الرباط – المحجوب بنسعيد
صدر كتاب جديد للعلامة و الأديب الموريتاني الدكتور محمد المختار ولد أباه بعنوان (رحلة مع الحياة) عن المركز الثقافي للكتاب. ويقع الكتاب في 400 صفحة من الحجم المتوسط. وهو سرد لذكريات المؤلف منذ طفولته في أحضان مواطنه الأصلية في بلاد شنقيط، قبل أن يستقل البلد و يحمل اسم موريتانيا، و ذلك في العشرينيات من القرن الماضي . كما يوثق الكتاب بالمعلومات والصور للمسار المهني والثقافي والفكري والسياسي للمؤلف داخل موريتانيا وخارجها .
وقال المؤلف في مقدمة الكتاب ” في هذه الفصول صفحات من حوادث فرضت نفسها علي ، بعضها يمثل مراحل طبيعية من تطور العمر مضت وبقيت صورها ماثلة في ذاكرتي ، فكان في استعادتها نوع من التقاط ما أخذ الزمان منها ، وبعضها مثل منعطفات كان لها تأثير قوي في مسار حياتي فلم أستطع التخلص منها ” . وفي تعريفه للذكريات أضاف قائلا ” الذكريات أنواع ,ألوان ، فمنها ما يرغب المرء في طمسه ونسيانه ، ومنها ما يعتبره جزءا من كيانه ، فيحرص على استبقائه ويستطيب قراءة صفحاته ، والـتأمل في ماجرياته”.
ومن أبرز المحطات في حياة المؤلف التي تحدث عنها في كتابه هو توظيفه في النظام التعليمي ثم مشاركته في أول حكومة موريتانية مع الرئيس الراحل المختار ولد داده ، و مقامه عدة سنوات في المغرب مع الراحل الأمير فال ولد عمير ، و زعماء مناضلين آخرين ، للعمل السياسي ، وظروف اعتقاله بعد عودته لموريتانيا بسبب مواقفه خلال تلك الفترة ، ومشاركته في إصلاح منظومة التعليم الموريتانية ، وتجربته في البرلمان الموريتاني ، وعمله في منظمة اليونسكو ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ورئاسته للجامعة الإسلامية في النيجر ، وعضويته في مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، و في مؤسسة محمد السادس لعلماء إفريقيا إلى غاية إنشاء جامعة شنقيط المعاصرة، الذي يعتبرة تتويجاً لهذا المسار الوظيفي و الأكاديمي و العلمي .
ومما يلفت الانتباه في هذا الكتاب المعلومات المهمة التي قدمها الدكتور محمد المختار ولد أباه عن علاقته شخصيا بالمغرب بصفة خاصة، وعن العلاقات المغربية الموريتانية بصفة عامة . وفي هذا السياق تحدث المؤلف عن علاقته بالملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني وبعدد من الشخصيات السامية من وزراء وزعماء سياسيين ومفكرين وعلماء وفقهاء ، وعن دراسته الجامعية بالمغرب ، وتعيينه مديرا للإذاعة والتلفزة المغربية في يونيو 1960، وتكليفه بمهمة في الديوان الملكي ، والتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، والتدريس في دار الحديث الحسنية ، وأنشطته في نوادي الرباط العلمية ومنها نادي الجراري الثقافي ، ونادي الصقلي الأدبي ،والمجلس الشرقاوي ، ثم عن انضمامه إلى مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ورئاسة فرعها في نواكشوط في العقد الثاني من الألفية الثالثة . ولم يفت المؤلف الإشارة إلى قضية الصحراء وموقفه المؤيد للوحدة الترابية للمغرب .
كتاب (رحلة مع الحياة) غني بالمعلومات والوقائع عاشها المؤلف وتفاعل فيها مع أحداث محلية و إقليمية ودولية، كما يمثل مادة دسمة للباحثين في التاريخ والعلاقات السياسية والدبلوماسية بين المغرب وموريتانيا .