رأىسلايدر

زلزال!

استمع الي المقالة

بقلم: د.سلوى جودة

لم تستوعب لحظتها من هذه التي تجرها من يدها بقوة رغم ضألة حجمها لتعبر الطريق وهي المصابة بفوبيا عبور الطريق من صغرها، وتحفزها بصوت عالٍ وبلهجة شامية ” يالا يادكتورة يالا يادكتورة”، يلتفت المارة على صوتها ويرقبون بشغف هذه التي يبدو عليها الرعب وتُجر جراً وهي ترتدي ملابس رسمية وكعوب عالية ومجوهرات ثمينة وسط هذا الزحام الغير مفهوم، من سنوات طويلة لم تَسر في مثل هذا الزحام ، العيون تتساءل ماذا آتى بها إلى هنا..؟!! تصل للرصيف المقابل للجهة التي تريدها مع السيدة الغريبة، عشرات الهواجس والإنفعالات سيطرت عليها، كيف للسائق أن يتركها ويغادر في هذا الليل بدون استئذان ولايرد على اتصالاتها، وهي لا تعرف شئ عن هذه المنطقة في مدينتها الواسعة حد الرعب، ومااسم هذا الشارع ومن كل هؤلاء الملتفين حولها، باعة المناديل والفوانيس والمتسكعين والمتطفلين وعمال الطرق والنظافة وأطفال صغار كثر لا تعرف من أين ظهروا، وماهذا الرصيف العالي ومن دمر أوصاله وكيف يصعد عليه الكبار وإلى ما يرمز؟ تبتسم في داخلها فهي في لقاء اليوم كانت تتحدث عن الترميز، ويمر بخاطرها -وكأنها طبطبة سماوية لطيفة كعادة السماء معها عندما يضيق حيز الصبر- صديقها الذي لمحته وهي تلقي محاضرة اليوم- كان يجلس في الصفوف الخلفية ومن حين لآخر تلقي نظرة عليه. وتبتسم، مازال وسيماً كما رأته أول مره،فرحة رؤيته ستظل عالقة في قلبها طويلاً، يعود إليها الصوت الشامي” ثقي في دكتورة ثقي في” تنتبه إلى الطفلة التي تطلب منها مساعدة ، تدس يدها في حقيبتها، تتذكر تصرف سائقها الاحمق الذي أعطته الموبايل ليصور اللقاء وقبل مغادرته تركه مع راعي القاعة دون أن يخبرها، تترك القاعة للبحث عن السيارة والسائق، يرد بأنه اضطر للمغادرة بالسيارة لأن والده في حاله صحية خطيره وأنه أرسل إليها رسالة نصية بذلك أثناء كلمتها، تنادي عليها في الظلام سيدة من ضيوف اللقاء كانت حريصة على التعرف عليها للحديث عن منتجها الأدبي، تعرض أن توصلها وكان بصحبتها سيدة أخرى، لم تعتاد الركوب مع الغرباء، تتردد ثم توافق، وبداخلها شحنة غضب بدأت صباحاً ، فصل النت اثناء محاضرة الأونلين ولم تكمل المحاضرة، تلطخت البلوزه بأحمر الشفاه وهي تخلعها لتخيط الأزرار التي طارت فجأة بعد ارتدائها، الحذاء غيرته، بدا أكبر من مقاسها مع أنها ارتدته من قبل، تأخر السائق عن الموعد لعذر لم تفهمه وتأخرت عن اللقاء المحدد له السادسه مساءً، هي لاتحب أن تصل متأحرة،الطريق كان مزدحماً والحوادث على طول الطريق، وتتسلل من بين حطام اليوم صورة صديقها الذي صافحته بسرعة وهي تبحث عن السائق، تبتسم ثانية فلقد اشتاقت إليه كثيراً، يعود الصوت الشامي ثانية ” دكتورة وجدت سيارة” تسير معها في نصف انتباهه ،تحدث السائق عن وجهتها الأولى إلى الأتيليه لإستعادة الموبايل والثانية إلى بيتها في الشرق، يبدو متردداً قاطعت حبل تردده بأنها ستعطيه ما يريد وزيادة، يتحمس ويوافق، والصوت الشامي لا يتوقف عن الحديث، كانت تحاول بكل ما فيها من قوة أن تخلصها من الطاقة ثقيلة الظل التي أزعجتها، انتبهت إليها وانطلق سيل الأسئلة الداخلية المستترة ثانية، من هذه السيدة الأولى التي ظهرت لها في الظلام لتعرض توصيلها بحماس ومعها هذه القادمة من دولة أخرى بعيدة لكي تساعدها في انقضاء هذا اليوم؟ وكيف ظهرت لها وما هذا الإصرار على مرافقتها وبهذه الروح الوثابة الحنونة حد البذخ؟ وكيف كانت ستتصرف من دونها وقد بدات بالفعل في فقدان تركيزها من ارهاق اليوم، والأعجب أن وجهتها كانت أيضا إلى الشرق، أوصلتها إلى بيتها ووقفت أمامه حتى أغلق الحارس البوابات وانطلقت إلى وجهتها، وصلت متأخرة عن موعدها وجلست صامته لساعتين حتى نبهتها المساعدة انها لم تتناول غداءها و لم تصل العشاء، وعلى سجادة الصلاة أدمعت كثيراً، وسمعت المساعدة تنادي بفزع :

“دكتورة”.. زلزال!!!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى