وصف أطباء وممرضون ومسعفون مُفرج عنهم لـ هيومن رايتس ووتش سوء المعاملة في السجون الإسرائيلية، بما يشمل الإذلال، والضرب، والوضعيات المجهدة القسرية، والتقييد وعصب الأعين لفترات طويلة، والحرمان من الرعاية الطبية. أبلغوا أيضا عن تعرضهم للتعذيب، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي من قبل القوات الإسرائيلية، والحرمان من الرعاية الطبية، وظروف الاحتجاز السيئة لعموم المحتجزين.
قالت بلقيس جراح، مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: “تواصل الحكومة الإسرائيلية إساءة معاملة الكوادر الطبية الفلسطينية بعيدا عن الأعين وعليها التوقف فورا. ينبغي إجراء تحقيق شامل في التعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة الأطباء والممرضين والمُسعفين، ومعاقبة الجناة بشكل مناسب، بما في ذلك من قبل ’المحكمة الجنائية الدولية‘”.
بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2024، قابلت هيومن رايتس ووتش ثمانية فلسطينيين عاملين في مجال الرعاية الصحية اعتقلهم الجيش الإسرائيلي من غزة بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023 واحتجزهم دون اتهامات لمدد تتراوح بين سبعة أيام وخمسة أشهر. اعتُقل ستة منهم أثناء العمل عقب الحصار الإسرائيلي للمستشفيات أو أثناء عمليات إخلاء المستشفيات التي قالوا إنها جرت بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي. لم يقل أي من العاملين في الرعاية الصحية إنهم أُبلغوا بسبب احتجازهم أو اتُهموا بارتكاب جريمة. تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع سبعة أشخاص شهدوا اعتقال جنود إسرائيليين لعمال الرعاية الصحية أثناء قيامهم بواجباتهم.
أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى الجيش الإسرائيلي و”مصلحة السجون الإسرائيلية” تتضمن النتائج الأولية في 13 أغسطس/آب، لكنها لم تتلق ردا.
قدّم جميع العاملين في الرعاية الصحية الذين قابلناهم روايات مماثلة عن إساءة المعاملة في السجون الإسرائيلية. بعد أن كانوا في غزة، رُحلوا إلى منشآت الاحتجاز في إسرائيل، منها قاعدة سدي تيمان العسكرية في صحراء النقب وسجن عسقلان، أو نُقلوا قسرا إلى قاعدة عنتوت العسكرية بالقرب من القدس الشرقية وسجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة. قالوا جميعا إنهم جُرِّدوا من ملابسهم، وضُربوا، وعُصبت أعينهم، وقُيّدت أيديهم لأسابيع عديدة متتالية، وتعرضوا للضغط حتى يعترفوا بأنهم أعضاء في حركة “حماس”، مع تهديدات مختلفة بالاحتجاز لأجَل غير محدد والاغتصاب وقتل عائلاتهم في غزة.
قال طبيب جرّاح إنه كان “يرتدي زيه الطبي وحذاء كروكس” عندما اعتقلته القوات الإسرائيلية أثناء حصارها لمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بغزة، في ديسمبر/كانون الأول. قال: “كنا 50 كادر طبي، بما يشمل ممرضين وأطباء. أمر الجندي عبر الميكروفون الرجال والفتيان الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما بإخلاء المستشفى. … وعندما أخرجونا من المستشفى، طلبوا منا خلع ملابسنا والبقاء في ملابسنا الداخلية”.
قال مُسعِف إنه في مركز احتجاز سدي تيمان، تم تعليقه بسلسلة مربوطة بالأصفاد، وصُعق بالكهرباء، وحُرم من الرعاية الطبية لعلاج كسور ضلوعه الناتجة عن الضرب، وأُعطي ما يعتقد أنه مُخدّر ذو تأثير نفسي قبل التحقيق معه. قال: “كان الأمر مذلا للغاية، وكان أمرا لا يصدق. كنت أساعد الناس كمُسعف، ولم أتوقع شيئا كهذا أبدا”.
أفاد عمال الرعاية الصحية أيضا أنهم تعرضوا للعقاب في الحجز بسبب الحركة أو التحدث، والعقاب الجماعي إذا تحدث محتجزون آخرون. قال أحدهم: “إذا تحدث شخص، فإنهم [الجنود] يعاقبون المستودع بأكمله [في سجن النقب] بشكل جماعي”.
أفادت وزارة الصحة في غزة أن القوات الإسرائيلية احتجزت على الأقل 310 كادر طبي فلسطيني منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. وثّقت “هيلث كير ووركرز ووتش – فلسطين“، وهي منظمة غير حكومية، 259 عملية احتجاز لعاملين في الرعاية الصحية وجمعت 31 رواية تصف التعذيب وغيره من الانتهاكات على يد السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك استخدام وضعيات مُجهدة، والحرمان من الطعام والماء الكافيين، والتهديد بالعنف الجنسي والاغتصاب، والمعاملة المهينة. ساعدت هيلث كير ووركرز ووتش – فلسطين هيومن رايتس ووتش في مقابلة عمال الرعاية الصحية المُفرَج عنهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الاحتجاز التعسفي المطول وإساءة معاملة الكوادر الطبية فاقم الأزمة الصحية في غزة. منذ أكتوبر/تشرين الأول، أصيب أكثر من 92 ألف شخص في غزة، ولدى المستشفيات العاملة أقل من 1,500 سرير للمرضى المقيمين، ومع ذلك، سمحت السلطات الإسرائيلية لـ 35٪ فقط من حوالي 14 ألف شخص طلبوا الإخلاء الطبي بمغادرة غزة، وفقا لتقرير “منظمة الصحة العالمية” في 5 أغسطس/آب.
تتوافق روايات الكوادر الطبية مع التقارير المستقلة، منها تقارير “مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان“، و”وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (الأنروا)، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، والجماعاتالحقوقية، والتي توثّق العشرات من روايات المعتقلين عن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، والضرب، والعنف الجنسي، والاعترافات القسرية، والصعق بالكهرباء، وغيرها من أشكال التعذيب والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون في منشآت الاحتجاز الإسرائيلية.
ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في 3 يونيو/حزيران أن الجيش الإسرائيلي يُجري تحقيقات جنائية في وفاة 48 فلسطينيا في منشآت الاحتجاز الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. ومن بينهم الدكتور عدنان البرش، وهو جراح ورئيس قسم جراحة العظام في مستشفى الشفاء، والدكتور إياد الرنتيسي، وهو مدير مركز صحة المرأة في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا.
تنص “المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949″، المنطبقة على الأعمال العدائية بين إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية، على أن “الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية… يُعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية”. “المعاملة القاسية، والتعذيب” و” الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة” محظورة في جميع الأوقات. والجرحى والمرضى “يجب… أن يحصلوا على الرعاية”.
تحظر المادة 49 من “اتفاقية جنيف الرابعة”، المنطبقة على الأراضي المحتلة، النقل الجبري الفردي داخل الأراضي المحتلة أو ترحيل المدنيين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال، أيا كانت دواعيه. الانتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركة والمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة المرتكبة بقصد إجرامي تُعتبر جرائم حرب.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن السلطات الإسرائيلية لم توفر على مدى عقود مساءلة موثوقة عن التعذيب وغيره من الانتهاكات ضد المحتجزين الفلسطينيين. وفقا للإحصاءات الرسمية الإسرائيلية، بين 2019 و2022، قُدمت 1,830 شكوى متعلقة بانتهاكات ارتبكها ضباط مصلحة السجون الإسرائيلية، ولم تؤد أي منها إلى إدانة جنائية. لم تسمح السلطات الإسرائيلية للوكالات الإنسانية المستقلة بالتواصل مع المحتجزين الفلسطينيين منذ بدء الأعمال العدائية.
يتعين على الحكومات دعم جهود العدالة الدولية الرامية إلى التصدي للانتهاكات الإسرائيلية ضد المحتجزين الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين عنها. ينبغي للولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الضغط على إسرائيل لإنهاء ممارسات الاحتجاز التعسفية، التي تشكل أحد جوانب القمع الممنهج الكامن وراء جرائم السلطات الإسرائيلية ضد الإنسانية والمتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين.
تدرس المحكمة الجنائية الدولية طلبات إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار بتهمة ارتكاب جرائم دولية خطيرة، وعليها التأكد من أن تحقيقاتها تتناول الانتهاكات ضد المحتجزين الفلسطينيين. ينبغي لحلفاء إسرائيل الضغط على الحكومة للسماح بشكل عاجل بمراقبة مستقلة لمرافق الاحتجاز.
قالت جراح: “يسلط تعذيب الكوادر الطبية الفلسطينية الضوء على قضية أكبر بكثير تتمثل بمعاملة الحكومة الإسرائيلية للمحتجزين بشكل عام. ينبغي للحكومات أن تدعو السلطات الإسرائيلية علنا إلى إطلاق سراح العاملين في الرعاية الصحية المحتجزين بشكل غير قانوني، ووقف إساءة المعاملة والظروف المروعة لجميع الفلسطينيين المحتجزين”.
الإهانة وإساءة المعاملة والتعذيب
أفاد جميع عمال الرعاية الصحية الذين قابلناهم أنهم تعرضوا للإذلال وإساءة المعاملة والتعذيب، بما في ذلك التجريد من الملابس والضرب، والوضعيات المؤلمة لفترات طويلة، والتقييد شبه المستمر، وعصب العينين. قال البعض إنهم تعرضوا للتهديد بالعنف الجنسي وباستخدام كلاب الهجوم.
الانتهاكات أثناء الترحيل والاحتجاز
أفاد جميع الرجال الثمانية بأنهم أُجبِروا على خلع ملابسهم علنا فور احتجازهم، والبقاء راكعين لفترات طويلة، معرضين للبرد، وفي أوقات مختلفة طوال فترة احتجازهم. تُظهر الصور والفيديوهات التي نشرها الجنود الإسرائيليون على الإنترنت، والتي تحققت منها “رويترز”، محتجزين فلسطينيين عراة أو يرتدون ملابس داخلية. يُعَدّ نشر صور كهذه عبر الإنترنت اعتداء على الكرامة الشخصية، كما تمثل الصور ذات الطابع الجنسي المنشورة شكلا من أشكال العنف الجنسي، ما يُعتبر جرائم حرب.
قال أسامة طشطاش (28 عاما)، وهو طبيب في المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا اعتُقل في أوائل ديسمبر/كانون الأول من منزله الكائن في جوار المستشفى: “أُجبِرنا على خلع ملابسنا في الشارع والبقاء في ملابسنا الداخلية [بوكسر] واحدا تلو الآخر. بقينا على ركبنا لساعة ونصف”. قال إنه خلال تلك الفترة تعرض هو ومحتجزون آخرون للخطر جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة. قال إن الشظايا سقطت عليهم عندما ألقى جنود إسرائيليون قنابل يدوية على المنازل المجاورة وأضرموا فيها النيران.
اعتُقل الدكتور خالد حمودة (43 عاما) صباح يوم 12 ديسمبر/كانون الأول في مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا. تُظهر صورة نشرتها “القناة 12 الإسرائيلية” في وقت متأخر من ذلك المساء، الدكتور حمودة بلا قميص إلى جانب أربعة رجال آخرين عرفهم بأنهم زملاء عاملين في الرعاية الصحية. تُظهر الصورة الرجال يقفون في صف واحد أمام جندي إسرائيلي يحمل لوحة ضوئية تضيء المحتجزين.
قال الدكتور حمودة إنهم صوّروهم، ثم صنّفوهم للإفراج عنهم أو لاحتجازهم. يظهر خلفهم في الصورة مئات الرجال يجلسون في حفرة كبيرة مع 18 جنديا إسرائيليا على الأقل يحرسونهم. حدد تحليل تفصيلي أجراه موقع “تيك جورناليست” الاستقصائي العديد من المحتجزين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، منهم الدكتور حمودة.
الصورة، التي كان أول من حدّد موقعها باحث المصادر المفتوحة “إف دوف” (FDov) على منصة “إكس” ثم أكدتها هيومن رايتس ووتش لاحقا، التُقطت على بعد نصف كيلومتر تقريبا شمال شرق المستشفى. قال الدكتور حمودة إن حوالي 50 عاملا في الرعاية الصحية كانوا يجلسون معا بشكل منفصل عن النازحين داخليا. قال إنه طُلب منه خلع ملابسه والبقاء في ملابسه الداخلية، ثم عُصبت عينيه.
وصف عمال الرعاية الصحية الضرب والإيذاء الجسدي بعد اعتقالهم، بما في ذلك اللكم، والركل بأحذية ذات مقدمة فولاذية صلبة، والصفع، والضرب بأعقاب البنادق على يد الجنود الإسرائيليين.
قال إياد عابد (50 عاما)، وهو جراح في المستشفى الإندونيسي اعتُقل أثناء عملية إخلاء منسقة للمستشفى في نوفمبر/تشرين الثاني:
كنا نتعرض للضرب في كل دقيقة. في جميع أنحاء الجسم، على المناطق الحساسة بين الساقين، والصدر، والظهر. تعرضنا للركل في جميع أنحاء الجسم والوجه. استخدموا الجزء الأمامي من أحذيتهم ذات الطرف المعدني، ثم استخدموا أسلحتهم. كان لديهم ولاعات؛ حاول أحد الجنود إحراقي لكنه أحرق الشخص الذي كان بجانبي. أخبرتهم أنني طبيب، لكنهم لم يهتموا.
قال عابد إنه أصيب بكسر في الضلوع وكسر في العصعص نتيجة الاعتداء الجسدي الذي تعرض له على يد جنود إسرائيليين أثناء اعتقاله واحتجازه، ولم يلتئم بعد مرور شهرين.
قال سائق سيارة إسعاف طلب حجب اسمه إنه أثناء احتجازه مع عشرات الرجال الآخرين في “قفص” معدني كبير بالقرب من السياج الحدودي بين إسرائيل وغزة، رأى الحراس يضربون رجلين حتى الموت بقضبان معدنية، وعرف أحدهما.
وصف جميع عمال الرعاية الصحية سوء المعاملة أثناء ترحيلهم من غزة إلى منشآت الاحتجاز في إسرائيل، بما فيها الضرب، والجلوس المطول في وضعيات مؤلمة مع عصب أعينهم وتقييد أيديهم وأقدامهم، و”تكديسهم فوق بعضهم البعض كالأغنام”، ورشهم برذاذ الفلفل، وحرمانهم من الماء.
الانتهاكات في مرافق الاحتجاز
قال عمال الرعاية الصحية إن السلطات الإسرائيلية تسيء معاملة المحتجزين في مرافق الاحتجاز داخل إسرائيل. قال أربعة إنهم عندما وصلوا إلى مرافق الاحتجاز، أجبرتهم السلطات على ارتداء حفاضات للكبار وحرمتهم من الوصول إلى المراحيض.
نُقل سائق سيارة الإسعاف، الذي احتُجز لخمسة أشهر، في البداية إلى سجن في عسقلان، حيث استجوبه الحراس يوميا لأسبوع، وخلال تلك الفترة كانوا يربطونه على كرسي وهو في ملابسه الداخلية لمدة بين 10 و15 ساعة يوميا في غرفة فيها مكيف هواء شديد القوة. قال إنه تعرض للضرب المبرح وإن الجلوس سبب له ألما شديدا في عموده الفقري. قال إن السلطات حرمته من الوصول إلى المرحاض، وأجبرته على التبول على نفسه، ورفضت تقديم أي طعام أو ماء له. ثم نُقل إلى مركز احتجاز عوفر العسكري في الضفة الغربية المحتلة، حيث ألقى الحراس ليلا الماء البارد عليه وعلى فراشه.
قال المسعف وليد خليلي (36 عاما) إن الجنود عندما أزالوا العصبة عن عينيه في منشأة سدي تيمان، رأى أنه كان في مبنى كبير “يشبه مستودع”، مع سلاسل تتدلى من السقف. كان عشرات المحتجزين يرتدون الحفاضات معلقين من السقف، والسلاسل مربوطة بأصفادهم المعدنية مربعة الشكل. قال إن العاملين في المنشأة علّقوه بعد ذلك بسلسلة، بحيث لا تلامس قدماه الأرض، وألبسوه ثوبا وعصابة رأس مربوطة بالأسلاك، وصعقوه بالكهرباء.
قال طبيبان احتُجزا في سدي تيمان إن محتجزين آخرين جاءوا إليهما طلبا لرعاية الجروح التي ألحقتها بهم السلطات الإسرائيلية. قال أحد الأطباء إنه عندما “رفع المحتجزون قمصانهم، رأيت علامات الانتهاكات والضرب الجسدي”. قال الآخر: “رأيت [رجالا] مصابين بحروق السجائر في أذرعهم، كان الأمر واضحا جدا. كان لدى أحدهم عضة كلب في بطنه”.
قال المحتجزون إنه كعقاب على التحرك أو التحدث، يُجبَر المحتجزون على الوقوف، لساعات في بعض الأحيان، وأيديهم المكبلة مرفوعة فوق رؤوسهم أو مثبتة على سياج. كان بإمكان المحتجزين سماع صراخ محتجزين آخرين وهم يتعرضون للضرب في مكان قريب. قال أحدهم إنه بعد أن طرح سؤالا، أدخل ضابط إسرائيلي أصابعه عبر سياج شبكي، “قال لي أن أصمت وألا أقول كلمة واحدة”، وضغط على أصابع المحتجز إلى الأسفل لعدة دقائق، مما سبب له ألما شديدا، حتى لم يعد المحتجز يشعر بأصابعه.
أفاد ثلاثة من الكوادر الطبية بأن الجنود يستخدمون الكلاب العسكرية لترهيب المحتجزين. قال أحد الأطباء: “كانوا يهددون بإطلاق النار علينا ويبدؤون بتحميل أسلحتهم. كان هذا مرعب. أحضروا كلابا عسكرية. صرختْ، وكانت تلك أسوأ لحظة في حياتي، لأنني كنت لا أزال مقيدا ومعصوب العينين، ولا أرى من أين تأتي الكلاب”. قال طبيب آخر إن الكلاب تُجلب في وقت متأخر ليلا لإيقاظ المحتجزين وإرهابهم.
التهديد بالاعتداءات الجنسية وارتكابها
قال ثلاثة من الكوادر الطبية إن السلطات الإسرائيلية هددتهم بالاعتداء الجنسي. قال خضر أبو ندى (30 عاما)، ممرض في مستشفى بيت حانون شمال غزة، إنه عندما نفى أي انتماء لحماس أثناء استجوابه الأول في قاعدة عسكرية في غزة، هدده القائد باغتصابه “بعصا كهربائية”. عندما استمر أبو ندى في إنكار أي انتماء لحماس، ضربه الجنود حتى نزف من أنفه ويديه وفمه.
قال أبو ندى إن القائد سأله بعد ذلك عن مكان والدته وهدد بإحضارها من الحاجز الذي اعتقل فيه وتجريدها من ملابسها أمام الجميع. قال: “عندما سمعت هذا، تحطمت نفسيا. شعرت بالذل”. قال إنه تعرض للتهديد بالاغتصاب مرة أخرى قبل إطلاق سراحه.
قال مُسعف محتجز نُقل إلى سجن النقب بعد 20 يوما في سدي تيمان، إنه تم إحضار رجل كان “ينزف من مؤخرته” بشكل واضح ووضعوه بجانبه. قال الرجل للمسعف إنه قبل احتجازه، “تناوب ثلاثة جنود على اغتصابه بـ’ إم 16‘(M16) [بندقية هجومية]. لم يكن أحد آخر يعرف، لكنه أخبرني لأنني مسعف. كان مرعوبا”. بالإضافة إلى ذلك، قال طبيب إنه أثناء احتجازه في قاعدة عسكرية “قال له أحد المحتجزين في أواخر الثلاثينيات من عمره، وهو يبكي بشدة… إنه تعرض لاعتداء جنسي أثناء التفتيش العاري”.
الظروف القاسية واللاإنسانية والمهينة
وصف جميع عمال الرعاية الصحية الظروف المروعة في الاحتجاز. قال الجراح عابد إن الطعام كان “فظيعا” وغير كاف، وإنه فقد 22 كيلوغرام من وزنه خلال شهر ونصف في الاحتجاز. كانت المراحيض “غير صالحة حتى للحيوانات”. كانت الفرش والبطانيات رقيقة، وكانت الليالي الباردة “لا تُطاق”. في الزنزانات، لم تكن مياه المراحيض والشرب متاحة إلا لساعة واحدة في اليوم، مع رائحة كريهة تنبعث من المراحيض غير القابلة للتصريف. قال عابد: “أعطونا كيسا للقمامة. وكنا نملأه بالماء ونشرب منه فيما بعد. كانت الرائحة كريهة، لكن لم يكن أمامنا خيار آخر”.
قال الطبيب خالد حمودة، الذي أمره الجنود بتوزيع الطعام على المحتجزين، إنه بالنسبة لوجبات المحتجزين في سدي تيمان، “أفرغ الجنود علب التونة في كيس قمامة وأعطوني إياه [الكيس]. ذات مرة رأيت جنديا يبصق في الكيس. كان عديد من [المحتجزين] يتضورون جوعا وأخبروني أنهم جائعون”. قال ممرض محتجز في عناتوت: “نحصل على وجبتين [في اليوم]. كان طعاما فظيعا. كنت أشرب الماء فقط، ولم تكن هناك فواكه، ولا حتى تفاح. قدّموا لنا الطعام فقط لنتمكن من البقاء على قيد الحياة طوال اليوم”.
قال المسعف خليلي إنه في وقت ما أثناء احتجازه في سدي تيمان، وصل طاقم إخباري إسرائيلي، وأخبره أحد المحتجزين الذي يفهم العبرية أن مسؤول السجن أخبر الصحفيين، كذبا، أن المحتجزين كانوا أعضاء في وحدة تابعة للجناح المسلح لحركة حماس المسؤول عن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. قال المسعف إن الجنود أحضروا في اليوم التالي طعاما ووضعوه أمام المحتجزين، وأمروهم بعدم تناوله، والتقطوا صورا، ثم أخذوا الطعام.
التكبيل لفترات طويلة وعصب العينين
قال عمال الرعاية الصحية إنهم كانوا مقيدين بالأصفاد بشكل شبه مستمر طوال فترة احتجازهم. قالوا إن السلطات الإسرائيلية تجاهلت كثيرا المحتجزين الذين اشتكوا من ضيق أصفادهم أو شُدّت أصفادهم عقابا لهم على الشكوى. في رسالة عامة، كتب طبيب إسرائيلي يعمل في المستشفى الميداني العسكري في سدي تيمان أنه في أسبوع واحد، “بُترت ساقا سجينين بسبب إصابات من الأصفاد، وهو للأسف حدث متكرر”.
قال الممرض أبو ندى إنه اعُتقل عند دوار الكويتي في غزة يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني أثناء إجلائه من الشمال مع عائلته. أمره الجنود بخلع ملابسه، وكبلوه وعصبوا عينيه، ثم أخذوه للتحقيق. قال إن التحقيق الأول انتهى بلكمة من قائد عسكري إسرائيلي على وجهه، وركله في جميع أنحاء جسده، ثم أمر جنديا آخر بتضييق أصفاده وسحبه إلى حقل مفتوح، حيث انتظر على ركبتيه لمدة ساعة.
قال أبو ندى: “كان معصماي يؤلماني كثيرا، كما لو أنهما مشلولان أو مخدران. بكيت كثيرا، ولم أتمكن من تحمل الألم”. عندما طلب من أحد الجنود أن يُرخي أصفاده، قال إن الجندي ركل رأسه مرارا. قال أبو ندى: “قلت له: اقتلني، لم أعد أستطيع التحمل، اقتلني وخلص”. تجاهله الجنود الإسرائيليون أو ضربوه ردا على طلباته المتعددة بترخية أصفاد يديه.
قال أبو ندى إن لون معصميه صار أسودا فيما بعد، وخشى أن تؤدي سوء معاملته إلى ضرر دائم. قال: “ما زلت أشعر بالألم في يدي. يداي ضعيفتان، وليس لدي قوة لأمسك أو أحمل أي شيء. أيضا، لا يزال هناك ألم يمتد من كتفي إلى أطراف أصابعي. لديّ آلام شديدة في الرقبة بسبب الضغط على رأسي عندما استمروا في دفع رؤوسنا إلى الأسفل”.
أفادت منظمة “أطباء لحقوق الإنسان – إسرائيل”، أن التقييد الجسدي لفترة طويلة يسبب ألما شديدا ويمكن أن يؤدي إلى تلف دائم في الأعصاب يعطل استخدام اليدين، وفي الحالات القصوى يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
أبلغ جميع عمال الرعاية الصحية أيضا عن عصب أعينهم لفترة طويلة وشبه مستمرة. حسب أطباء لحقوق الإنسان – إسرائيل، “يمكن لعصب العينين، حتى مع الاستخدام قصير المدى، أن يسبب الهلوسة البصرية لدى الأفراد الأصحاء. على مدى فترات طويلة، يمكن أن يتسبب الاستخدام المطول لعصابات العينين في ظهور اضطرابات القلق، والاكتئاب، وتعاطي المخدرات، واضطراب ما بعد الصدمة على المدى المتوسط إلى الطويل”.
الإهمال الطبي
وصف عمال الرعاية الصحية الإهمال الطبي رغم طلبات المحتجزين العديدة والحاجة الواضحة والعاجلة للعلاج من الحالات الصحية الموجودة مسبقا، أو من الإصابات التي لحقت بهم أثناء الأعمال القتالية في غزة أو من الانتهاكات أثناء الاحتجاز.
قال ممرض في مستشفى العودة شمال غزة طلب حجب اسمه، إنه أصيب في 21 نوفمبر/تشرين الثاني عندما أصابت غارة جوية إسرائيلية المستشفى الذي يعمل فيه. خضع لعملية جراحية طارئة في مستشفى العودة لتثبيت الأصابع المكسورة والوتر الممزق في يده اليمنى، والتي وُضعت بعد ذلك في جبيرة، ولُفّ الجرح المفتوح في يده اليسرى بالشاش.
في اليوم التالي، غادر الممرض المستشفى في سيارة إسعاف مع 15 شخصا آخر، بمن فيهم مرضى ومرافقوهم وموظفون في المستشفى، في عملية إخلاء نظمها “الصليب الأحمر” و “أطباء بلا حدود”. قال الممرض: “شارك المستشفى رقم لوحة السيارة وبطاقات الهوية والأسماء [مع الجيش الإسرائيلي]، وتمت الموافقة على كل شيء”.
بعد وقت قصير من مغادرتهم، أوقف الجنود الإسرائيليون عند دوار الكويتي سيارة الإسعاف وأمروا جميع الركاب بالخروج. أخِذ الممرض وطبيب آخر جانبا وأمِرا بخلع ملابسهما. قال الممرض: “كانت على يدي اليمنى جبيرة وتيتانيوم [زرعات]؛ لم أستطع استخدامها. لم أستطع حتى التبول وحدي. ساعدني الطبيب المحتجز معي في خلع ملابسي وحتى حذائي”.
نُقل الممرض، وهو مقيد ومعصوب العينين، إلى قاعدة عناتوت العسكرية. قال إنه عند استقباله في السجن، قدم الجنود رجلا على أنه طبيب فحص جروحه، لكنه لم يفعل أي شيء آخر. قال الممرض إنه رغم الطلبات المتكررة، لم تُغيّر الضمادات إلا في اليوم الثالث أو الرابع من اعتقاله فقط، ونادرا بعد ذلك. قال الممرض: “غيّروا فقط الشاش على الإصابات – لا فحوصات ولا دواء مناسب، لا شيء. كان الجلد مفتوحا في إصابتي، [لكن لم يتم إعطائي] أي شيء لعلاج البكتيريا المحتملة”. قال نصر الله أيضا إنه بعد أسبوع من الاحتجاز أطلِق سراحه واحتاج إلى عملية جراحية لعلاج البواسير بسبب الجلوس المستمر والركل أثناء الاحتجاز.
قال الدكتور حمودة إنه أثناء احتجازه في سدي تيمان أواخر ديسمبر/كانون الأول، رأى محتجزا آخر يفترض أن لديه “صدمة من الضرب، وكنت خائفا من أنه سيموت”. أبلغ السلطات التي قالت إنهم مسعفون – ولم ير طبيبا إسرائيليا في المنشأة أبدا، و”التقطوا صورا [للإصابات] وأرسلوها إلى شخص ما. ثم أخبرهم جندي بالتوقف، وألا يقدموا مزيدا من الرعاية الطبية”. قال إنه عندما أخبر الجنود عن الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طبية، كانوا يردون عليه قائلين إنهم لا يهتمون إذا ماتوا.
قال الدكتور حمودة إنه في أحد أيام ديسمبر/كانون الأول، أحضر الجنود خمسة أطباء محتجزين، من بينهم الدكتور عدنان البرش، رئيس قسم جراحة العظام في مستشفى الشفاء في غزة، والذي أعلنت سلطات السجون الإسرائيلية وفاته في سجن عوفر في أبريل/نيسان. قال الدكتور حمودة: “كان الدكتور عدنان يتألم من الضرب. تمت معاقبته أيضا. كانت لديه إصابة شديدة واضحة، وكان يعاني من صعوبة في التنفس. ما حدث له حدث للكثيرين. هناك إهمال طبي واضح”.
أصيب الدكتور أسامة طشطاش (28 عاما)، بحمى شديدة بعد أسبوع من احتجازه فيما اعتقد أنه سجن النقب، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح له باستشارة الطبيب أو حتى إعطائه مسكنا للألم. قال: “طلبوا مني فقط أن أشرب الماء”.
قال المُسعف خليلي إنه أصيب بكسر في الضلوع وإصابة في الرئة نتيجة الضرب، لكنه لم يتلق أي علاج طبي في سدي تيمان. قال إنه رأى محتجزا يموت بسبب ما يعتقد أنه سكتة قلبية. عندما أحضر جندي طبيبا أكد وفاة المحتجز، صرخ المحتجزون “الله أكبر”، فداهمت وحدة خاصة إسرائيلية مكلفة بمداهمة السجون المكان بعنف.
ذكرت هآرتس في مارس/آذار أن تشريح جثث الفلسطينيين الذين ماتوا في مرافق الاحتجاز الإسرائيلية أشار إلى الإهمال الطبي وعلامات الاعتداء الجسدي، بما فيه الكدمات وكسور العظام. وثّق تقرير صادر عن أطباء لحقوق الإنسان إسرائيل العلاج دون موافقة، والجراحة دون طبيب تخدير، والتدخل السياسي في القرارات الطبية في مرافق الاحتجاز.
في رسالة إلى مسؤولين إسرائيليين كبار، وصف طبيب إسرائيلي في مستشفى سدي تيمان الميداني الممارسات التي تعرض صحة المحتجزين للخطر، بما فيه الافتقار إلى طاقم طبي مدرب، وإعادة المرضى إلى مركز الاحتجاز بعد ساعة واحدة فقط من المراقبة بعد “عمليات [جراحية] خطيرة”، وفقا لـ هآرتس.
تنصّ المادة 91 من “اتفاقية جنيف الرابعة” على أن تضم المرافق التي تحتجز المدنيين “عیادة مناسبة، یشرف علیھا طبیب مؤھل ویحصل فیھا المعتقلون على ما یحتاجونه من رعایة طبیة وكذلك على نظام غذائي مناسب”. بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ينبغي أن تكون الرعاية الطبية للمحتجزين معادلة على الأقل لتلك المتاحة لعامة السكان. تنتهك ظروف الاحتجاز الحالية قانون المقاتلين غير الشرعيين الإسرائيلي، الذي ينص على حق المحتجزين في العلاج الطبي، والظروف الصحية، وترتيبات النوم الصحية والكريمة، وممارسة التمارين الرياضية اليومية في الخارج.
استخدام السجناء كموظفين
قال اثنان من عمال الرعاية الصحية المحتجزين في مرافق مختلفة إن القادة العسكريين الإسرائيليين كلفوهما بالعمل كموظفين أو شاويش، وهو مصطلح عامي باللغة العربية يعني “مُستخدم” أو “مرؤوس”. قال الرجال إن الأشخاص المكلفين بمهمة الشاويش، والذين يعملون كوسيط بين الحراس والمحتجزين، هم المحتجزون الوحيدون الذين لا تُعصب أعينهم باستمرار، رغم أن أيديهم كانت تبقى مكبلة. أعد الرجلان الطعام ووزعاه، وساعدا المحتجزين على تناول الطعام أو استخدام المرحاض، وتنظيف الغرف، ونقل المحتجزين إلى الاستجواب، وتوفير الرعاية الطبية الأساسية.
قال مبلغون عن الانتهاكات تحدثوا إلى “سي إن إن” إن السلطات الإسرائيلية عينت المحتجزين كشاويش فقط بعد أن تم تبرئتهم من صلاتهم المشتبه بها بحماس، وبالتالي لم يكن لديها سبب لاحتجازهم. في تصريح إلى سي إن إن، نفى الجيش الإسرائيلي احتجاز أشخاص دون داع.
قال الطبيب حمودة إن الجنود في سدي تيمان طلبوا منه أن يعمل كشاويش لأنه يتحدث الإنغليزية، محذرين: “إذا فعلت أي شيء، سنُعاقبك بشكل أسوأ من البقية”. لم يُستجوب إلا مرة واحدة، لمدة 10 دقائق تقريبا، في اليوم العاشر من احتجازه، ثم أطلِق سراحه دون تهمة بعد 22 يوما.
قال الممرض أبو ندى إن السلطات في قاعدة عناتوت العسكرية طلبت منه العمل كشاويش. في اليوم الخامس من احتجازه، أخبره جندي يتحدث اللغة العربية أنه إذا أراد محاميا، يتعين عليه تقديم رقم هاتف المحامي، وهو ما لم يستطع فعله. قال إن الجندي قال له: “لم نجد شيئا يُدينك. لكننا سنواصل التحقيق”. أطلِق سراحه دون توجيه اتهامات إليه بعد حوالي ثمانية أيام، في 1 ديسمبر/كانون الأول.
بعد إزالة العصابة عن عينيه، رأى الطبيب حمودة ما بين 10 إلى 20 محتجزا لديهم حالات طبية في سدي تيمان، وكان بعضهم بحاجة إلى رعاية طبية فورية. قال حمودة: “ألقوا عليّ [الجنود] هذه المسؤولية، لكنهم [تركوني] دون المعدات والمرافق الطبية المناسبة. شعرت بالرعب من أن البعض سيموت. […] أخبرني الشاويش الذي كان قبلي [قبل إطلاق سراحه] أن ثلاثة محتجزين ماتوا أثناء وجوده”.
رافق أبو ندى محتجزين مكبلين ومعصوبي الأعين من “المستودع” إلى غرفةالتحقيق. قال: “طوال الطريق إلى التحقيق، كان الجنود يركلون ويعتدون على [المحتجزين]. كنت أبكي عند نقلهم، لأنني أنا من أوصلهم إلى هذا العذاب. طلب مني الجنود أن أدير وجهي حتى لا أنظر بينما استمروا في ركل وضرب المحتجزين.