رأى

شعار زلزل حياة الصهاينة.. “من النهر إلى البحر، يجب أن تتحرّر فلسطين”

استمع الي المقالة

مريم سليم

باحثة سياسية عراقية

بات شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين يجب أن تتحرر” ميدان مواجهة بين نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين ومناصري الكيان الصهيوني.

حيث يصف الناشطون الحقوقيون الفلسطينيون هذا الشعار بأنه دعوة للسلام والمساواة وإنهاء الاحتلال، ويقول أنصار الكيان إن هذا الشعار هو دعوة لتدمير “إسرائيل” ونشر الكراهية ضد اليهود ومعاداة السامية.

من جهتها إعتبرت بعض المنظمات اليهودية، من قبيل رابطة مكافحة التشهير المؤيدة لإسرائيل pro-Israel Anti-Defamation League (ADL) واللجنة اليهودية الأمريكية، هذه العبارة بأنها مثال على معاداة السامية لأن هذه العبارة تحرم اليهود من حق تقرير المصير، وفي أسوأ حالاتها هي دعوة صريحة للتطهير العرقي لليهود الإسرائيليين.

وفي بعض الدول أصبح هذا الشعار موضوعا للتجريم وفي بعض الدول موضوعا لقيود اجتماعية وإدارية.

وقد جعل حزب العمال في بريطانيا ومجلس النواب الأمريكي استخدام الشعارات خاضعا لبعض القيود في إطار أنظمتهما الداخلية وقواعد السلوك، ومن بينها يمكن أن نشهد الإجراء الذي اتخذه حزب العمال البريطاني ضد تصريحات آندي ماكدونالدز، ومجلس النواب الأمريكي إزاء تغريدة رشيدة طيب، التي تضمنت شعار من البحر إلى النهر.

حيث ردّت النائبة الفلسطينية -الأمريكية الوحيدة الحاضرة في الكونغرس الأمريكي، على الانتقادات بتغريدة مفادها أن “من النهر إلى البحر هي دعوة طموحة للحرية وحقوق الإنسان والتعايش السلمي، وليس الموت والدمار والكراهية”.

وتعد ألمانيا وجمهورية التشيك وكندا والنمسا وإستونيا من الدول التي تعتبر هذا الشعار عرضة للعقوبات الجنائية والقيود الإدارية.

وحظرت بعض الجامعات، مثل جامعة كورنيل وكلية مجتمع روكلاند Rockland Community College وجامعة برانديز (Brandeis University) في أمريكا، هذا الشعار في أنظمتها الداخلية وفرضت قيودا على الطلاب الذين يردّدون هذا الشعار.

على سبيل المثال، أوقفت كلية روكلاند المجتمعية الطالبة “مادلين وارد” بسبب دفاعها عن فلسطين، والذي كان مصحوبًا بشعار “من النهر إلى البحر، فلسطين يجب أن تتحرر”.

 كما فرضت جامعة برانديز قيودا على المجموعة الطلابية “العدالة من أجل فلسطين”، لأنهم كانوا ينشرون في وسائل التواصل الخاصة بهم شعار “من النهر إلى البحر فلسطين يجب أن تتحرر”.

ويعتبر بعض النقاد أن هذا الشعار هو “خطاب محمي” بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي، ويعتبرون تصرفات الجامعات ضد استخدام الطلاب لهذا الشعار انتهاكًا لحرية التعبير.

 وبالإضافة إلى الدول والجامعات، فإن عدداً من الجهات غير الحكومية مثل شبكات التواصل الاجتماعي، وضعت قيوداً على مسألة هذا الشعار في منصّاتها، ومنها ما قام به إيلون ماسك (صاحب موقع X)، حيث أشار إلى أن هذا الشعار يوحي بالإبادة الجماعية، وعمل ميتا على تحديد المنشورات التي تحتوي على هذا الشعار على إنستغرام وفيسبوك كرسائل غير مرغوب فيها، وموقف تيك توك حول نشر هذا الشعار متذرعاً بأنه قد يؤدي إلى تصعيد العنف وإذا أدى إلى الكراهية ستكون هناك قيود.

وإلى جانب شبكات التواصل الاجتماعي، منعت شركة Etsy الأمريكية الناشطة في مجال التجارة الإلكترونية، بيع الأطباق التي تحمل الشعار المذكور عليها، حيث تم الإبلاغ عن إجراء مماثل بواسطة Amazon وeBay.

وبشأن المحتوى المذكور، يمكن القول أن الشعار قد وصل إلى درجة عالية من الأهمية والحساسية في مجال الرأي العام.

وبالإضافة إلى مجال الرأي العام، كما تقول السلطات الإسرائيلية، فإن هذا الشعار يحتوي على نفي وجود إسرائيل، وخطته مخيفة وغير مقبولة في أوروبا.

وتتلخص استراتيجية إسرائيل في التعامل مع هذا الشعار في موازاة هذا الشعار بمعاداة السامية. ويسعى الكيان بهذا الإجراء إلى منع الشعب الفلسطيني من التعبير عن تطلعاته، وليواصل انتهاك حقوق هذا الشعب، ولكي يحافظ الكيان على هيمنته وسيادته على الأراضي المحتلة.

ومن ناحية أخرى فإن الشعار المذكور يؤكد على عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وعلى حرية فلسطين وحرية الشعب الفلسطيني كله، وقد حولت هذه القضية الشعار المذكور إلى ساحة نقاش بين الناشطين الحقوقيين الفلسطينيين ومؤيدي الكيان الصهيوني.

ولا يقتصر هذا النقاش على بيئة الشارع والتجمعات والمقابلات الإعلامية، بل امتد إلى مجال القانون أيضا. ويقول البعض إن هذا الشعار هو مثال للتحريض على الكراهية العنصرية والإبادة الجماعية والعنف ودعم الإرهاب، ومن هذا المنطلق يسعون إلى منع استخدامه في التجمعات والصفحات الاجتماعية، والبعض يسميه دعوة للسلام والتعايش، ويرون نهاية سلمية للاحتلال.

ويرى هؤلاء أن ما قامت به الحكومات الغربية من حظر الشعار المذكور وتجريمه هو مثال على انتهاك حرية التعبير في النظام الدولي لحقوق الإنسان.

وردد ناشط حقوقي فلسطيني شعار ” من النهر إلى البحر- يجب تحرير فلسطين” في مظاهرة نظمت في أمستردام في مايو 2021 لدعم فلسطين. حيث أفاد أنصار الكيان الصهيوني أن أفعاله تعتبر تحريضا على الكراهية والعنف ضد اليهود. ورفض المدعي العام ملاحقته، وذكر أن الشعار الذي عبر عنه أنصار فلسطين له تفسيرات متعددة ولا يمكن اعتباره دعوة لعمل غير قانوني، وأضاف المدعي العام أنه أقرّ بارتباط هذه العبارة بحكومة إسرائيل وربما بأشخاص يحملون الجنسية الإسرائيلية، لكنها لا تتعلق باليهود بسبب عرقهم أو دينهم، وبعد أن رفض المدعي العام محاكمة الناشط، قدم أنصار إسرائيل مشروع قانون استئنافهم إلى محكمة الاستئناف في أمستردام. وبعد نحو عامين، أكدت المحكمة أن الناشط الألماني لم يرتكب أي جريمة جنائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى