مصر رسميا عضو في مجموعة البريكس بلس اعتبارا من يناير 2024
بقلم: د. أحمد مصطفى
وقد حظي استعداد مصر للانضمام إلى البريكس بلس بالاهتمام بسبب موقعها الجغرافي وشراكاتها الاستراتيجية وقاعدتها الاقتصادية القوية. ومع اقتصاد متنوع وسريع النمو، وسياسات مالية قوية، وقطاع خاص نابض بالحياة، تعد مصر مركزا تجاريا رئيسيا يربط بين أفريقيا وأوروبا وآسيا. إن بنيتها التحتية المتطورة، وخاصة في مجالي النقل والطاقة، تجعلها وجهة جذابة للاستثمار وتعزز دورها المحتمل في تعزيز التجارة الإقليمية والعالمية.
شراكات مصر الاستراتيجية مع الصين وروسيا؛ مع وصول حجم التجارة بين مصر والصين إلى أكثر من 15 مليار دولار في عام 2024، وتجاوز الاستثمار الروسي في قطاعي الطاقة والنقل في مصر 6 مليارات دولار؛ سوف تعزز مكانتها كعضو في البريكس بلس. إن مشاركة مصر النشطة في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي في أفريقيا تجعلها لاعباً رئيسياً في تنمية القارة الأفريقية. كما عززت الإصلاحات السياسية والاقتصادية الأخيرة، مثل برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح الذي أطلقته الحكومة ومشاريع البنية التحتية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، قضيتها للانضمام إلى مجموعة البريكس بلس.
الإيجابيات والسلبيات التي قد تواجه مصر فيما يتعلق بالحصول على البريكس بلس
أثار ضم مصر لمجموعة البريكس بلس في عام 2024 جدلاً بين المحللين السياسيين والاقتصاديين. ويمكن لمصر أن تحصل على فوائد مثل الوصول إلى سوق أكبر وزيادة الفرص التجارية مع الدول الأخرى داخل التحالف، مثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وهذا يمكن أن يحفز الاقتصاد المصري ويؤدي إلى مزيد من النمو الاقتصادي والازدهار. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحالف مع القوى العالمية الناشئة يمكن أن يعزز قوة مصر السياسية ونفوذها على المسرح العالمي.
وباعتبارها عضوًا في مجموعة البريكس بلس، سيكون لمصر دور أكبر في القرارات الدولية ويمكنها تشكيل تحالفات استراتيجية في مجالات مثل الدفاع والأمن. ومع ذلك، هناك تحديات وعيوب محتملة، بما في ذلك تضارب المصالح والقيم المحتمل بين مصر والدول الأعضاء الأخرى، وعملية التكامل المعقدة والطويلة، والتحديات المحلية المحتملة، والتحول في التركيز والأولويات بالنسبة لمصر. وهذا يمكن أن يؤدي إلى توتر العلاقات مع الدول الأخرى، وخاصة تلك الموجودة في العالم العربي.
هل ستؤدي زيادة الدولار الأمريكي إلى تسريع إندماج مصر في مجموعة البريكس بلس؟
أثار ارتفاع الدولار الأمريكي في مصر جدلاً حول ما إذا كانت ستعمل على تسريع توافقها مع مجموعة البريكس بلس. وترتفع قيمة الدولار الأمريكي في مصر بسبب عوامل مثل استقرار الاقتصاد المصري وسياسات البنك المركزي المصري. اكتسبت مجموعة البريكس بلس قوة جذب في المجتمع الدولي بسبب قدرتها على تحدي النظام الاقتصادي العالمي التقليدي الذي تهيمن عليه الدول الغربية.
وقد أثرت زيادة قيمة الدولار الأمريكي بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري من خلال زيادة الاحتياطيات الأجنبية وتحسين الميزان التجاري. ومع ذلك، فإنه ينطوي أيضًا على مخاطر، لأن الاعتماد القوي على عملة واحدة يمكن أن يترك الدولة عرضة للصدمات الخارجية وتقلبات السوق العالمية. تمثل مصر بديلاً جذابًا مع مجموعة البريكس بلس، حيث تقدم مجموعة متنوعة من العملات، وفرصًا للنمو الاقتصادي، والتعاون مع الاقتصادات الناشئة. وتعززت العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول البريكس، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لمصر.
ومع ذلك، سيتعين على مصر التغلب على تحديات مثل الاعتماد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، خاصة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، الأمر الذي يمكن أن يخلق توترات سياسية إذا كانت تتماشى بشكل كامل مع مجموعة البريكس بلس. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال البريكس بلس مفهومًا جديدًا نسبيًا، كما أن نجاحها في تحدي النظام الاقتصادي العالمي المهيمن لم يتحقق بالكامل بعد.
سوف يسهل الجنيه المصري الرقمي الشراكة مع البريكس بلس
أصبحت دول البريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، قوة اقتصادية عالمية كبيرة، حيث تمثل ما يقرب من ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومع ذلك، فإن العملات الاحتياطية التقليدية مثل الدولار واليورو أعاقت مشاركتها الكاملة مع بعضها البعض. ومن الممكن أن يلعب الجنيه المصري الرقمي دورًا مهمًا في هذا الصدد بالنسبة لمصر.
باعتبارها عملة رقمية، فهي توفر معاملات مالية أسرع وأرخص وأكثر كفاءة مقارنة بالعملات التقليدية. وهذا من شأنه أن يفيد الشركات والأفراد المشاركين في الأنشطة التجارية والاستثمارية، مما يلغي الحاجة إلى التبادلات المكلفة. يوفر الجنيه المصري الرقمي، المدعوم من البنك المركزي المصري والمرتبط بالجنيه المصري، قيمة مستقرة وموثوقة، وهو أمر مهم بشكل خاص للاقتصادات النامية مثل دول البريكس.
ويمكنه أيضًا تسهيل قدر أكبر من التكامل المالي داخل كتلة البريكس، وتقليل الحواجز التجارية والاستثمارية، وتشجيع الإقراض والاقتراض عبر الحدود، وتعزيز المعاملات بين دول البريكس مثل التحويلات المالية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجنيه المصري الرقمي أن يجذب اهتمام الاقتصادات الناشئة الأخرى، مثل دول البريكس بلس، من خلال توفير الاستقرار والكفاءة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى توسيع نطاق وتأثير الجنيه المصري الرقمي، وتعزيز المزيد من التعاون الاقتصادي والتكامل بين شبكة أوسع من الاقتصادات الناشئة.
جدير بالذكر ان الجنيه الرقمي المصري سيتم اصداره في الشهور القادمة ما بعد اتفاق البنك المركزي المصري مع المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) كخطوة على سبيل التحول الرقمي في مصر.
شدد السفير والمستشار التجاري الروسي على دور مصر في مجموعة البريكس بلس والشراكة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي
من خلال الندوة التي تم تنظيمها بالقاهرة يوم 17 ديسمبر 2023 تحت عنوان “الشراكة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومصر” ومن خلال مقابلاتي مع كل من السفير الروسي السيد جورجي بوريسينكو والمستشار التجاري الروسي السيد أليكسي تيفانيان إلى القاهرة، وشددوا على ما يلي:
روسيا جادة في تطوير التجارة الثنائية مع مصر تحت مظلة البريكس بلس، حيث أن روسيا ممثل للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ويأتي ذلك من خلال تنويع العملات وعدم الاعتماد على الدولار. وكذلك استخدام العملات المحلية في التعاملات التجارية مع بداية العام الجديد 2024 بين البلدين بما يخدم مصالح البلدين ويتجنب التعرض لأي عقوبات اقتصادية. كما نوه سيادته بأهمية إنشاء منطقة تجارة حرة في مصر مع روسيا وزيادة حجم التبادل التجاري هذا العام إلى ما يقدر بـ 7.2 مليار دولار، مقارنة بالعام السابق عندما وصل إلى ما يقرب من 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى توطين الصناعات الروسية في مصر
وذكر السيد تيفانيان أن الرئيس بوتين وقع على وثيقة المفهوم الجديد لتطوير العلاقات مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة مع مصر تحت مظلة مجموعة البريكس بلس. ويجب أن نستفيد من موارد مصر الطبيعية وبنيتها التحتية ولوجستياتها غير المتوفرة في الدول المجاورة، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي.
وسيكون لمشروع المنطقة الصناعية الروسية في مصر دور مهم، حيث تم التوقيع على البروتوكول الإضافي لتفعيله عام 2024، حيث سيبدأ تنفيذه وبنائه بعد تصديق البرلمان المصري على اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.
ويمكن استخدام نظامي المقاصة والمقايضة بين البلدين لتجنب هيمنة الدولار، وكذلك عدم الضغط على الاقتصاد المصري من خلال توفير العملة الصعبة. وتخطط بورصة موسكو لإطلاق التداول بالجنيه المصري في عام 2024، وسيتم ذلك بالطبع بعد رقمنته.
كما اقترح الجانب الروسي انضمام البنوك المصرية إلى نظام التحويلات النقدية الروسي، وكذلك قبول البنك المركزي المصري التعامل ببطاقات “مير الائتمانية الروسية” التي تعمل في عشر دول، والتي ستجلب العديد من السائحين الروس إلى مصر، بل ستعمل على تسهيل الأمور الأخرى بين الجانبين، بما يخدم تنشيط الاقتصاد المصري عبر البريكس بلس.
وأخيرًا، دخلت استثمارات روسيا والاتحاد الأوراسي في مشاريع مجدية داخل مصر، بما في ذلك تحديث البنية التحتية والخدمات اللوجستية ومشاريع الطاقة أيضًا. وكان التعاون الأكبر في هذا المجال في محطة الضبعة النووية قيد الإنشاء، والتي تنفذها شركة الطاقة الروسية العملاقة “السادة. روساتوم”.
وفي الختام، ومن المقرر أن تنضم مصر إلى مجموعة البريكس بلس في عام 2024، بناءً على أسسها الاقتصادية القوية وشراكاتها الاستراتيجية ودورها في تعزيز التكامل الإقليمي في أفريقيا. وباعتبارها واحدة من أكبر الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة في العالم، فإن الانضمام إلى البريكس بلس يوفر فوائد اقتصادية وسياسية، ويعزز تمثيل التحالف، ويعزز نفوذه العالمي. ومع ذلك، فإن احتمال الانضمام إلى البريكس بلس يأتي مع تحديات، بما في ذلك الارتفاع الأخير للدولار الأمريكي في مصر، والذي أثار مناقشات حول توافقها المحتمل مع البريكس بلس. ولا يزال قرار التوافق مع النظام النقدي لمجموعة البريكس بلس غير مؤكد، حيث من المحتمل أن يلعب الجنيه المصري الرقمي دورًا حاسمًا في تسهيل المشاركة مع كتلة البريكس في الاقتصاد العالمي.