رأىسلايدر

الذكرى 13 لـ ثورة ٢٥ يناير في مصر

استمع الي المقالة

أحمد مصطفى يكتب

باختصار كانت الثورة المصرية العظيمة ٢٥ يناير ٢٠١١ ثورة اقتصادية اجتماعية في المقام الأول، خصوصا كان المطلب الأول “عيش” ثم “الحرية” ثم العدالة الإجتماعية. لأن ما خلفته فترة مبارك، على مدار ثلاثين عاما، جعلت هناك خللا اجتماعيا كبيرا في المنظومة الاجتماعية المصرية “طبقة تمثل ٥ % من الأوليغارشية” تضم رجال الأعمال واللجنة العليا للسياسات في الحزب الوطني المنحل، والتي كان يترأسها (جمال مبارك). ورغبة حسني مبارك وزوجته سوزان ثابت في توريثه الحكم في مصر، خصوصا بعد التعديلات الهزلية الدستورية في ٢٠٠٧.

التقت رغبة الجيش ورغبة الشعب في رفض توريث (جمال مبارك)، والذي كان يمثل الرأسمالية المستشرية، وما ورائها من إجماع واشنطن ولندن. حيث لم يخدم جمال في الجيش المصري – فلم يستطع مبارك تقديم حلولا في أيامه الأخيرة تلبي مطالب الشعب، وعجز في حل مشكلة (الدعم) الذي كانت تتلقاه الطبقة الأوليغارشية مثلها مثل الطبقة المتوسطة والفقيرة.

بالإضافة إلى الفساد والوساطة الذي شاع، وأخل بمنظومة العدالة الاجتماعية وحتى الآن، خصوصا في اختيار من لا يستحق في وظائف حكومية معينة وشركات معينة، لا لشيء إلا لقربه من اهل الثقة في لجنة السياسات للحزب المنحل.

كان هناك بعض جمعيات المجتمع المدني وبعض المنابر الإعلامية (الفضائيات) للأسف التي استفادت من هذه الفترة مثلها للاسف مثل بعض الجمعيات الحقوقية في روسيا والفضائيات الروسية، والتي تلعب فقط على الحقوق السياسية والمدنية. ولم تهتم جمعيات المجتمع المدني ولا هذا الإعلام المغرض بالحقوق الأخرى، وهي لا تقل أهمية مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية. فلم نر عددا من هذه الجمعيات يقدم حلولا بديلة للازمة الإقتصادية، وكيف يمكن حلها بشكل قابل للتطبيق، أو لأزمات اجتماعية وثقافية.

ولكن المشكلة الأخرى، هي أن الدول التي كانت تقدم دعما للمجتمع المدني في العالم (الإتحاد الأوروبي وأمريكا وكندا) كانت أجندتها فقط هي الحقوق السياسية والمدنية، وكأن الحقوق الأخرى ليس لها أي أهمية. فضعف الدور الحقيقي للمجتمع المدني سواء في مصر أو روسيا بسبب العامل الخارجي أيضا.

وبسبب أن كان بعضها مجرد واجهة أو دخل في إتفاق مع النظام، وخصوصا لو كانت جمعيات قوية ومؤثرة ومن يديرها من الصفوة. وتركت الجمعيات والإعلام دورهما الحقيقي المتمثل في تكملة أدوار الحكومة ورفع الوعي. وباتت أقرب لدور الحزب السياسي عن المجتمع المدني، لأن ممارسة الحقوق السياسية هي مهمة الحزب السياسي وليس المجتمع المدني.

وإذا رجعنا لأزمة نافالني في روسيا ومن أيدوه – وقد سألت عددا منهم – ما هو البرنامج الاقتصادي البديل لـ نافالني، والذي يمكن من خلاله رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للشعب والشباب الروسي، الذي يلتف بعضهم حوله، في وقت أزمة جائحة كورونا والتي عجز الغرب حتى عن تقديم أي حلول لها؟ وقد ذكرني النظام البنكي مؤخرا وحلوله الآنية (المبتورة) بكساد ٢٠٠٨، وأنه في النهاية سيدفع المواطن الفاتورة كالعادة، أين أنت يا (نافلني) من هذه المعضلة، وأين المجتمع المدني والإعلام عالميا من هذه المعضلة؟

وأكرر هذا السؤال ونحن قد انتهينا من المنتدى الاقتصادي العالمي بـ (دافوس – سويسرا) منذ عدة أيام، وخصوصا بعد سماعي لشهادة بعض الخبراء الغربيين، فلم اجد منهم أيضا الجديد، خصوصا ان الغرب حاليا في حالة عدم يقين ومعاناة، والوضع الاقتصادي غير جيد، وهنا اتكلم عن ما يسمى القوى الأولى اقتصاديا أمثال ألمانيا وأمريكا وبريطانيا؟ وكذلك دخول أمريكا وحلفائها الفشلة في حروب جديدة بشكل مباشر وغير مباشر في غزة واليمن. وفي كل مرة من بعد حرب أوكرانيا (روسيا في مواجهة الناتو) يتضح مدى ضعف الغرب وكذبه وأنه مجرد أقوال لا أفعال – فلا حقوق انسان – ولا ديموقراطية – ولا عدالة – مع ازدواجية معايير كبيرة عدا فقط المواطن الأشقر ذو العيون الملونة.

في النهاية، هل سنثق مرة أخرى بالنظام المصرفي العالمي، وخطط البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والذين عجزوا عن حل مشاكل العالم اقتصاديا وكانوا أداة للغرب لإخضاع الدول؟ وما هو دور المجتمع المدني والإعلام في مصر وروسيا والنشطاء في هذا الصدد؟ ما هو النموذج التمويلي العالمي الجديد الذي يجب أن يسود العالم حاليا في ظل الأزمة الطاحنة؟ أم سنسمح مرة أخرى بالتسهيل الكمي بطبع النقود ونظام (دعه يمر) الذي خرب الاقتصاد العالمي؟ هل ستتحمل الشعوب مرة اخرى خطايا النيوليبرالية المتوحشة والتي تعجز عن حل مشاكلها؟ هل لا زلنا سنتمسك بالكلمات الشيطانية لآدم سميث فيما يتعلق بـ (الفردية وحرية السوق) – ام يحتاج العالم للعمل الجماعي وضبط السوق كما ذكر (الاشتراكيون)؟

والحكم لكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى