رأى

تطور العلاقات بين طاجيكستان والكويت

استمع الي المقالة

بقلم: آدينه أحمد سعيدوف

      في 3 نوفمبر الجاري، قام رئيس جمهورية طاجيكستان إمام علي رحمان بزيارة رسمية إلى دولة الكويت، استمرت ثلاثة أيام، أجرى خلالها مباحثات مكثفة مع أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وولي العهد الشيخ صباح الخالد الحمد المبارك الصباح. ثم جرت مباحثات موسعة حضرها الوفدين الرسميين للبلدين.

     أعرب الطرفان عن ارتياحهما للمستوى الحالي ومحتوي العلاقات بين البلدين. وأعربا عن اهتمامهما الكبير بتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري. وفي هذا الصدد، اعتبرا من الضروري تفعيل اللجنة الحكومية الدولية المشتركة وتأسيس مجلس الأعمال بين البلدين وصندوق الاستثمار المشترك. كما اعتبرا عقد اجتماعات رجال الأعمال ومعارض السلع والمنتجات مفيدا للبلدين. وأعرب الطرفان عن اهتمامهما بتوسيع التعاون في مختلف المجالات الثقافية والإنسانية. وكذلك توسيع التعاون في مجالات السياحة والعلوم والتعليم والرعاية الصحية كأحد الاتجاهات المستقبلية للعلاقات بين البلدين.

      وجه رئيس طاجيكستان الشكر لدولة الكويت على مساهمة الصندوق الكويتي للتنمية في تمويل مشاريع مهمة لطاجيكستان في مجالات بناء الطرق وإمدادات الطاقة والمياه. وكان رأس المال الكويتي قد ساهم في تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الصناعات الخفيفة والأغذية والمعادن والزراعة والأدوية.

      وخلال مناقشة القضايا الاجتماعية أكد أمير دولة الكويت على وجه الخصوص، أنهم على دراية بالسياسة الفعالة لرئيس طاجيكستان إمام علي رحمان لدعم المرأة ورفع مكانتها في المجتمع، كما اعتمدوا نفس السياسة في الكويت وتم تعيين العديد من الأشخاص من بين النساء في مناصب قيادية في شؤون الدولة.

       وقد اعتبر التوقيع على مذكرة التفاهم بين حكومة جمهورية طاجيكستان وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم القوى العاملة في القطاع الخاص على هامش مفاوضات اليوم مفيدا للطرفين.

وخلال مناقشة التعاون ضمن المنظمات الدولية والإقليمية، تم تقديم الشكر لدولة الكويت على دعم جهود طاجيكستان العالمية في مجال المياه والمناخ. ومن المأمول أن تدعم الكويت تبني قرار الأمم المتحدة بشأن “عقد توطيد السلام للأجيال القادمة”، الذي اقترحته طاجيكستان. ونظراً لمخاطر العصر الحديث وتهديداته للأمن والاستقرار، حظيت قضايا مقاومة الإرهاب والتطرف باهتمام جدي.

      وفي نهاية الاجتماعات والمفاوضات رفيعة المستوى وجه الرئيس إمام علي رحمان الدعوة لأمير الكويت للقيام بزيارة رسمية إلى طاجيكستان في الوقت المناسب له.

      كما التقي رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان مع ولي عهد دولة الكويت الشيخ صباح الخالد الحمد المبارك الصباح. وتم خلال اللقاء بحث مجموعة من القضايا المتعلقة بالعلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف. وتم التأكيد على أن طاجيكستان والكويت لديهما فرص عديدة للتعاون في تنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة مفيدة للجانبين. واعتبر جذب رأس المال الكويتي إلى طاجيكستان لتصدير المنتجات الزراعية ومياه الشرب إلى الكويت مفيدًا. وتم التعبير عن الفعاليات الثقافية والمؤتمرات العلمية والعملية وتبادل الطلاب والمعلمين وإقامة اتصالات بين المؤسسات العلمية والتعليمية في البلدين.

      ورحب رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان بقرار حكومة الكويت بشأن افتتاح سفارة لها في طاجيكستان، الذي قدمه ولي عهد الدولة. كما جرت محادثات مفيدة حول قضايا أخرى تهم الجانبين.

      وبعد المفاوضات رفيعة المستوى بحضور رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان وولي عهد دولة الكويت الشيخ صباح الخالد الحمد المبارك الصباح أقيمت مراسم توقيع وثائق تعاون جديدة. حيث تم التوقيع على 9 وثائق تعاون جديدة لتعزيز وتوسيع علاقات التعاون. منها 5 وثائق بحضور رؤساء الدول و4 أخرى على هامش الزيارة الرسمية لرئيس جمهورية طاجيكستان إلى دولة الكويت، شملت، مذكرة تفاهم بشأن تنظيم القوى العاملة في القطاع الخاص. ومذكرة تفاهم للتعاون بين وزارتي خارجية البلدين. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون التجاري. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الصناعة. وبروتوكول بشأن إدخال تغييرات وإضافات على الاتفاقية بشأن تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي على الدخل ورأس المال. واتفاقية تعاون بين وكالة الإعلام الوطنية الطاجيكية “خوفار”، ووكالة الإعلام التابعة لدولة الكويت “كونا”. ومذكرة تفاهم في مجال التربية البدنية والرياضة. ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال التقييس. والبرنامج التنفيذي للاتفاقية بشأن التعاون في مجال السياحة للأعوام 2026 – 2024.

      وخلال زيارته لدولة الكويت، التقى رئيس طاجيكستان إمام علي رحمان بالنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية لدولة الكويت الشيخ فهد يوسف سعود الصباح. وتم خلال اللقاء بحث قضايا تعزيز وتوسيع علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين. وأعرب الطرفان عن ارتياحهما لمستوى العلاقات السياسية وفسراه على أنه أساس مناسب لتعزيز وتوسيع التعاون في كافة القطاعات الأخرى. واعتبرا انعقاد المؤتمر الدولي “المرحلة الكويتية من عملية دوشنبه لمكافحة الإرهاب” خطوة مهمة في اتجاه ضمان الأمن والاستقرار. كما أكد الجانبان على أهمية التعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف والمخاطر الأخرى في العالم الحديث.

     كما التقي الرئيس إمام علي رحمان وزير خارجية الكويت عبد الله علي عبد الله صالح. وتم خلال اللقاء مناقشة الوضع الراهن وآفاق العلاقات المتعددة الأوجه بين البلدين. وتم الإعراب عن ارتياحهم للتعاون بين طاجيكستان والكويت في إطار الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحوار التعاون الآسيوي وغيرها. وتم التأكيد على أن مواقف الدول متقاربة بشأن معظم قضايا جدول الأعمال الدولي والإقليمي. وأعرب الجانبان عن التزامهما بالتنفيذ الفعال للمبادرات الدولية لجمهورية طاجيكستان بشأن قضايا المياه والمناخ. وأولوا اهتماما خاصا بمبادرة طاجيكستان التي قدمت في الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن اعتماد قرار خاص للأمم المتحدة بشأن إعلان “عقد توطيد السلام من أجل الأجيال القادمة”.

      وقد شارك الرئيس إمام علي رحمان في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وإنشاء آليات فعالة لأمن الحدود “المرحلة الكويتية من عملية دوشنبه”. ووصف رئيس طاجيكستان المؤتمر بأنه عامل فعال لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب والتطرف والتهديدات الأمنية الأخرى. وتم التأكيد على أن المؤتمر سيزيد من توسيع نطاق وتأثير عملية دوشنبه على مكافحة الإرهاب وتمويله. وسيساهم في تنسيق وتعزيز التعاون على المستوى الدولي، وخاصة بين دول ومناطق آسيا الوسطى ومجموعة الدول العربية وأفريقيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا. وإن طاجيكستان، باعتبارها البادئة بعملية دوشنبه، تؤكد من جديد التزامها بالتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين الآخرين. ولفت انتباه المشاركين إلى قضايا نشر الأفكار المتطرفة وإثارة الكراهية والصراعات الدينية في المجتمع ودعوة الشباب إلى ارتكاب الجرائم الإرهابية باعتبارها سلاحا حقيقيا للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة. واعتبر من الضروري أن يهتم المسؤولون والخبراء بهذا الموضوع وأن يتخذوا الإجراءات الفعالة لحله. وأنه من أجل منع التطرف، وخاصة بين الشباب هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة. وعتبر أنه من الضروري مكافحة هذه التهديدات وتعزيز تنسيق تدابير البلدان لتعزيز السلام والاستقرار والأمن. وأكد دعم طاجيكستان لاعتماد اتفاقية مكافحة الإرهاب الدولي.

       والتقى رئيس طاجيكستان خلال زيارته للكويت مع المدير العام لصندوق التنمية الكويتي وليد البحر. وتم خلال اللقاء مناقشة قضايا التعاون بين طاجيكستان والصندوق. وكان توسيع التعاون بين طاجيكستان وصندوق التنمية الكويتي في تمويل مشاريع البنية التحتية الهامة، بما في ذلك بناء الطرق السريعة والمرافق في قطاعي الطاقة والري، أحد المواضيع المهمة في الاجتماع. وفي هذا الصدد، تم تقديم الشكر لقيادة دولة الكويت على مبادرة تخصيص 100 مليون دولار أمريكي لتنفيذ مشروع محطة كهرباء “راجون”.

     كما التقي الرئيس إمام علي رحمان على هامش المؤتمر الدولي رفيع المستوى “تعزيز التعاون الدولي في اتجاه مكافحة الإرهاب وإنشاء آليات فعالة لأمن الحدود- المرحلة الكويتية من عملية دوشانبه” مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة فلاديمير فورونكوف. وتم خلال اللقاء مناقشة قضايا التعاون الفعال بين طاجيكستان ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى سير عمل المؤتمر.

      وقام رئيس طاجيكستان ضمن زيارته للكويت بزيارة متحف قصر السلام الذي يقع في منطقة الشويخ بمدينة الكويت. واطلع على تاريخ بناء هذا المبنى الثقافي والتاريخي الذي بدأ تشييده عام 1960 كمقر إقامة للأمير في عهد أمير الكويت السابق الشيخ عبد الله السالم الصباح. ومنذ عام 1961، بعد إعلان استقلال البلاد، وبسبب الحاجة إلى بناء مسكن لاستقبال الضيوف الرسميين، تم إجراء تغييرات على القصر. وفي عام 2019، وبعد الانتهاء من أعمال البناء والتجديد، تم وضع متحف تاريخي وثقافي في القصر، وهو انعكاس لمراحل زمنية مختلفة من تاريخ الكويت الممتد لنحو 300 عام، حيث عرضت مجموعة فريدة من التحف التاريخية ولمحات من التراث الثقافي الوطني. وخلال زيارته للمتحف سجل الرئيس إمام علي رحمان كلمة في سجل الضيوف.

      وقد أجرت مدير عام وكالة الأنباء الكويتية فاطمة السالم. حوارًا مطولًا مع الرئيس إمام علي رحمان، عبر خلاله عن رأيه حول الوضع الراهن وآفاق العلاقات الطاجيكية الكويتية وتعاون البلدين في إطار المنظمات الدولية والإقليمية. كما ذكر أن العام المقبل سيكون قد مر 30 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتم الإعراب عن الثقة في أن الطرفين سيحتفلان بهذا التاريخ الهام في التاريخ الحديث للعلاقات بين البلدين مع تحقيق إنجازات جديدة في المستقبل وتوسيع وتعزيز التعاون بينهما. وأعرب عن رضاه عن العملية الحالية لتوسيع الشراكة بين البلدين في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية والإنسانية. كما تم خلال المقابلة مناقشة القضايا المتعلقة بالمياه والمناخ. وأعرب عن رأيه بشكل مفصل حول مبادرات طاجيكستان العالمية في مجالي المياه والمناخ والمكانة الرائدة لبلادنا في تعزيز الأجندة الدولية في هذا المجال.

      جاءت زيارة الرئيس إمام علي رحمان إلى الكويت لتضيف فصلًا جديدًا من فصول العلاقات القوية التي تربط بين البلدين، حيث أجري مباحثات مكثفة مع المسئولين الكويتين وفي مقدمتهم أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وولي العهد الشيخ صباح الخالد الحمد المبارك الصباح، والعديد من كبار المئولين الكويتين، ومشاركته في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، حيث تم مناقشة تطوير التعاون في مجالات الاستثمار والسياحة في طاجيكستان، كما شارك في عرض كتاب “طاجيكون” للأكاديمي باباجان غفوروف باللغة العربية، الذي حظي باهتمام كبير في الكويت والدول العربية.

كاتب المقال:

أستاذ بجامعة طاجيكستان القومية

Odinahmad-94@mail.ru

Tel:+992988961026

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى