رأى

الصدمة!

استمع الي المقالة

بقلم: محمد السنباطي

اعتقد أن أصعب ما يمكن أن نواجهه في حياتنا هو ألم الفقدان وتحديدا فقدان شخص عزيز علينا إلى الأبد، هذه المواجهة التي تترك ندبة كبيرة بأرواحنا يصعب علاجها ، تلك المواجهة التي تعد تحديا يصعب على الكثير التعامل معه واجتيازه، وذلك بسبب المشاعر المختلطة التي ترافق إحساسنا بالخسارة.

أري أن الحزن هو تجربة فريدة من نوعها، فلا حزن يشبه الآخر، ولا تجربة وداع تشبه الأخرى، ومع اختلاف التجارب وتكرارها نمر بمراحل مختلفة، قد لا تنطبق علينا جميعا وقد لا نمر بها بنفس الترتيب، أولها الانكار مرورا بالألم والحزن نهاية بالتقبل.

الإنكار

هنا لا نقصد الإنكار بمعناه الحرفي بل يعني أنك لا تصدق حقيقة فقدانك لعزيزك ، فيكون رد فعلك في البداية هو الصدمة مربوطة بالشلل، عقلك يرفض معالجة الحدث ، عندها يساعدك الإنكار تلقائيا في تسيير مشاعرك، يبعدك عن الألم ويمنحك لحظات من الأمل الزائف

الألم

تبدأ هذه المرحلة بالشعور بالغضب قد يكون غضبك من ذلك العزيز الذي غادرك دون إخبارك أو من انشغالك و أنك أضعت وقتا كان بوسعك قضاؤه مع من فقدت سيدهشك فكرة أنك ما زلت حيا بعدما حدث، ولم يبتلعك الفراغ الذي خلفه من رحل. إلا أن الغضب لا يأتي منفردا، بل معه حزن كبير ومعه إحساس بالوحدة لم تشعر بها من قبل.

الحزن

نشعر أن هذه المرحلة ستصبح رفيقة ما تبقي من رحلتنا إلا أن الحزن هنا يعتبر هو “الاستجابة الطبيعية” لخسارتنا الفادحة، فننسحب من الحياة، يأتي الصباح، ويحل الليل، وتنعدم رغبتك في النهوض من السرير والقيام بأبسط مهامك اليومية.

التقبل

هذه المرحلة هي مرحلة تقبل حقيقة الرحيل والتعايش معها. لن نعثر على بديل، ولن يملأ مكانه أحد. لن تعجبنا هذه الحقيقة، لكننا نقبلها في نهاية المطاف، إنه العادي الجديد الذي نتعلم العيش معه.

والسؤال: وماذا بعد؟

أولا: ليس هناك فترة محددة للحزن

اعتقد أننا لن نتألم للأبد، لكننا أيضا لن ننسى من فقدنا أبدا.

ثانيا: الحزن رد فعل طبيعي

الحزن بعد الخسارة ليس حالة شاذة، وهو شعور له خصوصيته، ليس حالة تحتاج للتقويم أو للهرب منها. فالحزن في حد ذاته هو عملية تدريجية للتعافي.

ثالثا: البكاء

الدموع هي إحدى وسائل التعبير عن مشاعرنا، وإحدى وسائل التعافي إلا أننا نسعى في بعض الأوقات بإرادتنا لأن نعطل هذه العملية، فنقاومها ونوقفها ظنا أنها قوة منا، قد يداهمك البكاء دون سابق إنذار بعد مرور وقت على خسارتك، تظن فيه أنك تعافيت. ربما تسخر وتستنكر هذه الدموع دون أن تدرك أنها في الحقيقة تعبير عن فداحة الخسارة.

 رابعا: عبر بطريقتك

ساعد نفسك في التعافي عن طريق استغلال موهبتك، فيمكن أن تحول خليط المشاعر المتضارب بداخلك إلى كلمات أو رسمة أو … افعل ما تجيد فعله وأخرج هذا المخزون من داخلك سيساعدك هذا على معالجة حزنك واستيعابه.

ختاما .. يجب أن نذكر أنفسنا ونحن في طريقنا للتعافي أن علينا أن نتقبل خسارتنا، أن نفهم ونتقبل الألم من تلك الخسارة، أن نحاول أن نتكيف مع الواقع الحالي والحياة الجديدة بدون من فقدنا وأن نؤمن تماما أننا قادرون على المضي قدما بعد تلك الخسارة فالله سبحانه وتعالي قال لنا “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى