منتدى البريكس الدولي للابتكار موسكو 27-29 الجارى
بقلم: أحمـــــــد مـــصطفى
رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة
بداية – يتوجه مركز آسيا للدراسات والترجمة لوكالة المبادرات الاستراتيجية في روسيا بخالص الشكر والامتنان على الثقة الغالية والتوقيع مع هذه الوكالة الكبيرة التابعة للرئاسة الروسية على مذكرة تفاهم مع مركز آسيا كوكيل حصري لهذه الوكالة الكبيرة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
حيث التقيت بمدير الوكالة السيد/ ميخائيل مكاروف رئيس الوكالة وكذلك مساعدته الآنسة/ أنستازيا دبروفسكايا في الاسكندرية امس الجمعة الموافق 25 أغسطس 2023، أثناء قدومهم من قمة البريكس الخامسة عشر بجوهانسبرج في مصر للترانزيت لمدة يومين. حيث قد تقابلنا كما هو متفق عليه لتوقيع هذه المذكرة.
يرجع الفضل في هذا التعاون إلى منتدى قازان الاقتصادي روسيا والعالم الاسلامي حيث إلتقيت بالسيدة/ جوليا فاليولينا – إحدى المديرات بالوكالة، وكذلك السيد/ اليكسي “ساشا” من انشط الشباب في هذه الوكالة واللذان نسقا هذا اللقاء.
والوكالة لها الفضل في إضطلاعي على العديد من الفعاليات الكبيرة في روسيا التي تتعلق بالتعاون الدولي والابتكار والتحول الرقمي والابداع، وكان لها الفضل في مشاركتي كمتحدث من مصر في أهم جلسات منتدى روسيا افريقيا مؤخرا في سان بطرسبرج في ساحة الابتكار والذكاء الصناعي، حيث ادار السيد/ مكاروف هذه الجلسة المميزة واعجب كثيرا بمحتوي ما قدمت ومن احصائيات وعن افضل آفاق التعاون الروسي الافريقي في المستقبل.
وواحدة من هذه الفعاليات الكبرى منتدى بريكس الدولي للإبداع موسكو 27-29 أغسطس 2023 – فبينما الناس والصحافة ركزت على قمة بريكس بـ جوهانسبرج السياسية. وقد أعطى البعض آراءا سلبية في بداية عقد هذه الدورة الهامة لعدم الخبرة أو فقط للفت النظر دون علم مسبق. إلا ان هؤلاء قد فوجئوا في النهاية بقبول عضوية 6 دول منهم (مصر) الحبيبة.
وكما توقعنا أيضا كباحثين (إيران – السعودية – الإمارات – الأرجنتين – إثيوبيا) برغم رغبتنا بلحاق الجزائر ضمن المقبولين. إلى ان منتدى الابداع له اهمية خاصة وسيحضره ممثلين من ثلاثين دولة (رجال اعمال، مثقفين، أكاديمببن، طلاب دراسات عليا، وأصحاب مشروعات واعدة، ومبتكرين، ومبدعين) 4000 شخصية بقيمة سوقية قدرت بحوالي 1.5 تريلليون دولار بحلول 2025.
أهمية قمة موسكو 2023
تعد قمم الابتكار لمجموعة البريكس بمثابة منصات قوية لدفع الابتكار وتعزيز التعاون العلمي وتعزيز النمو الاقتصادي بين الدول الأعضاء. توفر قمة موسكو 2023 فرصة للمشاركين للاستفادة من براعة روسيا التكنولوجية والمساهمة في تشكيل مستقبل الابتكار. ويهدف الحدث إلى تعزيز التعاون بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا في مجال الابتكار من خلال تعزيز مبادرات البحث والتطوير المشتركة، وتبادل أفضل الممارسات، وخلق سبل جديدة للتجارة والاستثمار.
ويهدف منتدى البريكس الدولي للابتكار 2023 إلى تعزيز تبادل الأفكار والمعرفة بين الدول الأعضاء، وتعزيز ثقافة الابتكار التي تتجاوز الحدود الجغرافية، وعرض أحدث الأبحاث والتقدم التكنولوجي داخل دول البريكس، وتعميق التكامل والتعاون في مختلف المجالات، بما في ذلك التصنيع المتقدم والتقنيات الرقمية والتنمية المستدامة.
لا يمكن المبالغة في تقدير التأثير المحتمل لمنتدى البريكس الدولي للابتكار 2023. ومن خلال الجمع بين عقول ومواهب هذه الاقتصادات الناشئة، يتمتع المنتدى بالقدرة على إطلاق العنان للابتكارات الرائدة التي تعالج التحديات العالمية الملحة مثل تغير المناخ، والرعاية الصحية، وعدم المساواة في الدخل، وقضايا التمويل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذا الحدث تسهيل نقل التكنولوجيا وتعزيز النمو الشامل، مما يساعد البلدان الأعضاء على القفز إلى العصر الرقمي.
يمكن أن يؤدي التواصل مع محترفين من خلفيات متنوعة إلى اتصالات قيمة وتعاون بحثي محتمل وآفاق وظيفية مستقبلية. إن المشاركة في المناقشات وورش العمل مع العلماء المشهورين عالميًا وقادة الصناعة يمكن أن تعزز فهمنا لاتجاهات الابتكار العالمية وتعرضنا لوجهات نظر جديدة.
