعاون وتساهم في التقدم المستدام للدولتين.

يعد قطاع الطاقة المتجددة أحد أكثر مجالات التعاون تطوراً وديناميكية بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة. تلعب شركة مصدر الإماراتية دوراً رئيسياً في تنفيذ المشاريع الكبرى في هذا المجال وهي شريك موثوق واستراتيجي.

كان المشروع الرائد هو محطة طاقة الرياح زارافشان (WPP) بقدرة 500 ميجاوات في منطقة نافوي، والتي تم تشغيلها بنجاح في عام 2024. تعد مزرعة الرياح الأكبر في آسيا الوسطى وقادرة على توفير الكهرباء لنحو 500 ألف أسرة مع منع انبعاثات حوالي 1.1 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

بالإضافة إلى طاقة الرياح، تستثمر مصدر بنشاط في الطاقة الشمسية في أوزبكستان. في عام 2021، تم إطلاق محطة نور نافوي للطاقة الشمسية بسعة 100 ميجاوات. بالإضافة إلى ذلك، تنفذ الشركة مشاريع لبناء محطات الطاقة الشمسية في مناطق مختلفة من أوزبكستان، بما في ذلك مناطق جالارال وكاتاكورغان وشير آباد، بسعة إجمالية تبلغ حوالي 900 ميجاوات.

* مؤتمر الأطراف 29!

في مؤتمر الأطراف 29 في باكو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اتفقت مصدر ووزارة الطاقة في أوزبكستان على بناء مزرعة رياح بقدرة 1 جيجاوات في مينجبولاك. ولن يعمل المشروع على زيادة إنتاج الطاقة النظيفة فحسب، بل سيخلق أيضًا 600 إلى 800 وظيفة جديدة ويوفر مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا. وبفضل بناء مزرعة الرياح، سيتم تقليل الانبعاثات في الغلاف الجوي بمقدار 1.4 مليون طن سنويًا، وسيزداد أمن الطاقة، وستتم خلق فرص عمل جديدة.

تولد مشاريع مصدر في أوزبكستان حاليًا 1.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة، مع 0.5 جيجاوات أخرى قيد الإنشاء. والهدف هو الوصول إلى إجمالي قدرة 4 جيجاوات.

لا تستثمر الشركات الإماراتية في تطوير القطاع فحسب، بل تنقل أيضًا الخبرة والتكنولوجيا بنشاط، مما يساهم في التنمية المستدامة لقطاع الطاقة في البلاد.

يتجاوز التعاون الأوزبكي الإماراتي في مجال التنمية المستدامة قطاع الطاقة. تتبادل الدولتان الخبرات بشكل نشط وتنفذان مشاريع مشتركة لمكافحة تغير المناخ والحفاظ على الموارد المائية ومكافحة التصحر.

تعد الزراعة وإدارة المياه من المجالات الحيوية لكلا البلدين. وقد أبدت أوزبكستان، التي تواجه الجفاف ونقص المياه، اهتمامًا كبيرًا بالتقنيات المبتكرة التي تستخدمها دولة الإمارات العربية المتحدة في إدارة المياه والزراعة في الأراضي الجافة.

يشمل التعاون في هذا المجال إدخال أنظمة الري المتقدمة وتطوير الزراعة المستدامة وتبادل الخبرات في تكييف الزراعة مع تغير المناخ.

* برنامج مشترك!

تم تأسيس تفاعل مباشر بين وزارة الأمن الغذائي والمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة ووزارة الزراعة في أوزبكستان لاستكشاف إمكانيات تنفيذ برامج ومشاريع مشتركة في الزراعة وصناعة الأغذية.

يتم إعطاء الأولوية لقضايا الاستخدام الفعال لموارد المياه. ونظرًا للخبرة الغنية التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة في تحلية المياه وإدخال تقنيات توفير المياه في الزراعة، يدرس الجانب الأوزبكي بنشاط ويطبق أفضل ممارسات الشركات والمؤسسات الإماراتية لحل مشاكل نقص المياه في منطقة بحر الآرال.

وفي مجال التحضر المستدام وتطوير المدن الذكية، تتبنى الدولة أيضًا تجربة الإمارات العربية المتحدة. ففي عام 2024، تم توقيع مذكرة تعاون في مجال تطوير مراكز معالجة البيانات والذكاء الاصطناعي، مما يفتح فرصًا جديدة لرقمنة البنية التحتية الحضرية وتحسين نوعية حياة المواطنين.

وبالتالي، يمكن القول بثقة أن الزيارة المقبلة لرئيس أوزبكستان إلى الإمارات العربية المتحدة ومشاركته في أسبوع أبو ظبي للتنمية المستدامة تمثل مرحلة مهمة في تطوير العلاقات الثنائية.

* الاقتصاد الأخضر!

بالنسبة لأوزبكستان، هذه فرصة لجذب الاستثمار والتكنولوجيا في الاقتصاد الأخضر، وبالنسبة للإمارات العربية المتحدة، لتعزيز مكانتها كقائد إقليمي في التنمية المستدامة وتوسيع التعاون في آسيا الوسطى.

إن هذا التفاعل، القائم على الرغبة المشتركة في التقدم المستدام والمستقبل “الأخضر”، لديه القدرة على أن يصبح نموذجًا للتعاون الدولي الفعال في معالجة التحديات البيئية العالمية.

يتابع المجتمع الدولي تطور هذه الشراكة الاستراتيجية باهتمام، وينظر إليها كنموذج محتمل في سياق الجهود العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ومكافحة تغير المناخ.

* تأثير إيجابي!

يتفق الخبراء على أن التنفيذ الناجح للمبادرات المشتركة بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة لا يمكن أن يساهم فقط في النمو الاقتصادي وتحسين الوضع البيئي في كلا البلدين، بل سيكون له أيضًا تأثير إيجابي على منطقة آسيا الوسطى بأكملها، مما يدل على إمكانيات الجمع الفعال بين التنمية الاقتصادية والمخاوف البيئية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى