حقيقة التعديل الوزاري الروسي الأخير وأسبابه
وسائل الإعلام العالمية تراقب عن كثب التعديل الوزاري الأخير في روسيا
أحمد مصطفى يكتب
أثار التعديل الوزاري الروسي، الذي أدى إلى استبدال وزير الدفاع سيرجي شويجو الذي خدم لفترة طويلة، بدميتري بيلوسوف، تكهنات حول دوره المستقبلي وأسباب استبداله. وتعرض شويغو، الذي أشرف على العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا وسوريا منذ عام 2012، لانتقادات بسبب مزاعم عن عدم رضاه عن الرئيس فلاديمير بوتين وتحضيره لمنصب أعلى. ويُنظر إلى بيلوسوف، وهو تكنوقراطي مخضرم يتمتع بخبرة في التنمية الاقتصادية وعلاقات وثيقة مع مجتمع الأعمال الروسي، على أنه تحول نحو تركيز اقتصادي أكبر في الجيش الروسي. ولم يصدر الكرملين سوى القليل من المعلومات الرسمية حول أسباب التعديل الوزاري، لكنه ذكر أن خبرة بيلوسوف في إدارة المشاريع واسعة النطاق وعلاقاته الدولية ستفيد قطاع الدفاع.
وطرحت وسائل الإعلام الدولية وجهات نظر متباينة حول التعديل الوزاري، حيث اعتبره البعض علامة على عدم الاستقرار داخل القيادة الروسية، بينما اعتبره آخرون تعديلا ضروريا في ضوء العمليات العسكرية الروسية المستمرة. ولم يتحدد بعد تأثير التعديل الوزاري على سياسة روسيا الخارجية وإستراتيجيتها العسكرية، ومن المرجح أن يراقب الكرملين الوضع عن كثب وأن يجري المزيد من التعديلات حسب الحاجة.
إن التعديل الوزاري الأخير الذي أجراه بوتين سوف يحدث فرقاً في مستقبل روسيا
مع دخول فلاديمير بوتن السنوات الأخيرة من حياته السياسية، يلوح في الأفق سؤال كبير حول ماذا قد يحدث لروسيا بعد تقاعده. وقد قام بوتين، الذي ظل في السلطة لأكثر من عقدين من الزمن، مؤخراً باتخاذ خطوات لإعادة تشكيل حكومته فيما يعتبره الكثيرون جهداً استراتيجياً لتأمين إرثه والحفاظ على السيطرة على البلاد حتى بعد تنحيه.
إن التعديل الذي أجراه بوتن في المناصب الرئيسية داخل الحكومة والأجهزة الأمنية يشكل إشارة واضحة إلى أنه يخطط لمستقبل روسيا خارج نطاق حكمه. ومن خلال تعيين الموالين للدولة والوطنيين في مناصب رئيسية، يضمن بوتن استمرار الوطنية حتى بعد رحيله عن منصبه. وتشكل هذه الخطوة المحسوبة سمة من سمات أسلوب قيادة بوتن، الذي اتسم بالتركيز القوي على السلطة والسيطرة المركزية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن النظر إلى التعديل الوزاري الذي أجراه بوتين على أنه استجابة لمطالب البلاد والعصر الحالي. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم، يعمل بوتين على تعزيز قاعدة سلطته للحفاظ على الاستقرار ومنع أي تهديدات للأمن الاقتصادي والسياسي للبلاد. ومن خلال إحاطة نفسه بالوطنيين، يبعث بوتن برسالة واضحة مفادها أنه لن يتسامح مع أي تحديات تواجه بلاده.
بوتين وبيلوسوف: أيديولوجيات مماثلة وأهداف مشتركة
حظي أندريه بيلوسوف، وزير الدفاع الروسي الجديد، بالإشادة لتشابهه مع الرئيس فلاديمير بوتين. كلاهما لديه بدايات متواضعة، وتخرجا من جامعات مرموقة، وخدما في الجيش، وحصل بيلوسوف على وسام الشجاعة. فكل منهما يشترك في إيمان قوي بالسيادة الروسية والحاجة إلى قوة عسكرية قوية، وينظر إلى الغرب باعتباره تهديداً لمصالح روسيا. ومن المتوقع أن يواصل بيلوسوف سياسة روسيا التوسعية الجيوسياسية والتحديث العسكري، مع التركيز على تعزيز القدرات العسكرية الروسية، وتأمين الحدود، وتنويع الاقتصاد، وتقليل اعتماد روسيا على صادرات الطاقة.
ويرتبط بوتين وبيلوسوف بعلاقة شخصية ومهنية وثيقة، حيث يعمل بيلوسوف كمستشار اقتصادي لبوتين منذ عام 2013. ومن المعروف أن بيلوسوف معروف بولائه واستعداده لتنفيذ أوامر بوتين دون أدنى شك. ويؤكد تعيين بيلوسوف وزيراً للدفاع على استمرارية سياسات بوتين، وقد تؤدي أجندته المتشددة في مجال الدفاع والسياسة الخارجية إلى زيادة التوترات مع الغرب واستمرار المنافسة الجيوسياسية.
تعيين شويغو أميناً عاماً لمجلس الأمن الروسي لتعزيز الخبرة السياسية
عين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الدفاع سيرجي شويجو أمينا عاما جديدا لمجلس الأمن الروسي، وهي خطوة استراتيجية لتعزيز القيادة السياسية والخبرة داخل المجلس. يتمتع شويغو، البالغ من العمر 66 عامًا، بمسيرة مهنية متميزة في كل من السياسة والجيش، حيث عمل كمسؤول بناء ورئيسًا لفيلق الإنقاذ الروسي. ويمثل تعيينه تحولا في النفوذ السياسي للجيش، حيث لعب دورا رئيسيا في ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 وكان له تأثير في التدخل العسكري الروسي في سوريا.
مجلس الأمن، وهو هيئة استشارية رفيعة المستوى توجه الرئيس بشأن سياسة الأمن القومي، يرأسه الرئيس نفسه ويضم رئيس الوزراء ورؤساء وكالات الاستخبارات الرئيسية وغيرهم من كبار المسؤولين. ومع تعيين شويغو، يكتسب المجلس لاعبًا سياسيًا ذا خبرة يتمتع بفهم عميق لقدرات روسيا العسكرية وتحديات السياسة الخارجية. ويشير بعض المحللين إلى أن قرار بوتين بتعيين شويغو في هذا المنصب القوي يعد خطوة استراتيجية لتعزيز قبضته على السلطة.
وربما يكون لتعيين شويجو آثار على السياسة الخارجية لروسيا، حيث كان مدافعا صريحا عن جيش روسي قوي ودعم جهود الكرملين لفرض نفسه على الساحة الدولية.
استقالة بوتين المحتملة وتوقعات بشأن القيادة في روسيا
قد يستقيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل نهاية فترة ولايته الحالية، مما يثير تكهنات حول دوافعه وتداعياته على الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومن بين الخلفاء المحتملين سيرغي شويغو، وزير الدفاع، وأندريه بيلوسوف، النائب الأول لرئيس الوزراء. وتشمل دوافع بوتين المحتملة عمره، ورغبته في الاحتفاظ بالسلطة، والحرب المستمرة في أوكرانيا مع الناتو. وإذا استقال، فمن المرجح أن يؤيد خليفة له من داخل دائرته الداخلية.
ويشغل شويغو، الحليف المقرب من بوتين، منصب وزير الدفاع منذ عام 2012 ويُنظر إليه على أنه زعيم قوي ومقتدر. ومع ذلك، فهو يفتقر إلى الخبرة في الحكومة المدنية وتم تعيينه في المنصب السياسي كأمين عام لمجلس الأمن الروسي، الذي يرأسه بوتين. وبيلوسوف، وهو تكنوقراطي يتمتع بسجل حافل في الإدارة الاقتصادية، هو النائب الأول الحالي لرئيس الوزراء ولعب دورًا رئيسيًا في استجابة الحكومة للأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
وإذا لم يستقيل بوتين قبل نهاية فترة ولايته، فسيكون مؤهلاً للترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024. ومع ذلك، إذا تنحى، فسيفتح الباب أمام مرشحين آخرين للمنافسة. شويجو وبيلوسوف منافسان قويان، لكن آخرين قد يترشحون أيضًا، بما في ذلك ديمتري ميدفيديف، الرئيس السابق وشريك بوتين منذ فترة طويلة. وقد يؤدي غياب بوتين عن السباق إلى مزيد من عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بالانتخابات الرئاسية وزيادة المنافسة بين المرشحين.
وفي الختام،،،،
لقد اجتذب التعديل الوزاري في روسيا اهتماما وثيقا من وسائل الإعلام العالمية. يحمل استبدال سيرغي شويغو بدميتري بيلوسوف آثاراً كبيرة على سياسة روسيا الدفاعية وعلاقاتها الدولية. وترجع تصرفات بوتين إلى تصميمه على ضمان الاستقرار حتى بعد تقاعده. إن أوجه التشابه بين بوتين وبيلوسوف لافتة للنظر، حيث أن تعيين بيلوسوف يعزز رؤية بوتين لدولة قوية مستعدة لتأكيد نفوذها العالمي. وفي حين يتوقع بعض المحللين أن بيلوسوف قد يجلب البراغماتية والخبرة الاقتصادية إلى دوره، فمن الواضح أنه سيظل مؤيدا مخلصا لأجندة بوتين. إن تعيين سيرجي شويجو أميناً عاماً لمجلس الأمن الروسي يعمل على تعزيز الخبرة السياسية للمجلس ونفوذه، وبالتالي تشكيل أجندة السياسة الخارجية للكرملين في السنوات المقبلة. وكانت الشائعات التي أحاطت باستقالة بوتن المحتملة قد أثارت تساؤلات حول مستقبل القيادة الروسية، ولا شك أن نتائج الانتخابات الرئاسية سوف تخلف تأثيراً كبيراً على السياسات الداخلية والخارجية للبلاد لسنوات قادمة.