قمة موسكو 2023 والابتكار المالي
ويهدف منتدى البريكس الدولي للابتكار، المقرر عقده في عام 2023، إلى تعزيز التعاون الدولي في قطاع التكنولوجيا المالية ودفع الابتكار ومواجهة التحديات وتعزيز النمو الاقتصادي بين دول البريكس. ومع وجود أكثر من 40% من سكان العالم وجزء كبير من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن اتحاد البريكس ملتزم بتشجيع الابتكار من خلال المنتدى. ويوفر المنتدى منصة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات والتعاون في مختلف المجالات، مع التركيز على التكنولوجيا المالية.
تتمثل الأهداف الرئيسية لمنتدى البريكس الدولي للابتكار في تعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين الأعضاء، وتسريع الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية. وتجلب كل دولة من دول البريكس نقاط قوتها الفريدة، مثل خدمات تكنولوجيا المعلومات وخبرة التجارة الإلكترونية، لتسهيل تطوير حلول التكنولوجيا المالية الرائدة. يمكن معالجة التحديات مثل خصوصية البيانات والأمن السيبراني والمخاوف التنظيمية من خلال مناقشات هادفة ومشاركة أفضل الممارسات التنظيمية.
تتمتع التكنولوجيا المالية بالقدرة على دفع النمو الاقتصادي من خلال إضفاء الطابع الديمقراطي على الخدمات المالية، وخاصة في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات. يمكن لدول البريكس أن تستفيد من خبرات بعضها البعض لتوسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل السكان الذين لم يكن لديهم حسابات مصرفية أو كانوا لا يملكون حسابات مصرفية في السابق. ومن الممكن أن تعمل الجهود التعاونية في مجال التكنولوجيا المالية على تمكين المعاملات السلسة عبر الحدود، وتعزيز الوصول إلى الائتمان، وتشجيع ريادة الأعمال، ورفع الاقتصاد الإجمالي لدول البريكس.
قمة موسكو والتحول الرقمي
وقد شهدت دول البريكس، بما في ذلك البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، نمواً سريعاً في سوق التحول الرقمي لديها. ويبلغ عدد سكان هذه البلدان مجتمعة ما يقرب من ثلاثة مليارات نسمة، وتوفر سوقا واسعة للمنتجات والخدمات الرقمية. ومن المتوقع أن تتجاوز القيمة السوقية لصناعة التحول الرقمي في مجموعة البريكس 1.5 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2025. وقد أحدثت الصين، الرائدة عالميا في التحول الرقمي، ثورة في العديد من الصناعات، بما في ذلك التمويل وتجارة التجزئة والنقل. وأصبحت الشركات الصينية مثل علي بابا، وتينسينت، وبايدو، عمالقة عالميين، وقادرة على دفع النمو الاقتصادي.
أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع جهود التحول الرقمي في دول البريكس، مع إدراك أهمية الرقمنة في ضمان استمرارية الأعمال، والعمل عن بعد، والوصول السلس إلى الخدمات الأساسية. ونفذت الحكومات والشركات حلولاً رقمية للتغلب على التحديات التي فرضها الوباء، مما أدى إلى زيادة نمو سوق التحول الرقمي.
يبدو مستقبل سوق التحول الرقمي في دول البريكس واعدًا، مع استمرار الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والبحث والتطوير واكتساب المواهب. وستعمل التقنيات الناشئة، مثل الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل، على توسيع السوق بشكل أكبر. إن الجهود التعاونية بين دول البريكس، مثل تبادل أفضل الممارسات، والبحوث المشتركة، وتبادل المعرفة، من شأنها أن تزيد من تعزيز قدراتها وتعزيز الابتكار. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات في الطريق إلى سوق التحول الرقمي الناضج بالكامل في دول البريكس، مثل خصوصية البيانات والأمن السيبراني والأطر التنظيمية. ويعد سد الفجوة الرقمية داخل هذه البلدان وفيما بينها أمرا بالغ الأهمية لضمان النمو الشامل والوصول العادل إلى الفرص الرقمية.
وفي الختام، يعد منتدى البريكس الدولي للابتكار موسكو 2023 منصة مهمة لتعزيز التعاون والتقدم التكنولوجي بين الدول الأعضاء. والمشاركة في هذا الحدث يمكن أن توسع الآفاق الفكرية، وتوفر فرص التواصل، والمساهمة في الخطاب العالمي حول الابتكار والتطوير. ومن خلال الاستفادة من الخبرات المشتركة للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، يستطيع المنتدى تعزيز النمو المسؤول في مجال التكنولوجيا المالية والمساهمة في الرخاء الاقتصادي المشترك. حيث شهدت صناعة التحول الرقمي في دول البريكس نموًا ملحوظًا بسبب التقدم التكنولوجي ومحو الأمية الرقمية وتغلغل الإنترنت. ويبدو مستقبل هذا السوق واعداً حيث تستثمر البلدان في البنية التحتية الرقمية، وتشجع الابتكار، وتتعاون لتعزيز قدراتها الرقمية. ومما لا شك فيه أن القوة التحويلية للتكنولوجيا سوف تشكل المشهد الاقتصادي لهذه البلدان، مما يمهد الطريق لمستقبل مزدهر.