رثــــــاء الأعــــزاء!
بقلم: عبدالمنعم مبروك
وهكذا الحياة قصيرة مهما طالت … وأنا رجل يعيش فى العشرية السابعة وأقترب من لقاء الله … أُصِبْتُ بفاجعتين خلال الأيام الماضية … الأولى رحيل خالتي ابنة عم المرحومة والدتي … ثم شقيقي الأصغر (السيد مبروك) تغمدهما المولى برحمته وألحقنا بهما على خير وعلى تقوى إن شاء الله … أما رحيل خالتي الكريمة الصادقة النبيلة التي أنجبت رجالاً عظماء لمصر وهى السيدة/ كريمة صادق مبارك الخلوقة المثالية … التي أحسنت تربية أبنائها على القيم الأخلاقية والشهامة والرجولة وهم أبناء الراحل العظيم اللواء/ زكي عبد الغني سليمان الذي كنت وما زلت أعتز بصداقته قبل أن يكون من ذوي القربى؛ حيث تعلمت منه الانضباط في العمل، وهو الرجل الذي التحق بالقوات المسلحة وتزامل مع الرئيس السيسي في بداية حياته العسكرية بالقوات الخاصة ومن بين زملائه أيضًا اللواء/ سمير فرج واللواء/ حمدي وهيبة رئيس الأركان الأسبق.
لقد علَّمنا الحق سبحانه أن الحياة حق والموت حق والجنة حق والنار حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق … وقال سبحانه (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ) [سورة الأنبياء: 104] وقال الحبيب المصطفى كذلك (مالي وللدنيا إنما مثلي ومثلُ الدُّنيا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ ثم راحَ وتركها) الأمر الذي يؤكد لنا نحن البشر أن الدنيا دار فناء والآخرة دار بقاء ولن يدوم ويبقى إلا العمل الصالح والإحسان والتقوى.
ولعل رثائي في وفاء أخي الأصغر – رحمه الله – وخالتي العزيزة خلال الأيام الماضية هو مصاب جلل واختبار للأسرتين في معنى الصبر والإيمان الذي يجب أن يكون عليه الناس في هذه الحياة التي تمثل ملهاة ولهوًا ولعبًا لا طائل من ورائه.
لقد فُجعت برحيل خالتي التي رحلت بعد أمي بسنوات وكانت سيدة تقيَّة جميلة الخُلُق وتتمتع بالوفاء وبالصدق والأمانة، وكانت نعم المُعلمة والمُربية لأبنائها برغم أنهما كانت سيدة منزل، وهو ما يؤكد أن السيدة المصرية هي دائمًا الأم وهي الأخت وهي الزوجة التي تصنع المعجزات … لقد أنجبت خالتي أبناءها الثلاثة باركهم الله (المستشار/ حاتم – رئيس محكمة استئناف، اللواء/ حازم – الذي يعمل بجهاز سيادي محترم، والسيدة/ شيرين – التي تعمل بإحدى شركات البترول ومتزوجة من قيادة أمنية) … لقد عاشت الأسرة بالقاهرة مع الوالدة الراحلة – رحمها الله- ومع الوالد العظيم رحمه الله اللواء/ زكي عبد الغني سليمان، وكانت الأم تعيش فقط لتربية الأبناء وتعليمهم … وكانت لا تنقطع عن زيارة الأهل والأقارب بالمنوفية مع زوجها – رحمه الله – وكانت لا تتأخر لحظة عن مجاملة الأقارب في السراء والضراء، ومنهم أسرة كاتب هذه السطور … كانت السيدة/ كريمة تمثل النموذج المثالي للأم المصرية برسالتها النموذجية طوال حياتها حتى رحلت الشهر الماضي للقاء ربها بعد زوجها الذي رحل عن دنيانا في عام ألفين وثلاثة عشر … كل العزاء لأبناء خالتي وعمهم المحترم الأستاذ/ السيد عبد الغني سليمان وكيل الوزارة بالمعاش والذي كرَّمه الرئيس السيسي عام 2017 على أدائه المتميز في خدمة بلده داخل مصر وخارجها ممثلاً لأحد الأجهزة السيادية.
أما أخي (السيد) رحمه الله فقد كرَّمه سبحانه بالشهادة لأنه لقي ربه وهو مبطون، وأملنا في الله سبحانه أن يشمله برحمته وأن يكون من بين الذين ذكرهم الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه المتفق عليه (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهَدْمِ، والشهيد في سبيل الله) … كان نعم الأخ والشقيق والابن المدلل لصغر سِنِّه … والذي ترك على عاتقي بعد رحيله ثلاث بنات في سن الطفولة وهن (بيان، مكة، وأبرار) مع أمهنَّ أعاننا الله عليهن؛ حيث أنجبهن المرحوم شقيقي في سنٍّ متأخر من عمره وهو على مشارف الستين … وكنت لا أُفَرِّق بينه وبين إخوتي الراحلين رحمهم الله (عبده، وزكي، وصابر، وعلية، وكريمة) الذين رحلوا بعد والدي ووالدتي بسنوات … فهذه هي الدنيا التي تضحك علينا كل يوم في الحياة.
هذه إرادة الله وأوامره وقضاؤه الذي لا راد لقضائه … رحم الله أخي وخالتي وأسكنهما فسيح جناته … وأعانني على تنفيذ وصية شقيقي المكتوبة لابني أحمد باركه الله وسدد خطاه.
في النهاية أتقدم بخالص الشكر والعرفان لكل من قدَّم لأسرتي واجب العزاء في وفاة شقيقي الأسبوع الماضي وأخص بالشكر السيد اللواء/ محمود الكموني مساعد وزير الداخلية مدير أمن المنوفية الذي تفضل – بنعم الله عليه – فور علمه بوفاة شقيقي في معهد الكبد في شبين الكوم بإرسال السيد العقيد/ محسن – مأمور بندر شبين الكوم مع عدد من رجاله لتقديم واجب العزاء وكذلك الإشراف على سرعة إنهاء الإجراءات لشقيقي بعد وقاته في معه الكبد وهي الوفاة التي حدثت مساءً … ولولا اهتمام سيادته لبقينا في المعهد بصحبة شقيقي المتوفى لليوم التالي ولكنَّ الله سلَّم … وبالمناسبة هذه رسالة لكل من يهمه الأمر في وزارة الصحة بسرعة الاهتمام وإنهاء الإجراءات دون تقاعس لكل من توفي في إحدى المستشفيات التابعة للوزارة .
في النهاية أقول: رحم الله خالتي وشقيقي وأسكنهما فسيح الجنان … وشكرًا لكل من واسانا … والبقاء والدوام لله وحده … ولا عزاء لنا إلا الصبر والتقوى والعودة إلى الله قبل أن نلقاه في يوم يعلمه سبحانه.