بقلم المستشار/ حسام الدين خليل
المحامي بالنقض
لابد أن نعلم ماذا تعني جملة الحيازة في المنقول سند الملكية… القاعدة العامة تقول : أن من حاز شيئا منقولا (وهو لا مالك له) بنية تملكه ، يتملكه في الحال عن طريق الاستيلاء، ومن الفقهاء من قال أيضا: أن المنقول المملوك يمكن تملكه بالتقادم الطويل شأنه في ذلك شأن العقار.
وتُعرف الحيازة بأنها ممارسة سلطة فعلية على شيء وأن تستند السلطة على حق ، كما عرفت بأنها ممارسة الشخص سلطة فعلية على شيء بصفته مالكا أو صاحب حق عيني عليه ، سواء يملك الحق الذي يمارسه أو لا يملكه – والخلاصة :- أن الحيازة واقعة يرتب القانون عليها الآثار.
وقد نصت المادة(1145/1) من القانون المدني بأن (الحيازة وضع مادي به يسيطر الشخص بنفسه أو بالواسطة سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه أو يستعمل بالفعل حقا من الحقوق).
ونصت أيضا المادة (976/1) من القانون المدني: بأن من حاز منقولا بسبب صحيح وتوافرت لديه حسن النية وقت حيازته يصبح مالكا له.
ولكن لكي تتحقق الحيازة لابد من توافر شروط وضوابط بدونها لا يستقيم تحققها طبقا للقانون ونعرض ماهى الشروط الواجب توافرها للحيازة:
1- أن تكون الحيازة مستمرة وغير منقطعة.
2- أن تكون الحيازة غير مشوبة بعيب الإكراه…والإكراه معناه هو الذي يصدر من الحائز بالاستيلاء بطرق غير مشروعة على الشيء أو التهديد بالقوة والإكراه.
3- أن تكون الحيازة ظاهرة غير مشوبة بعيب الخفاء ، فإذا لم تكن الحيازة ظاهرة وعلنية فهي تكون مشوبة بعيب الخفاء ، والخفاء يتحقق في المنقولات لسهولة إخفائها أما في العقارات فلا يمكن أن تكون الحيازة خفية.
4- أن تكون الحيازة واضحة وغير مشوبة بعيب اللبس أو الغموض أي مما لا يحتمل الشك أو التأويل أو التفسير.
5- أن تكون الحيازة قانونية أي يتوافر معها الركن المادي والمعنوي وكافة الشروط السابق ذكرها لتكتسب القوة القانونية.
وقد وردت المادة (971) من التقنين المدني بأن الحيازة في ذاتها قرينة على وجود السبب الصحيح وحسن النية ، ما لم يقم دليل على عكس ذلك – كما نصت المادة (972) (فقره/1) بأنه يجوز لمالك المنقول أو السند لحامله أو لصاحب الحق العيني عليه ، إذا فقده أو سرق منه ، أن يسترده ممن يكون حائزا له بسبب صحيح وحسن نية وذلك خلال ثلاث سنوات من وقت الفقد أو السرقة ، فإذا كان الحائز قد اشترى الشيء في سوق أو مزاد علني أو ممن يتجر في مثله، فله أن يطلب ممن يسترده أن يعجل له الثمن الذي دفعه.
ولما تقدم وطبقا لصحيح القانون لابد أن نعلم بأن حيازة المنقول لكي تصبح سند الملكية ولما أقرته المذكرة الإيضاحية بنص المادة (976) من القانون المدني وضعت ضوابط للمنقول بالحيازة كالتالي:
1- أن يكون الشيء منقولا أو حقا عينيا على منقول كرهن حيازة أو سند لحامله وهو منقول معنوي تجسد فأخذ حكم المنقول المادي.
2- أن تكون هناك حيازة مقترنة بحسن النية.
3- أن تستند الحيازة إلى سبب صحيح والسبب الصحيح يفرض هنا بخلاف السبب الصحيح في التقادم، ومجرد الحيازة إذن يفرض معها حسن النية والسبب الصحيح حتي يقوم الدليل العكسي”( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون ج 6 ص 514).
وطبقا لما استقرت عليه محكمة النقض في الطعن رقم 56 لسنة 21 قضائية مكتب فني (5) صفحة 482 بتاريخ 4/2/1954 (فقرة 1) “لما كانت الحيازة في المنقول دليلا على الملكية فإن ثمة قرينة قانونية تقوم لمصلحة الحائز من مجرد النية إلا إذا ثبت عكس ذلك، وإذن فمتى كان الثابت أن المنقولات المتنازع عليها كانت في حيازة زوجة الطاعن قبل وفاتها عن طريق الهبة وظلت في منزل الزوجية إلى أن وقع عليها الحجز من المطعون عليه الأول كانا لحق المطعون فيه إذ قضي بعدم أحقية الطاعن في نصيبه من هذه المنقولات أقام قضاءه على أنها مملوكة للمطعون عليه الأول لأنه شرط الاحتفاظ بملكيتها حتى يوفي إليه ثمنها كاملا وأن له أن يستردها تحت يد كائن من كان دون أن يعتد بقرينة الحيازة التي ثبت توافرها لمورثة الطاعن قبل وفاتها فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون” (الطعن 56 لسنة 21ق جلسة 4/2/1954).
وختاما…أن الغرض من قاعدة حيازة المنقول سند الملكية هو حماية واضع اليد الحسن النية من دعوى الاسترداد التي يرفعها عليه المالك وذلك لتحقيق الثقة والاستقرار الواجبين في التعامل وتوطيد الأمان والثقة في المعاملات .
والجدير بالذكر أن نطاق تطبيق قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية ينحصر في المنقولات المادية التي تجوز حيازتها ويمكن تداولها من يد دون حاجة إلى إتباع إجراءات ، وكذلك في السندات لحاملها ، لان الحق الذي يعبر عنه السند يندمج في السند نفسه ويتداول معه كأنه منقول ذو قيمة مالية ويترتب على ذلك هذه القاعدة لا تسري على ما يسمى بالمنقولات المعنوية كالمصنفات الفكرية مثلا والمخترعات أو السندات التي لا تنتقل ملكيتها إلا بطريق التحول ، ولا تسري هذه القاعدة على المنقولات المخصصة للنفع العام كالأسلحة والمهمات الحربية والآثار والكتب التي تحتويها المكتبات العامة لان الأموال العامة لا تصلح محلا للحيازة ، فإذا كان الأصل أن قاعدة الحيازة في المنقول تسري على المنقولات المادية فانه يستثنى من ذلك المنقولات التي يشترط القانون فيها إجراءات شكلية معينة كالسيارات والسفن الخ… فنظام تسجيلها وقيدها بسجلات معينة كفيلة بإمكانية التحقق من مالكها الحقيقي ولا يتحقق معها قاعدة الحيازة في المنقول وكذا المنقولات التي يتلقاها الحائز باعتبارها تابعة لعقار كما لو اشترى الحائز منزلا بما فيه من أثاث فلا يكون له الحق بالتمسك بقاعدة الحيازة وادعاء تملك الأثاث بمقتضى هذه القاعدة في مواجهه مالكها الحقيقي ما لم يكن قد تملك العقار بالتقادم الخماسي مشغولا بالمنقولات ، لان المنقولات هنا تتبع العقار في مصيره.
والله الموفق…